اخبار لبنان
موقع كل يوم -جنوبية
نشر بتاريخ: ١ نيسان ٢٠٢٥
أنشأت إسرائيل شبكة متنامية من النقاط العسكرية والتحصينات في سوريا ولبنان، مما يزيد من المخاوف بشأن احتلال طويل الأمد في أجزاء من البلدين.
وتقول إسرائيل إنها تسعى لمنع أي هجوم مفاجئ عبر حدودها، مثل هجوم «حماس» المفاجئ في أكتوبر 2023 الذي أشعل حرب غزة. ولم تحدد إسرائيل مدة بقاء قواتها في أراضي جيرانها، حيث تنشط مجموعات معادية لها.
ما القصة؟
وفقًا لتحليل بصري أجرته صحيفة «نيويورك تايمز»، تظهر مؤشرات على أن إسرائيل تستعد للبقاء إلى أجل غير مسمى.
فقد أقام الجيش الإسرائيلي أبراج مراقبة ووحدات سكنية مسبقة الصنع وطرقًا وبُنى تحتية للاتصالات، بحسب سكان محليين والأمم المتحدة. وتُظهر صورة التُقطت في كانون الثاني قرب بلدة «جباتا الخشب» السورية، معدات ثقيلة تعمل على بناء جدار محيط جديد.
ويتركز أكبر وجود مرئي في المنطقة العازلة منزوعة السلاح في سوريا، حيث تمركزت القوات الإسرائيلية وأقامت نقاط تفتيش في أنحاء المنطقة. كما نشرت قواتها خارج هذه المنطقة – التي أُنشئت بعد حرب 1973 – داخل الأراضي السورية، بما في ذلك على تلة تُطل على قرية «كودنة» في محافظة القنيطرة.
وقال «عمر طهّان»، وهو زعيم محلي في كودنة: «يقولون إن الوجود مؤقت، لكن ما يبنونه يوحي بأنهم يخططون للبقاء لفترة طويلة».
وتقول إسرائيل أيضًا إن قواتها ستبقى تحتل خمس مناطق في جنوب لبنان للدفاع عن المستوطنات الإسرائيلية من أي هجوم محتمل.
وقد تعهدت إسرائيل في البداية، كجزء من اتفاق لوقف إطلاق النار تم التوصل إليه في 27 تشرين الثاني الفائت، بالانسحاب من لبنان. لكن تم تمديد هذا الموعد، ويجري البلدان حاليًا مفاوضات إضافية.
وفي موازاة حرب غزة، تقاتل إسرائيل على حدودها الشمالية مع «حزب الله». وبدأ الحزب بإطلاق صواريخ وطائرات مسيّرة على مواقع إسرائيلية بعد فترة قصيرة من هجوم 7 أكتوبر الذي قادته حماس، مما أدى إلى تبادل ناري كثيف ونزوح آلاف السكان اللبنانيين والإسرائيليين على جانبي الحدود.
وفي الصيف الماضي، شنت إسرائيل حملة جوية وبرية ضخمة قتلت كبار قادة «حزب الله» والعديد من مقاتليه. وأسفر الصراع عن مقتل نحو 4,000 شخص في لبنان وإصابة أكثر من 16,000، بحسب إحصاءات وزارة الصحة.
توغل في سوريا
تقول إسرائيل إن وجودها في جنوب سوريا – حيث أقامت ما لا يقل عن تسعة مواقع عسكرية – يهدف إلى حماية التجمعات السكانية في شمال إسرائيل. وقد أعربت عن انعدام ثقتها بالحكومة السورية الجديدة، التي يقودها إسلاميون معارضون أطاحوا بالرئيس بشار الأسد أواخر العام الماضي.
في عام 1973، شنّت سوريا – بمشاركة مصر – هجومًا مفاجئًا باغت إسرائيل. وفي العام التالي، توصلت إسرائيل وسوريا إلى اتفاق وقف إطلاق النار الذي أنشأ منطقة عازلة يمنع على أي من الجيشين التواجد فيها.
لكن بعد سقوط الأسد، اجتاحت القوات الإسرائيلية المنطقة العازلة وما بعدها، ونفذت طائراتها الحربية مئات الغارات على مواقع عسكرية في أنحاء سوريا.
ويؤكد الرئيس السوري المؤقت أحمد الشرع أن بلاده ما زالت ملتزمة باتفاق وقف إطلاق النار لعام 1974، لكن رئيس الوزراء الإسرائيلي «بنيامين نتنياهو» يقول إن «الاتفاق انهار» بسقوط الأسد. ويطالب الآن بـ«نزع السلاح الكامل» من معظم جنوب سوريا «من قوات النظام الجديد».
وفي الشهر الماضي، صرّح وزير الدفاع الإسرائيلي «إيلي كوهين» بأن قوات بلاده مستعدة للبقاء في المنطقة العازلة «لفترة غير محددة». وأضاف أن الجيش ينفّذ عمليات توغل أعمق في جنوب سوريا.
وفي مؤشر آخر على تعزيز السيطرة الإسرائيلية، أعلن كوهين أن حكومته ستبدأ في منح تصاريح عمل لبعض السوريين لدخول الجولان المحتل. وكانت إسرائيل قد احتلت هذه المنطقة من سوريا في حرب 1967 وضمّتها لاحقًا، وأقامت مستوطنات إسرائيلية فيها. ولا تزال معظم دول العالم تعتبرها «أرضًا سورية محتلة».
وقد شوهدت شاحنات إسرائيلية تعمل على طول المنطقة العازلة في الأسابيع الأخيرة. وتُظهر صورة من أوائل يناير معدات بناء تعمل بالقرب من مدينة «القنيطرة». كما تُظهر صور أقمار صناعية من شركة «Planet Labs» التُقطت في 21 يناير موقعًا عسكريًا جديدًا ومنطقة تم تجريفها تبلغ مساحتها نحو 75 فدانًا قرب «جباتا الخشب».
ونشرت القوات الإسرائيلية في مواقع مهجورة، وشيدت تحصينات وأبراج مراقبة خرسانية، بما في ذلك موقع على قمة تلة يُشرف على بلدتي «حضر» السورية و«مجدل شمس» في الجولان.
وفي مناطق أخرى، تعمل مركبات البناء على شق طرق وصول للنقاط العسكرية، وحفر خط دفاعي على طول «خط ألفا» الذي يفصل بين الجولان والمنطقة العازلة. وتقول القوات الإسرائيلية إن مهندسيها يعززون الحاجز الحدودي ضمن جهودها الأمنية.
التمركز في لبنان
في لبنان، أنشأت القوات الإسرائيلية نقاطًا عسكرية في خمس مواقع، رغم الاتفاق المبدئي على الانسحاب في كانون الثاني.
لطالما خشيت إسرائيل من هجوم مفاجئ يشنّه حزب الله من معاقله في جنوب لبنان. وكان من المقرر أن يتولى الجيش اللبناني السيطرة على تلك المناطق بموجب وقف إطلاق النار، وقد بدأ بالفعل الانتشار فيها. ومع ذلك، تواصل إسرائيل قصف الجنوب اللبناني بشكل شبه يومي، متهمة حزب الله بخرق الهدنة.
ولا يزال أكثر من 90,000 لبناني نازحين، لا سيما من قرى حدودية مدمرة حيث تضررت منازل كثيرة.
وتُظهر (صور) الأقمار الصناعية ومقاطع الفيديو أن إسرائيل تبني منشآت عسكرية داخل الأراضي اللبنانية القريبة من الحدود. وتمكّنت صحيفة «نيويورك تايمز» من تحديد مواقع النقاط الخمس.
في أحد المواقع، خارج بلدة «الخيام» شرقًا، تُظهر صور الأقمار الصناعية طريقًا يؤدي إلى مبنى مستطيل الشكل يشبه النقاط العسكرية، بُني هذا العام، وتوجد سيارات وشاحنات داخله. كما تُظهر الصور علمًا إسرائيليًا مرفوعًا في الموقع، وقد تم قطع الأشجار في المنطقة المحيطة مؤخرًا.
كما بُني موقع آخر بين بلدتي «مركبا» و«حولا»، وتُظهر صور الأقمار الصناعية من آذار طريقًا واسعًا جديدًا يؤدي إلى نقطة عسكرية مستطيلة الشكل مع سيارات مركونة داخلها، وتم تنظيف المنطقة من الأنقاض.
وتوجد نقطتان تابعتان لقوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة (اليونيفيل) على مسافة أقل من 400 متر من الموقع الإسرائيلي الجديد. وتُظهر مقاطع (فيديو) راجعتها الصحيفة قوات إسرائيلية تعمل بالقرب من المكان.
وفي موقع آخر على الحدود الجنوبية للبنان مع فلسطين، قرب بلدة «عيترون»، تُظهر صور الأقمار الصناعية بداية إنشاء هيكل مماثل – مستطيل الشكل ومحاط بجدار – على قمة جبل. كما تُظهر الصور أعمال بناء مشابهة على تلة «جبل بلاط» قرب بلدة «مروحين»، تُشرف على مستوطنة «زرعيت» الإسرائيلية.
وتؤكد صور الأقمار الصناعية والصور الميدانية أنه تم وضع كتل خرسانية وأسلاك شائكة جديدة حول هذا الجزء من الجدار الحدودي.
وتُظهر لقطات نشرها مراسل في قناة «المنار» ، وجرى التحقق منها من قِبل «نيويورك تايمز»، قوات إسرائيلية متواجدة في المنطقة بعد الموعد النهائي للانسحاب. ويظهر في أحد المقاطع جندي يرفع علم إسرائيل.
إقرأ/ي أيضا: جبل الشيخ: إسرائيل تعلن تمديد احتلالها.. إشراف على البقاع اللبناني ومنع «تهديد الشرع والحزب»