اخبار لبنان
موقع كل يوم -المرده
نشر بتاريخ: ٨ أيار ٢٠٢٥
تمّ تأجيل الجولة الجديدة من المفاوضات النووية بين الولايات المتحدة وإيران، التي كان مقرّراً عقدها في روما يوم 3 مايو/ أيار 2025، لأسباب لوجستية وفنية وفقاً للتصريحات الرسمية من الجانبين. ومع ذلك، هناك مؤشرات على أنّ التصعيد الأخير للعقوبات الأميركية ضدّ إيران، وخاصة تلك المتعلقة بحظر التعامل مع الدول المستوردة للنفط الإيراني، قد يكون له دور غير مباشر في التأجيل.
أولاً، الأسباب المعلنة للتأجيل:
أشارت إيران وعُمان (الوسيط في المفاوضات) إلى أنّ التأجيل جاء بسبب مشكلات لوجستية، مثل ترتيبات المكان والوقت، دون تفصيل طبيعة هذه الأسباب… في هذا الإطار أكد وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي أن التأجيل لا يعكس تغييراً في التزام إيران بالتفاوض، بل هو إجراء تقني لضمان استعداد أفضل للجولة المقبلة.
ثانياً، التأجيل وارتباطه بتصعيد ترامب ضدّ إيران:
في الأيام السابقة للتأجيل، أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب فرض عقوبات ثانوية على أي دولة أو فرد يشترون النفط الإيراني، مع تحذيرهم بمنعهم من التعامل التجاري مع الولايات المتحدة.
واستهدفت هذه العقوبات شركات صينية ووسطاء في الإمارات وهونغ كونغ، بالإضافة إلى ناقلات نفط إيرانية، وذلك بهدف تصعيد الضغط على الاقتصاد الإيراني.
في المقابل ردّت إيران على هذه الخطوة بالتشكيك في جدية الولايات المتحدة في المفاوضات، واعتبرت أنّ استمرار العقوبات يُضعف الثقة بجدية واشنطن في المفاوضات.
ثالثاً، تأثير العقوبات على المفاوضات:
تُعدّ العقوبات الأميركية جزءاً من سياسة الضغط الأقصى، التي أعاد ترامب تفعيلها في شباط 2025، بهدف خفض صادرات النفط الإيرانية إلى الصفر، ومنع تمويل البرنامج النووي.
من الناحية العملية، قد تؤدّي هذه الإجراءات إلى تعقيد المفاوضات، إذ ترفض إيران عادةً الربط بين الملف النووي وسياساتها الإقليمية أو برنامجها الصاروخي، بينما تصرّ واشنطن على تضمينها في أيّ اتفاق جديد.
رابعاً، سياق أزمة الثقة بين الطرفين:
يعود جزء من التوتر إلى انسحاب ترامب الأحادي من الاتفاق النووي عام 2018، مما خلَّف شكوكاً إيرانية في استدامة أيّ اتفاق جديد. وأشارت إيران مراراً إلى أنّ العقوبات الأميركية تُناقض روح المفاوضات، خاصةً مع استمرارها خلال الجولات السابقة.
خامساً، آفاق المفاوضات:
رغم التأجيل، أعلنت الولايات المتحدة وإيران أنّ المفاوضات السابقة كانت مثمرة، مع تأكيد واشنطن توقع عقد جولة جديدة قريباً.
لكن من المرجح أن يستمرّ التوتر بين سياسة الضغط الأميركية وإصرار إيران على رفع العقوبات كشرط لأيّ تفاهم، مما قد يؤخر التوصل إلى اتفاق نهائي.. ويمكن إدراج كلّ ذلك في إطار سعي كلّ طرف إلى تحسين شروطه في الاتفاق الجديد المتوقع التوصل اليه..
انطلاقاً مما تقدّم يمكن القول إنّ التأجيل ناتج عن مزيج من العوامل اللوجستية المعلنة والضغوط السياسية، حيث تُستخدم العقوبات الأميركية كورقة ضغط لمحاولة دفع إيران إلى تليين مواقفها والتخلي عن بعض ثوابتها المتعلقة تحديداً في الاحتفاظ بحقها في مواصلة تخصيب اليورانيوم بنسبة 3،67 بالمائة، بينما تردّ إيران بالتشكيك في نوايا واشنطن. ومع ذلك، لا تزال الفرصة قائمة لاستئناف المفاوضات، لكنها ستتطلب تجاوز أزمة الثقة العميقة بين الجانبين.. غير انّ حاجة الجانبين لمواصلة التفاوض باعتباره الخيار الأكثر واقعية من الخيارات الأخرى، ترجح التوصل إلى حلحلة وتبريد التوتر واستئناف المفاوضات.. وهو ما أظهرت المؤشرات الأخيرة التي عكستها تصريحات الجانبين عن قرب تحديد جولة جديدة للمفاوضات، حيث أعلن ترامب أوائل هذا الشهر انه “يعتقد بإمكانية التوصل إلى اتفاق قريباً جداً”.