اخبار لبنان
موقع كل يوم -نداء الوطن
نشر بتاريخ: ١٥ أذار ٢٠٢٥
أكد مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان أن لبنان يمرّ بمرحلة دقيقة تتطلب التكاتف والتعاون بين جميع أبنائه، مشدداً على أن وحدة الصف الوطني هي السبيل الوحيد للخروج من الأزمات التي تعصف بالبلاد.
جاءت مواقف المفتي دريان خلال حفل الإفطار السنوي الذي أقامته دار الفتوى بحضور رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون، رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحكومة نواف سلام، بالاضافة الى شخصيات سياسية ودينية واجتماعية بارزة. وشدّد على أهمية الحفاظ على الاستقرار الداخلي والعمل المشترك لمعالجة القضايا الاقتصادية والمعيشية التي تثقل كاهل اللبنانيين.
وقال دريان: 'في هذه الظروف الصعبة، لا بدّ من الحوار البنّاء والتفاهم الوطني لتعزيز مؤسسات الدولة وتمكينها من أداء دورها بعيدًا عن التجاذبات السياسية التي تعرقل مسيرة النهوض'.
كما دعا الجميع إلى الابتعاد عن الخطاب التحريضي والتمسك بالقيم الوطنية الجامعة، مؤكدًا أن دار الفتوى كانت وستظل منبرًا للاعتدال والانفتاح والحوار.
وتطرّق دريان إلى الأوضاع الإقليمية، مشيراً إلى ضرورة دعم القضية الفلسطينية ورفض أي محاولات لتصفية حقوق الشعب الفلسطيني، داعيًا المجتمع الدولي إلى تحمّل مسؤولياته في إنهاء الاحتلال وضمان حق الفلسطينيين في إقامة دولتهم المستقلة.
وختم المفتي دريان كلمته بالدعاء للبنان بالخروج من أزماته وتعزيز السلم الأهلي، متمنياً أن يكون شهر رمضان فرصة لتعزيز القيم الإنسانية والتضامن بين مختلف مكوّنات الوطن.
وهنا النص الكامل لكلمة مفتي الجمهورية في إفطار دار الفتوى:
'بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أنبياء ورسل الله أجمعين ، وعلى سيدنا محمد خاتم الأنبياء والمرسلين ، وعلى آله وصحبه أجمعين.
وبعد :
فَخامَةَ رَئيسِ الجُمهورِيَّة ، العماد جوزاف عون...
دَولةَ رَئيسِ مَجلِسِ النُّوَّاب ، الأستاذ نبيه بِرِّي...
دَولةَ رَئيسِ مَجلِسِ الوُزراء ، الدكتور نَوَّاف سلام...
أَصحَابَ الفَخَامَةِ وَالدَّولَة ، والرُّؤَسَاءِ السَّابِقِين... وَأَصحَابَ الغِبطَةِ وَالسَّمَاحَةِ وَالمَعَالِي وَالسَّعَادَة ، وَالسِّلْكِ الدِّبلومَاسِيِّ والقَضَائيِّ وَالعَسكَرِيِّ والاجتِمَاعِيِّ والأَهْلِيّ.
الحَاضِرُونَ الكِرام :
يَسُرُّنَا وَيُسْعِدُنَا أَنْ نَسْتَقْبِلَكُمْ في دَارِ الفَتوَى، دَارِ المُسلِمِينَ وَاللبنانِيِّينَ جَمِيعاً . فَأَهلاً بِكُمْ يا فَخَامَةَ الرَّئيس ، صَدِيقاً كَرِيماً ، وَرَئيساً نُعَلِّقُ عليه آمالَ الخَلاصِ والأَمْنِ والإستقرارِ وَالمَحَبَّةِ وَالسَّلام.
وَيَسُرُّنَا أنْ نُجَدِّدَ مَعَكُمْ جَمِيعاً الاحْتِفَالَ بِهَذِهِ الليلَةِ الرَّمَضَانِيَّةِ المُبَارَكَة ، وَقَدْ بَارَكَ اللهُ لُبنانَ بِاستِعَادَةِ العَافِيَةِ الوَطَنِيَّة ، التي تُعَزِّزُ سَلامَتَه ، وَتُعْلِي شَأْنَه، وَتُضِيءُ الطَّرِيقَ أَمَامَ دَورِهِ العَرَبِيِّ وَالإِنسَانِيّ ، وَطَناً لِلْمَحَبَّةِ ، وَالعَيشِ الوَطَنِيِّ الوَاحِد . وَهُوَ الدَّورُ الذي يَكُونُ بِه أَو لا يَكُون . الدَّورُ الذي يَجْعَلُ مِنهُ مَنَارَةً مِنْ مَنَارَاتِ الخَيرِ وَالعِلمِ وَالأُخُوَّةِ الوَطَنِيَّة.
وبهذا الدَّورِ أَيُّهَا الأَعِزَّاء ، يَكُونُ لبنانُ ، وَبِهِ نَكُونُ لُبنانِيِّيِن ، وَبِدُونِه نَفْتَقِدُ كَلُبنانِيِّينَ وَعَربَاً مَصدَراً مِنْ مَصَادِرِ الإِشعَاع الحَضَاري ، الذي يُضِيءُ العَتَمَةَ في زَوَايَا عَوَالِمِ التَّخَلُّفِ والتَّعَصُّبِ وَاحتِكَارِ الحَقِيقَة .
فَخَامَةَ الرَّئيس، أَصحَابَ الدَّولَة، الحُضُورُ الأَكَارِم :
مِنْ دِارِ الفَتوَى، اِنْطَلَقَتِ الثَّوَابِتُ الإِسلامِيَّةُ الوَطَنِيَّة ، التي أَكَّدَتْ نِهَائِيَّةَ الوَطَنِ اللُّبْنَانِيِّ لِجَمِيعِ أَبْنَائِه ، وَبِوَحْدَتِهِ وَسِيَادَتِهِ وَعُرُوبَتِه.
وَمِنْ هُنَا أَيضاً ، أَكَّدَتِ القِمَمُ الرُّوحِيَّةُ الإِسْلامِيَّةُ – الإِسْلامِيَّة ، والإِسْلامِيَّةُ – المَسِيحِيَّة ، على أنَّنَا كَلُبْنَانِيِّين ، نَكُونُ مَعاً أَو لا نَكُون . وَلَقَدْ أَثْبَتَ الُّلبْنَانِيُّونَ بِانْتِخَابِكُمْ رَئيساً لِلبِلاد، وَتَشْكِيلِ حُكُومَةٍ وَاعِدَةٍ بِرَئِيسِهَا ، وَمُؤْتَمَناً على الدُّسْتُورِ وَوَثِيقَةِ الطَّائِف ، وَقَيِّماً على الوَحْدَةِ الوَطَنِيَّة ، أَنَّهُمْ يَعرِفُونَ مَاذَا يُرِيدُون ، وَأَنَّهُمْ يَعرِفُونَ كَيفَ يُحْسِنُونَ صُنْعاً .. وَكَيفَ يُحَوِّلُونَ الأَمَانِيَّ إِلى وَقَائِع.
نَعرِفُ أَنَّ قِيَادَةَ سَفِينَةٍ كَانَتْ على وَشْكِ الغَرَق ، لَيسَ أَمْراً سَهْلاً . وَلكن بِحِكْمَةِ العُقَلَاءِ وَفِي طَلِيعَتِهِمْ فَخَامَتُكُمْ، ورئيسَا مَجْلِسِ النُّوَّابِ وَالوُزَرَاء ، وَالشَّخْصِيَّاتُ الُّلبْنَانِيَّةُ الفَاعِلَة ، وَالغَيُورَةُ على مَصْلَحَةِ الوَطَن سيَبْدَأُ في لبنان عَهْدٌ مُشْرِقٌ في الإِنْقَاذِ والإِصْلاحِ ، فَنَحْنُ مَا عَهِدْنَاكَ يَا فَخَامَةَ الرَّئيسْ إِلَّا رَجُلَ المُهِمَّاتِ الصَّعْبَة ، وَفِي المُهِمَّةِ الجَلِيلَةِ التي تَتَوَلَّاهَا اليَومَ مَعَ الحُكُومَةِ وَرَئِيسِهَا ، لنْ تَكُونُوا وَحْدَكُمْ ، وَيَجِبُ أَنْ لا تَكُونوا . إنَّ الشَّعْبَ الُّلبْنَانِيَّ جَمِيعَهُ مَعَكُمْ ، يَشُدُّ أَزْرَكُمْ لِيَحْمِيَ الوَطَنَ بِمَا يُمَثِّلُهُ مِنْ شَعْبٍ وَنُبْلٍ وَكَرَامَةٍ وَعِزَّة.
إِنَّ الإِرَادَةَ الوَطَنِيَّةَ الجَامِعَة ، وَتَكَاتُفَ الُّلبْنَانِيِّين ، كَانَا قَادِرَينِ على تَحْقِيقِ مَا يَصْبُوا إِليه الُّلبْنَانِيُّونَ لِلْخُرُوجِ مِنَ النَّفَقِ المُظْلِم ، الذِي كُنَّا فِيه ، إِلى وَاحَةِ النُّوُرِ وَالرَّخَاءِ ، وَالرَّحْمَةِ وَالمَحَبَّةِ التي نَتَطَلَّعُ إِليها .
نَعْرِفُ أَنَّ عَودَةَ لُبنَانَ إِلى مَا كَانَ عَليهِ مِنِ ازْدِهَارٍ وَتَفَوُّق ، لَيسَ عَمَلِيَّةً سَهْلَة ، وَلَكِنْ في الوَقْتِ ذَاتِه، لَيْسَتْ عَمَلِيَّةً مُسْتَحِيلَة . فَالِإرَادَةُ الُّلبْنَانِيَّةُ الجَامِعَة ، تَتَخَطَّى الصِّعَاب . حَدَثَ ذَلِكَ فِي السَّابِق ، فِي عُهُودٍ وَحُكُومَاتٍ سَابِقَة ، وَنُرِيدُهُ أَنْ يَحدُثَ اليومَ أَيضاً ، مَعَكُمْ وَمَعَ حُكُومَتِكُم .
لِنَكُنْ مَعَ إِشْرَاقَةِ المَرحَلَةِ الجَدِيدَة ، يَداً وَاحِدَةً في سَبِيلِ اسْتِعَادَةِ لُبنَانَ دَورَهُ العَرَبِيَّ وَالحَضَارِيَّ في هذا الشَّرْق ، وَرِسَالَتَهُ الوَطَنِيَّةَ الجَامِعَة ، وَالعَيشَ المُشْتَرَك ، الذي نَحتَاجُ إِليهِ جَمِيعاً .. وَتَحْتَاجُ إِليهِ دُوَلُ المَنْطِقَةِ وَشُعُوبُهَا ، بَلِ العَالَمُ أَجْمَع...
بِهِذِهِ الرِّسَالَةِ الوَطَنِيَّةِ نَكُون .. وَيَجِبُ أَنْ نَكُون .
آمَالُنَا كَبِيرَة ، وَعَلى قَدْرِ أَهْلِ العَزْمِ تَأْتِي العَزَائِمُ .
وَفَّقَكُمُ اللهُ صَاحِبَ الفَخَامَة ، وَصَاحِبَيِ الدَّولَة ، وَكُلَّ مُخْلِصٍ لِبِنَاءِ الوَطَنِ ، وَبَسْطِ سِيَادَتِهِ على كَامِلِ أَرْضِه ، وَتَحرِيرِ مَا تَبَقَّى مِنْ أَرَاضِيهِ مِنَ العَدُوِّ الصُّهيُونِيّ ، وَهِيَ مَسؤُولِيَّةُ الدَّولَةِ بِجَيشِهَا وَقُوَاهَا الأَمْنِيَّة كَافَّة ، بِالتَّعَاوُنِ مَعَ الأَشِقَّاءِ العَرَبِ وَالأَصْدِقَاء...
وَفَّقَكُمُ اللهُ فِي خِدْمَةِ الوَطَنِ وَالمُوَاطِنِين، لِيَبْقَى لُبنانُ سَيِّداً حُرّاً عَرَبِيّاً مُستَقِلاً فِي قَرَارِه، بَعِيداً عَنِ التَّجَاذُبَاتِ وَالمَحَاوِرِ الإِقلِيمِيَّةِ وَالدَّولِيَّة.
أُجَدِّدُ التَّرحِيبَ بِكُمْ جَمِيعاً فِي دَارِكُم ، دَارِ الفَتوَى، دَاعِياً اللهَ لَكُمْ بِالخَيرِ وَالتَّوفِيق . وَالسَّلامُ عليكُم وَرَحمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُه'.