اخبار لبنان
موقع كل يوم -المرده
نشر بتاريخ: ٢٥ تموز ٢٠٢٥
كتب محمد خواجوئي في 'الأخبار'
تستضيف مدينة إسطنبول التركية، اليوم، حواراً نوويّاً بين إيران والترويكا الأوروبية (ألمانيا، فرنسا وبريطانيا)، هو الأول من نوعه منذ انتهاء حرب الأيام الـ12، في وقت لا تزال طهران تؤكّد فيه أنّ أيّ محادثات مع الأميركيين، ليست مدرجة في الوقت الراهن على جدول أعمالها.
وتُعقد محادثات إسطنبول على مستوى مساعدي وزراء خارجية البلدان الأربعة، الذين سيناقشون خصوصاً مسألة العودة التلقائية إلى العقوبات الأممية، والمعروفة بـ«آلية الزناد»؛ علماً أنه في مقدور الدول الأوروبية الأطراف في الاتفاق النووي لعام 2015، واستناداً إلى ما تقول إنه «عدم التزام إيران بالاتفاق»، إعادة فرض العقوبات الأممية عليها، والتي كانت أُلغيت بموجب «خطة العمل الشاملة المشتركة».
لكنّ إيران تؤكّد، من ناحيتها، أنّ الإجراء الذي تهدّد «الترويكا» بتفعيله، ليس «شرعيّاً»، ذلك أنّ ما اتّخذته من خطوات في إطار خفض التزاماتها الواردة في «اتفاق فيينا»، جاء ردّاً على انسحاب الولايات المتحدة منه عام 2018، وعودة العقوبات الأميركية عليها.
وفي تطوّر مهمّ من شأنه أن ينعكس إيجاباً على أجواء المحادثات الإيرانية – الأوروبية، أعلن كاظم غريب أبادي، مساعد وزير الخارجية الإيراني للشؤون القانونية والدولية، الذي سيتفاوض مع الأوروبيين في إسطنبول، موافقة بلاده على زيارة فريق فنّي من «الوكالة الدولية للطاقة الذرية» إلى طهران، في الأسابيع المقبلة، لإجراء محادثات حول «نموذج جديد» للعلاقات بين الوكالة وطهران. ولكنه لفت إلى أنّ الوفد «سيأتي إلى إيران للتّباحث في شأن هذا النموذج، وليس لزيارة المواقع النووية».
وجاء منْح إيران الضوء الأخضر لزيارة وفد الوكالة، بعدما تبنّى البرلمان الإيراني، الشهر الماضي، قانوناً يقضي بتعليق التعاون بين الجانبَين، ردّاً على تقارير وكالة الطاقة حول النووي الإيراني، والتي اعتبرها توطئة للهجمات الأميركية على منشآت البلاد النووية، ويشترط لاستئناف التعاون مع «الذرية»، حصول الجمهورية الإسلامية على «ضمانات أمنية».
تؤكّد إيران أنّ أيّ محادثات مع الأميركيين، ليست مدرجة في الوقت الراهن على جدول أعمالها
وكانت الولايات المتحدة والترويكا الأوروبية حدّدت، بصورة مشتركة، مهلة تنتهي في أواخر آب المقبل، لإعادة فرض العقوبات الشديدة على طهران، في حال لم يتمّ التوصّل إلى اتفاق نووي معها. ومع ذلك، اعتبر غريب أبادي أنّ المهلة «مرنة»، لافتاً إلى أنّ القوى الأوروبية الثلاث، دعت، في اتصال مع وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، إلى التوصّل إلى اتفاق. وفيما ينتهي الخيار القانوني للترويكا الأوروبية لإعادة العقوبات، في تشرين الأول المقبل، يُتوقّع أن تقترح ألمانيا وفرنسا وبريطانيا، تمديد المهلة، في مقابل اتّخاذ طهران خطوات لجهة استئناف تعاونها مع الوكالة الدولية، ونقْل مخزونها من اليورانيوم المخصّب عند نسبة 60%، إلى بلد آخر.
إلا أنّ غريب أبادي رأى أنه «لا يزال من المبكر لأوانه الحديث عن تمديد المهلة»، مؤكّداً أنّ تفعيل الدول الأوروبية «آلية الزناد»، وعودة قرارات مجلس الأمن السابقة ضدّ إيران، «سيُواجَه بردّ فعل سلبي» من جانب بلاده، مشيراً أيضاً إلى احتمال انسحاب إيران من «معاهدة منع انتشار الأسلحة النووية»، في حال إعادة فرض العقوبات الأممية. وأضاف: «إيران تَعتبر الاجتماع مع الدول الأوروبية الثلاث، مهمّاً، لكن يجب ألّا تقوم هذه الدول بتنسيق مواقفها مع أميركا».
من جهتها، تقول الولايات المتحدة إنه ينبغي على إيران أن تضع حدّاً لبرنامجها لتخصيب اليورانيوم على أراضيها، خصوصاً وأنّ «أيّ اتفاق جديد معها، يجب أن يشمل انتهاء التخصيب»، خصوصاً بعدما استهدف الأميركيون المنشآت النووية الرئيسة الثلاث: أصفهان ونطنز وفوردو. ووفقاً لمسؤولين إيرانيين، فإنّ خسائر فادحة لحقت بالمنشآت، بيد أنّ طهران لا تزال مصرّة على مواصلة التخصيب للأغراض السلمية، سواء حصل ذلك باتّفاق أو من دونه.
وكان وزير الخارجية الإيراني أجرى، قبل أيام، مقابلة مع قناة «فوكس نيوز»، مع علمه بشغف الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، بها، ولتوجيه رسالة إلى هذا الأخير، مفادها أنّ «البرنامج النووي الإيراني لا ينتهي بالطرق العسكرية، ورغم أنّ تخصيب اليورانيوم قد توقّف إثر الهجمات الأخيرة، غير أنّ طهران لن تتغاضى عنه». وعن المباحثات مع أوروبا، قال عراقجي: «إنْ كانت أوروبا تريد الاضطلاع بدور بنّاء، فعليها أن تكفّ عن إطلاق التهديدات والضغوط، وأن تتخلّى عن آلية الزناد»، و«إذا أرادوا حرماننا من حقوقنا المسلَّم بها، فإنّ هذه المحادثات ستواجه مشاكل».
وفي هذا الجانب، كتبت صحيفة «إيران» الرسمية، عشيّة محادثات اليوم، إنّ اللقاء سيجرى «في وقت تسعى فيه طهران بالتزامن، وعبر حراك ديبلوماسي واسع، إلى إظهار أنها تبحث عن تسوية للقضايا بالطرق الديبلوماسية، ولديها إمكانية بإقرار حقوقها والتوصّل إلى اتّفاق مع الغرب عن طريق منع تفعيل آلية الزناد وعودة عقوبات الأمم المتحدة».
وأضافت: «الحدّان الأقصى والأدنى لمطالب إيران وأوروبا في هذه الجولة من المحادثات، يتمثّلان في تلقّي نوع من الضمانات الأمنية من أحدهما الآخر. وقد أكّدت إيران مراراً أنه لا يمكن العودة إلى طاولة المفاوضات وأن تجري بالتزامن هجمات عسكرية. إنّ المحادثات في هكذا ظروف، ستفقد مغزاها.
في المقابل، فإنّ الأوروبيين يطالبون بضمانات أيضاً، لا سيّما في ما يخصّ الأزمة الأوكرانية وبعض الموضوعات الإقليمية التي تحوّلت إلى هاجس بالنسبة إليهم. ومع ذلك، يتعيّن على الطرفَين، أخذ هذا المبدأ بنظر الاعتبار، من أنّ تعليق أو إرجاء المحادثات لا يخدم مصلحة أيٍّ منهما».