اخبار لبنان
موقع كل يوم -الهديل
نشر بتاريخ: ٢٢ تموز ٢٠٢٥
خاص الهديل….
غنوه دريان ..
رغم الإجراءات الأمنية المتشددة، لا تزال المخدرات تدخل إلى سجن رومية، أكبر السجون اللبنانية، بطرق متعدّدة ومعقّدة، تبدأ من التعاون مع عناصر أمن وتنتهي عند غياب الرقابة على بعض الموظفين الزائرين. القضية لم تعد مجرّد استثناءات، بل تحوّلت إلى ظاهرة تهدد حياة المساجين وتكشف هشاشة المنظومة الأمنية والقضائية داخل السجون اللبنانية.
تقول إحدى الأمهات، التي اعتادت زيارة نجلها في سجن رومية عام 2024:
'كانت حبوب المخدرات توضع داخل السندويشات، وكنت أسمع عن توقيف ضابطين وأربعة عناصر أمنيّين لمساعدتهم في إدخال المخدرات إلى السجن. بعض الأهالي أيضًا يشاركون في التهريب، بالتنسيق مع حرّاس وعناصر من داخل السجن، لا سيما نساء يخبئن المخدرات في أماكن حساسة يصعب اكتشافها عبر التفتيش العادي.'
بين الزجاج ودار الزيارات… ثغرات تسمح بالتهريب
بحسب مصدر قضائي مطّلع، فإنّ الموقوفين لا يستطيعون لقاء زوارهم إلا من خلف الزجاج، لكن المحكومين يمكنهم الدخول إلى ما يُعرف بـ'دار الزيارات العائلية'، حيث يتم التفاعل وجهاً لوجه. ورغم التدابير، فإنّ عمليات التهريب لا تتوقف. ويضيف المصدر:
'المخالفات ليست دائمًا من قبل الأهالي، بل أحيانًا من قبل العناصر الأمنيين أنفسهم أو أشخاص لديهم صلاحية إدخال أغراض إلى السجن، كالعمال والفنيين، حيث يتم تهريب المخدرات داخل الثياب، أو حتى في الفم والمؤخرة.'
موظفو الصيانة… 'حصان طروادة' التهريب
أحد أبرز أساليب التهريب تمثّل في ما كشفته التحقيقات بشأن أحد موظفي شركات الاتصالات الذي كان يدخل بانتظام إلى سجن رومية لصيانة الهواتف. الموظف كان يحمل حقيبة كبيرة مليئة بالمعدّات، ولا يتم تفتيشه بدقة. في إحدى المرّات، بدا عليه التعب من حمل الحقيبة الثقيلة، فطلب منه الحرّاس إخراج ما يحتاجه فقط، فيما قاموا بتفتيش الحقيبة ليكتشفوا بداخلها كميات ضخمة من الهواتف المحمولة، شرائح الاتصال، والمخدرات. تبين لاحقًا أنه كان يُهرّب هذه المواد منذ أشهر.
أنواع المخدرات المنتشرة
بحسب إفادات أهالي المسجونين ومصادر أمنية، فإن أكثر المواد المخدّرة انتشارًا في سجن رومية وسجن القبة في طرابلس هي:
الكبتاغون: لكنه باهظ الثمن.
البيبومورفين (بيب): يُذوّب ويُحقن وريديًا.
الحشيشة: وهي الأرخص والأكثر تداولًا.
وما يزيد الطين بلّة أن بعض السجناء يدخلون السجن بقضايا لا علاقة لها بالمخدرات، لكنهم يخرجون مدمنين نتيجة بيئة السجن والتأثيرات الداخلية.
أسباب انتشار الظاهرة
انتشار المخدرات داخل سجن رومية لا يعود فقط إلى ثغرات أمنية، بل إلى أسباب بنيوية أعمق:
الاكتظاظ وسوء توزيع السجناء: يُوضع مروّج المخدرات بجانب مغتصب أو سارق، ما يؤدي إلى تبادل 'الخبرات' السلبية.
غياب التأهيل النفسي والاجتماعي: لا يوجد أي برنامج فعّال لإعادة تأهيل المساجين.
البطء القضائي: بعض المسجونين لم يُحاكموا منذ أكثر من 15 عامًا.
الاكتئاب والضغوط النفسية: المخدرات تُستخدم كوسيلة للهروب من الواقع داخل السجن.
جهود أمنية… وواقع يتجاوزها
يؤكّد مصدر قضائي أنّ قوى الأمن الداخلي تبذل جهودًا كبيرة للحد من عمليات التهريب، لكن ابتكار السجناء والمروّجين لأساليب جديدة، وتواطؤ بعض العناصر أو تغاضيهم، يجعل التحدي أكبر. والمطلوب، بحسب المصدر، هو إصلاح جذري للنظام القضائي والسجني، وإعادة النظر في آلية توزيع السجناء وتأهيلهم.