اخبار لبنان
موقع كل يوم -المرده
نشر بتاريخ: ٢٤ حزيران ٢٠٢٥
مع أن النقطة المحورية التي تشغل المسؤولين الرسميين والقوى السياسية منذ اندلاع الحرب الإسرائيلية – الإيرانية تتركز على تجنيب لبنان أي تورّط في الحرب وتداعياتها من خلال 'حزب الله' تحديداً، فإن المواقف المجمعة على محاذير هذا الاحتمال وأخطاره لم تحجب الجانب الآخر من تداعيات الحرب المتصلة بآثارها المباشرة على الواقع الاقتصادي، والتي بدأت تتّسع بشكل ملحوظ بعد اقتراب الحرب من طي أسبوعها الثاني. وإذ يحاذر المسؤولون في الغالب إبراز المعطيات والمعلومات المتصلة بتراجع الرهانات اللبنانية على صيف واعد وموسم سياحي، كانت التوقعات حياله قد بلغت الحديث عن مئات ألوف الوافدين والسياح والمغتربين تجنباً لتعميم مناخ تشاؤمي، فإن الوقائع الضاغطة باتت تكشف التراجع المتدحرج في الحجوزات المتصلة بحركة السياح، كما في انعكاس حركة المطار في اتجاه المغادرة بعدما شهدت المنطقة أجواء حربية أدت إلى شلّ معظم الحركة الجوية المدنية. وتشير الأوساط المعنية في هذا الصدد إلى أن تراجع الرهانات على الموسم السياحي الصيفي بالإضافة إلى ترقّب انحسار الحرب للعودة إلى ملفات إعادة الإعمار ودعم لبنان والمشاريع العالقة في كل هذا المجال، صارت تشكّل الأولويات الضاغطة الأساسية على الحكومة والدولة كلاً، بما يفسر جانباً من جوانب اندفاع أهل الحكم إلى التشديد المتكرر على تجنيب لبنان أي انزلاق نحو التورّط في الحرب.
وفي سياق تزخيم شبكة التواصل بين لبنان ودول الخليج العربي، توجه رئيس الحكومة نواف سلام بعد ظهر أمس إلى قطر ووصل الى الدوحة قبل إقفال الأجواء أمام الملاحة الجوية عصراً. ومن المقرر أن يلتقي سلام اليوم أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني ورئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني. وأمس اجتمع سلام في السرايا مع المستشار الاقتصادي للمبعوث الخاص لرئيس الجمهورية الفرنسية إلى لبنان جاك دو لا جوجي وتناول البحث المستجدات في مسار الإصلاحات الاقتصادية في لبنان، بما يتضمن قانون إعادة هيكلة المصارف المحال من الحكومة إلى المجلس النيابي، كذلك إعداد قانون الفجوة المالية، تمهيداً لإبرام الاتفاق مع صندوق النقد الدولي والتحضيرات الجارية لعقد مؤتمر المانحين في فرنسا.
في غضون ذلك، تقرّر عقد جلسة تشريعية لمجلس النواب الاثنين 30 حزيران الحالي. وكان رئيس مجلس النواب نبيه بري ترأّس لهذه الغاية في عين التينة اجتماعاً لهيئة مكتب مجلس النواب. ولم يغب الوضع الحرج للبنان وسط مجريات الحرب عن الاجتماع، إذ نقل نائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب حول الخشية من تمدّد الصراع بين إيران وإسرائيل إلى لبنان عن الرئيس بري أنه 'عاد وأكد لنا أنه منذ إعلان وقف إطلاق النار إلى اليوم، المقاومة في لبنان لم تطلق ولا رصاصة، والرئيس بري باقٍ على كلامه وإن شاء الله لبنان يبقى محايداً، ولكن لا يكفي أن نكون مقتنعين بذلك، المطلوب من العدو الإسرائيلي أن يقتنع، لأنه إذا وصل العدو إلى مكان يبحث فيه عن مخرج ما، الخشية أن يفتعل هو مشكلة، أما نحن في لبنان حتى الآن، فكل القيادات والرئيس بري ورئيس الجمهورية ورئيس مجلس الوزراء هم في الاتجاه نفسه'.
وفي المقابل، مضى الأمين العام لـ'حزب الله'، الشيخ نعيم قاسم في إبراز مواقف الحزب المتضامنة مع إيران، فاعتبر أن 'إيران ستنتصر لأنَّها صاحبة حق ومُعتدَى عليها'. وقال إن 'إيران لديها قيادة الولي الفقيه الشجاع والمصمّم على أن تكون إيران عزيزة وقوية'. وشدّد على أن 'تهديد ترامب باغتيال الإمام الخامنئي عملٌ دنيء وفي الوقت نفسه دليلُ ضعف'، وقال: 'الاعتداء على إيران سيكون له أثمان كبيرة جداً لأن المنطقة بأكملها في خطر'. وشدّد على أننا 'نحتفظ لأنفسنا بالقرار والخيار المناسب الذي نتخذه في وقته إذا لم تنجح فرصة الدولة في تحقيق أهدافها'، لافتاً إلى أنه 'على الدولة أن تمارس كلّ ضغوطها وتستثمرعلاقاتها الدولية لتُلزم إسرائيل بالانسحاب'، وأعلن أن 'المقاومة حاضرة لأي خيار تتخذه الدولة لوقف العدوان وانسحاب إسرائيل'.
أما في الجانب الإسرائيلي، فأكد مسؤول إسرائيلي لمحطة 'الحدث' أن 'حزب الله لم يشارك في القتال إلى جانب إيران لأنه تعرّض للردع'، واعتبر أن 'إنجازاتنا في سوريا ولبنان قللت من احتمال تورط 'حزب الله' في العملية الحالية'.
وشهد الوضع في الجنوب تصعيداً إسرائيلياً لافتاً بعد ظهر أمس، إذ شنّ الطيران الحربي الإسرائيلي سلسلة غارات جوية اتّسعت نحو شمال الليطاني وشملت الزهراني والنبطية، مستهدفاً المنطقة الواقعة بين مزرعة المحمودية وبلدة العيشية. وطاولت الغارات العنيفة أطراف بلدات انصار- الزرارية وتبنا- البيسارية قضاء صيدا وعزة وبصليا ووادي حومين الفوقا. وأعلن الجيش الإسرائيلي أنه استهدف مواقع عسكرية ومنصات صاروخية لـ'حزب الله' شمال الليطاني، واعتبر أن وجود اسلحة لحزب الله في شمال الليطاني يُعد خرقا للتفاهمات.
وأدى سقوط بقايا صاروخ اعتراضي في المنطقة الواقعة بين مجدل سلم وخربة سلم في قضاء بنت جبيل، إلى نشوب حريق في المنطقة. وسُمِعت أصوات قوية في معظم بلدات الجنوب نتيجة الصواريخ الاعتراضية. كما حلّق الطيران المسيّر الإسرائيلي، في أجواء عدد من القرى والبلدات في قضاء صور، خصوصاً تلك البلدات المحاذية لمجرى الليطاني من القاسمية حتى طيرفلسيه، وأيضاً فوق الضاحية الجنوبية حيث كشف الجيش اللبناني على أحد الأبنية في منطقة الحدث – حي الأميركان بحثاً عن وسائل عسكرية.
في جانب آخر من المشهد الداخلي، سُجل تفاعل واسع لردود الفعل اللبنانية المنددة بالانفجار الإرهابي الذي استهدف كنيسة مار الياس للروم الأرثوذكس في حي الدويلعة في دمشق أول من امس. وأبرق الرئيس جوزف عون إلى الرئيس السوري أحمد الشرع معزياً بضحايا التفجير الإرهابي. ودان البطريرك الماروني مار بشاره بطرس الراعي التفجير محذراً من انقلاب على حقيقة هذا الشرق.
ودانت الهيئة التنفيذية لمجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان 'بأشدّ العبارات التفجير الإرهابي، واعتبرت أن هذا الاعتداء المشين لا يستهدف فقط المؤمنين المسيحيين، بل يطال القيم الإنسانية والدينية جمعاء، ويُظهر مجددًا الوجه البشع للإرهاب الذي لا يفرّق بين مكان مقدّس وآخر، ولا يعرف حرمة لزمان أو لمكان.
وتعبّر الهيئة التنفيذية عن تضامنها العميق مع بطريركية أنطاكية وسائر المشرق للروم الأرثوذكس، ومع عائلات الشهداء والجرحى' . كما دان التفجير عدد كبير من الشخصيات، وقال رئيس حزب 'القوات اللبنانية' سمير جعجع في السياق، إن 'أقصى تمنياتنا أن يتولى الحكم الجديد في دمشق ملاحقة فلول 'داعش' حتى آخر واحد منهم، وأقصى تمنياتنا أيضاً أن تبادر دول المنطقة والعالم بأسره إلى ملاحقة هذا السرطان ومكافحته حتى القضاء عليه نهائيا'.