اخبار لبنان
موقع كل يوم -المرده
نشر بتاريخ: ٢٣ تموز ٢٠٢٥
من 'وطني دائماً على حق' الى 'عفا الله عما مضى' وصولا الى 'اسلمكم خزينة لا دين عليها' الى مواقف عديدة تُستذكر كل ما مر الوطن بمحنة.
في الثالث والعشرين من تموز، تتوقف الذاكرة عند محطة مؤلمة، محطة غياب رجل ترك بصمته الدامغة في الحياة السياسة اللبنانية واسس مدرسة في العنفوان والمبادىء والاخلاق والوفاء.
غادرنا في مثل هذا اليوم من ثلاثة وثلاثين سنة مودعاً حياة مليئة بالمواقف الوطنية التي اكثر ما نحتاج الى مثلها في هذه الايام الصعبة التي يمر بها الوطن الرئيس سليمان فرنجيه ففقدنا بفقدانه وفقد لبنان معنا قامة وطنية قل مثيلها .
عاش الرئيس سليمان فرنجيه عنيداً بحق، صلباً بعنفوان ووفياً لما يؤمن به حتى اخر لحظة من حياته، عاش رئيساً في الرئاسة وبعدها وبقي قصره محجة لكبار السياسيين من كل الاطياف والطوائف يقفون على رأيه ويستأنسون بحكمته لاسيما خلال المحن والازمات الصعبة.
نستحضر اليوم الرئيس سليمان فرنجيه، لا كسياسي فقط، بل كأبٍ بقي مارداً شامخاً رغم جرحه ووجعه باستشهاد ابنه وزوجته وطفلتهما الى ٢٨ اهدنياً في مجزرة مروعة، نستحضره كزعيم لم يتلون او يتبدل ولم يهادن في الدفاع عن وطنه حين اشتدت رياح التقسيم فكان شعاره العيش المشترك قولاً وفعلاً.
نستذكره رئيساً اقسم على حماية الدستور حتى اخر يوم في ولايته الرئاسية، كما نستذكره حاملاً لواء القضية الفلسطينية من اعلى منبر اممي. اطلقت على الرئيس فرنجيه تسميات عديدة منها رئيس الرؤساء، فارس الفرسان، المارد الابيض وغيرها الا ان الاحب الى قلوبنا وقلبه كانت تسمية 'ابو طوني' لانها تشعرنا انه اب لطوني وروبير ولميا وصونيا ومايا ولكنه ايضاً اب لكل اللبنانيين الذين عبروا عن فرحهم بوصوله الى سدة الرئاسة من اقصى الشمال الى اقصى الجنوب.
حمل الرئيس سليمان فرنجيه في قلبه صلابة اهل الشمال وعنفوان اهل اهدن فكان لا يشبه الا نفسه بتواضعه وذكائه وحكمته وصدقه مع نفسه ومع الاخرين.
بوفاة الرئيس فرنجيه خسرنا صوتاً جهورياً لطالما ارتفع في الدفاع عن كل المظلومين وعن العيش المشترك وعن لبنان الحر الموحد وخسرنا ايضاً قامة وطنية ستبقى دائماً وابداً حاضرة بمواقفها ومبادئها وحكمتها لم تساوم على مصلحة لبنان ولم تهادن في الدفاع عنه.
لقد كان سليمان فرنجيه صورة من صور لبنان الحقيقي، لبنان المتنوع، لبنان الصلب، لبنان الحرية والمساواة بين اهله الذين لديهم حقوقهم ولكن ايضاً عليهم واجبات.
في ذكراه، نعيد فتح الذاكرة على رئيس من بلادي انتقل بالجسد الا ان روحه لا تزال حاضرة فينا في مدرسة المرده ورئيسها سليمان فرنجيه الذي يكمل المسيرة حاملاً شعلة الوطن الذي هو دائماً على حق.