الوزراء يضاعفون مخصّصاتهم سبع مرات… والموظفون "مكانك راوح"!

ارتفعت الأرصدة في حسابات الدولة ومصرف لبنان منذ بداية العام 3.4 مليارات دولار، ليصل الإجمالي إلى 19.5 مليار دولار: 11.7 مليار عملات أجنبية في المصرف المركزي و7.8 مليار في حسابات الدولة. العملة الأجنبية ارتفعت 1.55 مليار دولار (+15.3%)، وودائع القطاع العام زادت 1.88 مليار دولار (+31.4%).

لكن، هل شعر المواطن بأي فرق؟ لا. لم تتحسّن الرواتب، لم تتحسّن الخدمات الصحية والتعليمية، لم تتحسّن الكهرباء ولا الماء.

إبراهيم نحال، عضو رابطة موظفي الإدارة العامة، يقول عبر 'الديار': 'نحن أمام مشهد مريب، لا بل مريب جداً. على الحكومة أن تشرح لنا هذا التناقض: أرصدة عامة تتضخم بسرعة فيما أوضاع شرائح واسعة من السكان تتدهور بسرعة أكبر'.

في موازنة 2026، بلغ حجم الإنفاق 5 مليارات و650 مليون دولار مقابل 4 مليارات و778 مليوناً في موازنة 2025، لكن حصة الرواتب والأجور لم تتخطّ 22% من الموازنة. ارتفع بند 'المخصّصات والرواتب والأجور' من 95 ألفاً و770 مليار ليرة إلى 111 ألفاً و504 مليارات ليرة (+14%)، لكن رواتب الموظفين بقيت مجمّدة عند 32 ألف مليار ليرة. بالمقابل، تضاعفت مخصّصات الوزراء 7 مرات من 117 ملياراً إلى 788 ملياراً، ورواتب المستشارين إلى أكثر من الضعف (7 مليارات ليرة).

غياب أي نية حكومية لزيادة الرواتب ظهر أيضاً في بند 'التعويضات'، إذ رُصد له 60 ألفاً و670 مليار ليرة فقط، أي زيادة شكلية على 'تعويض النقل المؤقت'. أما بند 'المنافع الاجتماعية' الذي يشمل معاشات المتقاعدين، فانخفض من 27% إلى 25% من الموازنة بسبب تراجع مساهمة الدولة في الصناديق الضامنة، التي خُفّضت من 19.5 ألف مليار إلى 18.5 ألف مليار.

نحال يوضح أنّ بند 'معاشات المتقاعدين' يشكّل 11% من الموازنة الجديدة، وقد تضاعفت قيمته تقريباً بسبب منح شهرية إضافية لم ترفع المعاش فوق 400 دولار. ويذكّر أن الضرائب على العمال والموظفين بلغت 20 ألفاً و175 مليار ليرة (+138% عن 2025)، أي ضعف الضرائب على الرأسماليين (11 ألفاً و879 ملياراً). ويسأل: 'أين العدالة؟ إلى متى يستمر الظلم؟'.

ويضيف: منذ اتفاق الطائف، الضرائب على الأجور تصاعدية تصل إلى 26%، بينما على الأرباح لا تتجاوز 16%. ويعدد ملاحظاته على موازنة 2026:

-لا اعتمادات كافية لتغطية أي زيادة للرواتب.

-لا زيادة لمساهمة الدولة في تعاونية الموظفين ولا في التعويضات العائلية.

-زيادة بدل النقل ضئيلة.

-المنحة التقاعدية بقيمة 12 مليون ليرة لم تغيّر شيئاً.

-احتياطي الأعطية (16 ألف مليار) غير كافٍ، مرجح أن يُصرف للعسكريين فقط.

ويكشف نحال أن المادة 42 من مشروع الموازنة منحت الحكومة حق التشريع الجمركي حتى 2030، ما يعني أن أي زيادة مستقبلية للرواتب ستُغطى بضرائب ورسوم جمركية على المواطنين كافة، كما حصل في منح العسكريين. 'إنها خطوة مريبة تضع الموظفين في مواجهة الرأي العام'، يقول نحال.

ويرفض مشروع الموازنة جملة وتفصيلاً: 'هذه موازنة تعمّق الأزمة ولا تعالجها، وتجعل العاملين في القطاع العام كبش محرقة'. ويدعو إلى إيرادات بديلة عبر وقف الهدر والفساد، واسترداد الأموال المنهوبة والمهربة، والهندسات المالية منذ 1997، وفرض ضرائب تصاعدية على أرباح المصارف، بدل الغرق في الخصخصة وشروط صندوق النقد.

مطالب رابطة موظفي الإدارة العامة كما يلخصها نحال واضحة:

-تصحيح الرواتب وربطها بالتضخم وإعداد سلسلة رتب جديدة.

-ضم كل الزيادات إلى صلب الراتب.

-دعم التعليم الرسمي والجامعة اللبنانية والمستشفيات الحكومية.

-دعم تعاونية موظفي الدولة والصناديق الضامنة وإعادة التقديمات الاجتماعية والاستشفائية.

-إعادة الرواتب التقاعدية إلى 100% من أساس الراتب.

-محاربة الفساد بدعم القضاء والهيئات الرقابية.

ويختم نحال محذراً: 'الشغور في الإدارات العامة وصل إلى 70%، وفي الفئة الأولى إلى 90%. الحل الوحيد هو التثبيت عبر مجلس الخدمة المدنية وفتح باب التوظيف. وإلا فليتوقعوا الإضراب والتحركات وصولاً إلى العصيان المدني'.