اخبار لبنان
موقع كل يوم -الهديل
نشر بتاريخ: ١٥ أيار ٢٠٢٥
خاص الهديل…
بقلم: ناصر شرارة
خلال لقائه المشهود في البيت الأبيض مع نتنياهو؛ قال ترامب تعقيباً على شكوى من نتنياهو على الرئيس التركي: أنا أحب أردوغان..
وأمس، وأيضاً أول أمس، قال ترامب أكثر من مرة في خطاباته بالسعودية: أنا أحب الأمير محمد بن سلمان.
بالمقابل لم يسمع نتنياهو من ترامب كلمة ود واحدة؛ بل إن وسائل الإعلام الإسرائيلية تقول أن ترامب أرسل عبر ويتكوف يخبر نتنياهو بأن عليه أن يختار إما الاستمرار بالوقوف وراء مطالب بن غفير وسموتريتش أو الوقوف مع أميركا!!.
حتى الآن لا يزال نتنياهو يفضل اتباع سياسة الهروب إلى الأمام مع ترامب؛ أي عدم المواجهة، ولكنه بنفس الوقت يتحفز لإنتاج ظرف مناسب لاحتواء زخم سياسته الجديدة في الشرق الأوسط التي ستكون على حساب نتنياهو داخل إسرائيل..
يلاحظ حالياً أمراً لافتاً ولكن الظروف تجعله متقارباً بالصدفة، مفاده أن إسرائيل كما إيران، ولكن كلاً من موقعه وأسبابه، يمارسان نفس الاستراتيجية ونفس التكتيكات مع ترامب: أي الهروب معه إلى الأمام؛ لأن هذا الأسلوب يحمل بين ثناياه الرهان على أن ترامب لن يستمر بالركض حتى نهاية مشواره؛ بل سيجد في نقطة ما من الطريق أمراً يجعله ينسى أن عليه الاستمرار بما كان يعتزم القيام به في الشرق الأوسط حتى النهاية.
يبدو هذا الرهان أو هذا التفكير بسيط وسطحي، ولكن فيما لو تم أخذ خاصيات شخصية ترامب بعين الاعتبار، سيصبح هذا التفكير مقبولاً ويمكن النظر بشيء من الجدية إليه؛ ذلك أن هذه الاستراتيجية تحسب في تكتيكاتها أن عليها التعامل مع ترامب الرئيس القوي الذي يشعر بالربح والامتلاء حينما يحصل على المال، والذي ينقض بسرعة مواقفه السياسية بنفس الحدة التي كان تبناها بها.
هناك داخل رزمة الفرص التي يقدمها ترامب للمنطقة أزمة وإشكالية إسمها كيف سيفكر ترامب غداً. هل سيبقى على نفس موقفه أم سيكون له موقف آخر مناقض تماماً؟؟.
والواقع أن الرهان على أن الرجل لا يثبت على قرار وموقف واستراتيجية هو الذي يجعل 'خصميه' المنخرطين معه في تحالف (إسرائيل) أو في مفاوضات (إيران) يعتقدان أن هناك فرصة لجعله يتبنى آراءهما في القادم من الأيام، ذلك لأن ما يقوله الآن سواء بالنسبة لغزة أو بالنسبة لإيران هو ليس آخر الكلام عنده.
ولكن هذه النظرة تحتاج للتدقيق بها والتحقق منها أكثر وذلك انطلاقاً من عدة التباسات فيها أهمها التالي:
داخل إيران هناك نظرة لترامب يشوبها الحذر كما هي حال نظرة نتنياهو إليه؛ ولكن في طهران يعتقدون أن ترامب قياساً بالرؤساء الأميركيين الآخرين هو الأقوى ولكنه قياساً بهم هو الأسهل. وعليه فإن التفاوض معه تكمن فيه فرص بأقل ما تكمن فيه مخاوف؛ أما نتنياهو فيرى بترامب أنه الأقوى داخل نادي الرؤساء الأميركيين؛ ولكنه ليس الأسهل بينهم؛ لأن ترامب لديه عقدة، مفادها أن إحدى المنازلات التي لا بد له من القيام بها ليثبت أنه رئيس قوي على عكس بايدن الضعيف، تكمن بأن عليه أن يظهر صورة له تؤكد أنه لا يسمح لنتنياهو بأن يتلاعب به، أي أن ترامب مضطر حتى لو كان لا يريد ذلك، أن يفتعل وقائع يخرج منها منتصراً من منازلة مع نتنياهو.. هذا الخيار (أي ليّ ذراع نتنياهو) هو واحد من الطرق الإجبارية التي توصله إلى لحظة تبوأ منصة إظهار قوته وإثبات أنه الرئيس القوي وأنه بعكس الرئيس بايدن الضعيف، الخ…