اخبار لبنان
موقع كل يوم -جريدة الأخبار
نشر بتاريخ: ٢٨ شباط ٢٠٢٥
تواجه هيئة الإذاعة البريطانية (BBC) موجةً من الانتقادات بعد قرارها سحب وثائقي «غزة: كيف تنجو في منطقة حرب» من منصتها الرقمية iPlayer بسبب الكشف عن أن الراوي البالغ 14 عاماً هو ابن مسؤول في حكومة «حماس» في غزة.
أثار هذا القرار غضب أكثر من 500 شخصية إعلامية وفنية، بينهم عرّاب السينما اليسارية الأوروبية المخرج كين لوتش، الممثل ريز أحمد، والمذيع الشهير غاري لينكر، وروث نغى، وخالد عبد الله، ووعد الكاتب، وجيمس كريشنا فلويد، وسالي الحسيني، وأمير المصري، ورونان بينيت، وتشارلز دانس وحنيف قريشي وميريام مارغوليس وريبيكا أوبراين وريتش بيبات وغاري يونغ ونيتين ساوهني. هؤلاء وقّعوا على رسالة مفتوحة نُشرت عبر منظمة «فنانون من أجل فلسطين في المملكة المتحدة».
وانتقد الموقعون ما وصفوه بأنه حملة «عنصرية» و«غير إنسانية» تستهدف الوثائقي، وطالبوا BBC برفض أي محاولات لإزالته بشكل دائم أو التبرؤ منه.
وأشارت الرسالة المفتوحة إلى أن الفيلم يقدم «نظرة نادرة جداً إلى تجربة الأطفال الفلسطينيين»، وأكدت أنّ الموضوع الأساسي للنقاش يجب أن يكون معاناة هؤلاء الأطفال، وليس الخلفية العائلية لأحدهم. وأبدى الموقعون قلقهم من «تدخل جهات سياسية منحازة» في قرارات التحرير الصحافي، محذرين من تأثير ذلك على مستقبل الإعلام في بريطانيا.
وصفت الرسالة قرار سحب الوثائقي بأنه «رقابة سياسية»، وأكدت أن تصوير أي مسؤول مدني في غزة على أنه مرتبط بالإرهاب أمر «خطأ وغير إنساني». كما دعت إلى عدم معاقبة الأطفال بسبب ارتباطاتهم العائلية، معتبرة أن استخدام تلك العلاقات لنزع الشرعية عن الشهادات الواردة في الوثائقي هو أمر «غير أخلاقي وخطير».
تزامن قرار سحب الوثائقي مع ضغوط مارستها مجموعة مكونة من 45 شخصية يهودية في صناعة الإعلام، والتي طالبت بإزالته بدعوى غياب الشفافية في عملية التدقيق الخاصة بـBBC. كما دخلت وزيرة الثقافة البريطانية ليزا ناندي على الخط، معربة عن «قلقها العميق» بشأن الوثائقي، ومطالبةً بتحقيق شفاف لمعرفة كيف أنتج ومن كان على علم بالخلفية العائلية للراوي.
بدأ السعي ضد عرض الفيلم بعد ساعات من عرضه في 17 شباط (فبراير) الحالي، اندلعت حملة واسعة على منصة «إكس»، قادها الصحافي البريطاني ديفيد كوليير، المعروف بدعمه للصهيونية وتركيزه على ما يسميه «معاداة السامية» داخل الحركات المناهضة للصهيونية (الأخبار 25/2/2025).
«كشف» كوليير أن الراوي، الطفل عبد الله اليازوري، هو نجل نائب وزير الزراعة في حكومة غزة، واعتبر أن عدم الإفصاح عن هذه الخلفية «يضعف مصداقية الفيلم»، واصفاً الوثائقي بأنه «بروباغندا حماس».
وسرعان ما انضمت إلى الحملة شخصيات مؤثرة، من بينها المذيع البريطاني الحائز جائزة «هرتزل»، ومديرون تنفيذيون سابقون في BBC مثل داني كوهين. مع تصاعد الضغط، بدأت BBC بمراجعة الوثائقي، ما أدى إلى سحبه مؤقتاً من منصتها الرقمية.
بررت BBC قرارها بأنها لم تكن على علم مسبق بصلات الراوي العائلية بـ«حماس»، وأنها تحتاج إلى «مزيد من التحقق» بالتعاون مع شركة الإنتاج «هُويو فيلمز». لكنها تركت فسحة رمادية لنفسها، أكدت عبرها أهمية القصص التي يرويها الفيلم حول معاناة الأطفال الفلسطينيين في غزة.
حتى الآن، لا يزال الوثائقي غير متاح على منصة iPlayer، ولكن الصوت حول مستقبل عرضه يعلو. وبينما تصر BBC على إجراء «مزيد من التدقيق»، يطالب الإعلاميون والفنانون بعدم الاستجابة للضغوط السياسية التي تريد إسكات القصص الفلسطينية. ويبقى السؤال: أمام كل هذا الكشف عن أسباب منع الوثائقي، هل تتحلى الـBBC بالجرأة وتعيد عرضه، أم أنها سترضخ للضغوط السياسية وتبقيه خارج منصاتها؟