اخبار لبنان
موقع كل يوم -جريدة اللواء
نشر بتاريخ: ١٤ أب ٢٠٢٥
جدّد الأمين العام للمجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني علي لاريجاني موقف بلاده لجهة «دعم الحكومة اللبنانية والقرارات التي تصدر عن المؤسسات الدستورية اللبنانية»، لافتا الى ان بلاده لا تتدخّل في الشؤون اللبنانية الداخلية.
واقترح استحداث صندوق لإعادة إعمار المناطق التي تضررت نتيجة العدوان الإسرائيلي، مبدياً استعداد بلاده للمشاركة فيه.
فقد استهل لاريجاني جولته على المسؤولين أمس بزيارة رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون، الذي أبلغه خلال اللقاء «ان لبنان راغب في التعاون مع إيران ضمن حدود السيادة والصداقة القائمين على الاحترام المتبادل، لافتا الى ان اللغة التي سمعها لبنان في الفترة الأخيرة من بعض المسؤولين الإيرانيين، غير مساعدة».
وأكد ان الصداقة التي نريد أن تجمع بين لبنان وإيران لا يجب أن تكون من خلال طائفة واحدة أو مكوّن لبناني واحد، بل مع جميع اللبنانيين. وشدّد رئيس الجمهورية على ان لبنان وطن نهائي لجميع أبنائه، مسيحيين كانوا أم مسلمين، والدولة اللبنانية مسؤولة من خلال مؤسساتها الدستورية والأمنية عن حماية كافة المكوّنات اللبنانية.
ولفت الرئيس عون المسؤول الإيراني، الى ان من يمثل الشعب اللبناني هي المؤسسات الدستورية التي ترعى مصالحه العليا ومصالح الدولة، وإذا كانت الجمهورية الإسلامية الإيرانية تسعى الى تحقيق مصالحها الكبرى فهذا شيء طبيعي، «لكننا نحن في لبنان نسعى الى تحقيق مصالحنا».
وأضاف: «نرفض أي تدخّل في شؤوننا الداخلية من أي جهة أتى، ونريد أن تبقى الساحة اللبنانية آمنة ومستقرة لما فيه مصلحة جميع اللبنانيين من دون تمييز. ان لبنان الذي لا يتدخّل مطلقا بشؤون أي دولة أخرى ويحترم خصوصياتها ومنها إيران، لا يرضى أن يتدخل أحد في شؤونه الداخلية. وإذا كان عبر التاريخ اللبناني ثمة من استقوى بالخارج على الآخر في الداخل، فالجميع دفع الثمن غالياً، والعبرة التي يستخلصها اللبنانيون هي انه من غير المسموح لاي جهة كانت ومن دون أي استثناء أن يحمل أحد السلاح ويستقوي بالخارج ضد اللبناني الآخر».
وشدّد الرئيس عون على ان الدولة اللبنانية وقواها المسلحة مسؤولة عن أمن جميع اللبنانيين من دون أي استثناء. واعتبر ان أي تحدّيات تأتي من العدو الإسرائيلي أو من غيره، هي تحدّيات لجميع اللبنانيين وليس لفريق منهم فقط، ولعلّ أهم سلاح لمواجهتها هو وحدة اللبنانيين. وهذا ما نعمل له ونأمل أن نلقى التعاون اللازم، لا سيما واننا لن نتردد في قبول أي مساعدة في هذا الصدد.
وكان لاريجاني استهل اللقاء بنقل تحيات الرئيس الإيراني الى الرئيس عون، مجدّداً له الدعوة لزيارة طهران والرغبة في مساعدة لبنان في مجال إعادة الاعمار.
وجدّد لاريجاني موقف بلاده لجهة دعم الحكومة اللبنانية والقرارات التي تصدر عن المؤسسات الدستورية اللبنانية، لافتا الى ان بلاده لا تتدخّل في الشؤون اللبنانية الداخلية، وان ما أدلى به لدى وصوله الى بيروت يعكس وجهة النظر الرسمية للجمهورية الإسلامية الإيرانية.
عين التينة
ومن بعبدا توجه لاريجاني والوفد المرافق الى مقر الرئاسة الثانية في عين التينة للقاء رئيس المجلس النيابي نبيه بري، بحضور السفير الإيراني لدى لبنان مجتبى أماني. اللقاء الذي استمر لأكثر من ساعة وربع ساعة جرى خلاله بحث في تطورات الأوضاع في لبنان والمنطقة والعلاقات الثنائية بين لبنان والجمهورية الإسلامية الإيرانية، وبعد اللقاء تحدث لاريجاني قائلا: بالنسبة لنا وحدة لبنان ونجاحه في الانجازات وكذلك التطور والازدهار أمر في غاية الأهمية ان سياسة الجمهورية الإسلامية الإيرانية مبنية على أن تكون دول المنطقة دول مستقلة قوية متمكنة ومقتدرة وهذا النهج يأتي على عكس ما يميل أو تميل إليه بعض الدول باستسلام دول المنطقة.
أضاف: نحن نؤكد دوما على التعاون الودّي والصداقة بين البلدان ولا نؤكد على بعض الأوامر التي من خلالها يتم تحديد جدول زمني، ما نحن مؤمنون به انه ومن خلال الحوار الودّي الشامل والجادّ في لبنان يمكن لهذا البلد الخروج بقرارات صائبة ونسأل الله سبحانه وتعالى السعادة والازدهار للبنان وشعبه العزيز.
وحول ما إذا كانت إيران تعارض موقف الحكومة اللبنانية الأخير بموضوع الجدول الزمني لحصر سلاح المقاومة واعتراض بعض اللبنانيين على ما يعتبرونه تدخّلا إيرانيا في الشؤون الداخلية، قال: ان الدول الخارجية يجب أن لا توجه أوامرها من الخارج الى لبنان، وبأن الشعب اللبناني هو شعب أبيّ وشجاع وهو يستطيع ويتمكن من اتخاذ القرار بنفسه وأي قرار ستتخذه الحكومة بالتعاون والتنسيق مع فصائل لبنان نحن نحترمها تماماً وعندما طرحت موضوع تحديد الجدول الزمني كنت أقصد به الورقة الأميركية المقدمة الى لبنان مؤخراً فمن هنا ان لبنان من خلال المشورة مع المقاومة من شأنها أن تتخذ القرار المناسب.
وسُئل لاريجاني عن الرسالة التي يحملها الى لبنان، قال: رسالتنا تقتصر على نقطة أساسية بحتة حيث انه مهم لإيران أن تكون دول المنطقة هي سيدة نفسها ومستقلة في قراراتها وانها لا تحتاج الى تلقّي الأوامر من ما وراء المحيطات والبحار.. نحن لم نحمل معنا أي خطة للبنان إلّا ان الأميركيين هم الذين أتوا لكم بورقة من عندهم نحن دوما نقول ونوجه هذا الخطاب لكم بأنكم أنتم أسياد قراركم وأنتم الذين تتخذون القرار بأنفسكم. فلا تدخّل لنا في شؤونكم الداخلية وفي اتخاذ قراراتكم.
وردّا على سؤال إذا ما كانت إيران ستقف الى جانب لبنان إذا ما تعرّض الى اعتداء إسرائيلي جديد، قال: «في حال طلبت الحكومة اللبنانية نحن جاهزون طبعا».
وردّا على سؤال قال: أي طلب من الحكومة اللبنانية للمساعدة نحن جاهزون ان الذي يتدخّل في شؤون لبنان الداخلية هو الذي يقدم لكم ويزوّدكم بورقة ويحدّد جدولا زمنيا من آلاف الكيلومترات.
وعن نتائج لقائه مع الرئيس نبيه بري، قال: الأخ نبيه بري هو شخصية ورجل الساحة السياسية في لبنان... اننا كإيران لا ننوي التدخّل في شؤون لبنان الداخلية على الإطلاق إلّا اننا جاهزون لتقديم أي نوع من المساعدة لكم، وكذلك كنا ولا زلنا ننصحكم بالحفاظ على المقاومة وتقديرها عاليا» وأكيد لا يخفى على أي أحد منكم ان إسرائيل في يوم من الأيام أتت واحتلت بيروت خلال يوم واحد آنذاك لم يكن هناك من اثر أو وجود لحزب االله. ولكن اليوم حزب الله موجود ويتصدّى لإسرائيل، فإسرائيل تحوّلت اليوم الى حيوان مفترس ونجد حزب الله يقف في مواجهة هذا المفترس، نحن أصدقائكم ننصحكم جميعا أن تقدّروا أصدقائكم تقديرا قويا».
السراي
وعند السادسة عصرا زار لاريجاني والوفد المرافق رئيس مجلس الوزراء الدكتور نواف سلام، في السرايا ، بحضور السفير أماني. حيث أكد الرئيس سلام أن التصريحات الأخيرة لبعض المسؤولين الإيرانيين، ولا سيما وزير الخارجية عباس عراقجي، وعلي أكبر ولايتي، والعميد مسجدي، مرفوضة شكلاً ومضموناً. فهذه المواقف، بما انطوت عليه من انتقاد مباشر لقرارات لبنانية اتخذتها السلطات الدستورية في البلاد، ولا سيما تلك التي حملت تهديداً صريحاً، تشكّل خروجاً صارخاً عن الأصول الدبلوماسية وانتهاكاً لمبدأ احترام السيادة المتبادل الذي يشكّل ركيزة لأي علاقة ثنائية سليمة وقاعدة أساسية في العلاقات الدولية والقانون الدولي، وهي قاعدة غير قابلة للتجاوز.
وأضاف: «لا أنا ولا أي من المسؤولين اللبنانيين نسمح لأنفسنا بالتدخّل في الشؤون الداخلية الإيرانية، كأن نؤيد فريقاً على حساب آخر، أو أن نعارض قرارات سيادية إيرانية. بناء عليه فان لبنان لن يقبل، بأي شكل من الأشكال، التدخّل في شؤونه الداخلية، وأنه يتطلّع إلى التزام الجانب الإيراني الواضح والصريح بهذه القواعد».
وقال: «قرارات الحكومة اللبنانية لا يُسمح أن تكون موضع نقاش في أي دولة أخرى. فمركز القرار اللبناني هو مجلس الوزراء، وقرار لبنان يصنعه اللبنانيون وحدهم، الذين لا يقبلون وصاية أو إملاء من أحد».
وذكّر الرئيس سلام بأن «فمسألة حصر السلاح بيد السلطات الشرعية وحدها، هو قرار اتخذه اللبنانيون منذ إقرار اتفاق الطائف عام 1989، وجدّدوا تمسّكهم به في البيان الوزاري للحكومة الحالية، كما أكده رئيس الجمهورية في خطاب قسمه أمام المجلس النيابي».
وأضاف: «لبنان، الذي كان أول المدافعين عن القضية الفلسطينية، ودفع أغلى الأثمان بوجه إسرائيل، وليس بحاجة إلى دروس من أحد. والحكومة اللبنانية ماضية في استخدام كل الوسائل السياسية والدبلوماسية والقانونية المتاحة، لإلزام إسرائيل بالانسحاب الفوري من الأراضي اللبنانية المحتلة ووقف اعتداءاتها».
كما شدّد على أن «أي علاقة مع لبنان تمرّ حصراً عبر مؤسساته الدستورية، لا عبر أي فريق سياسي أو قناة موازية. وأي مساعدات خارجية مرحّب بها، شرط أن تمرّ عبر القنوات الرسمية».
وفي ختام اللقاء، جدّد الرئيس سلام التأكيد أن لبنان حريص على علاقاته التاريخية مع إيران وكل الدول الصديقة على أساس الاحترام المتبادل، مذكّراً بأن وحدة اللبنانيين وسيادة دولتهم وقرارات حكومتهم هي خطوط حمراء لا يمكن المساس بها.
من جهة ثانية، وفي دردشة صحافية تلت اللقاء قال رئيس مجلس الوزراء: لبنان بلد صغير عانى طويلاً من تدخّل الآخرين وهذه صفحة آن الأوان لطيّها، فأهل مكة أدرى بشعابها، ولبنان لن يقبل أن يُستعمل منبراً لتصفية حسابات أو ساحة لرسائل إقليمية. قراراتنا السيادية، نابعة من مصلحتنا الوطنية، بما فيها أي خطط أو جداول زمنية».
ضريح نصراالله
وزار لاريجاني مرقد الأمين العام السابق لحزب الله السيد حسن نصراالله، في السابعة والنصف مساء ، والتقى عدد من الشخصيات في السفارة الإيرانية.
الوصول
وكان لاريجاني وصل صباحاً الى مطار رفيق الحريري الدولي في بيروت حيث استقبله ممثل وزارة الخارجية رودريغ خوري، سفير الجمهورية الإسلامية الإيرانية مجتبى أماني، وفد من حركة «أمل» ممثلا رئيس مجلس النواب نبيه بري ضم عضو هيئة الرئاسة خليل حمدان وعضو المكتب السياسي في الحركة طلال حاطوم، وفد من كتلة «الوفاء للمقاومة» ضم النائبين أمين شري وإبراهيم الموسوي، أحمد عبد الهادي ممثل حركة «حماس» في لبنان ووفد من حركة «الجهاد الإسلامي» ضم احسان عطايا ومحفوظ منور.
وكان محيط المطار قد شهد تجمعات لحشود من المواطنين انتظرت خروج لاريجاني من المطار ترحيبا بوصوله.