اخبار لبنان
موقع كل يوم -جريدة الأنباء
نشر بتاريخ: ١٠ أب ٢٠٢٥
بيروت ـ اتحاد درويش
في خطوة تهدف إلى معالجة الأزمة الاقتصادية والمالية التي أرخت بظلالها الثقيلة على لبنان منذ ستة أعوام، أقر مجلس النواب قانون إصلاح المصارف الذي هو مطلب رئيسي للمجتمع الدولي والمؤسسات المالية، من أجل المضي قدما في خطط المساعدات للبنان سواء من الجهات المانحة أو من المؤسسات الدولية.
القانون المنتظر منذ سنوات والمكون من 37 مادة موزعة على عشرة أبواب، طرأت تعديلات على صيغته النهائية خلال جلسة إقراره. بيد أن هذا القانون سيبقى قيد الانتظار إلى حين الانتهاء من القانون الذي تعمل عليه الحكومة تحت مسمى مشروع قانون «الانتظام المالي»، والمتعلق بمعالجة الخسائر في القطاع المصرفي والمعروف أيضا باسم قانون معالجة الفجوة المالية واسترداد الودائع، لرفع المعاناة عن المودعين الذين تكبدوا خسائر فادحة في أموالهم وجنى أعمارهم.
ولاقى إقرار هذا القانون الذي يعد من الخطوات الإصلاحية الضرورية التي من شأنها أن تعيد الثقة بالقطاع المصرفي، ردود فعل من بعض الخبراء، الذين رأوا أنه لم يأخذ بالملاحظات التي أبداها صندوق النقد الدولي، على الرغم من أهميتها، ما يدفع إلى الاعتقاد أن تعاد تجربة قانون السرية المصرفية الذي تم تعديله أكثر من مرة كما قال المدير المؤسس «لمبادرة سياسات الغد» د. سامي عطاالله لـ«الأنباء».
ولفت عطاالله إلى أن «قانون إصلاح المصارف قد أقر ولا أعتقد أن ملاحظات صندوق النقد سوف يتم النظر بها. وهذا القانون لم يكن ليبصر النور لولا الضغط الخارجي من المؤسسات الدولية التي سبق وطالبت الحكومات اللبنانية القيام بحزمة إصلاحات، منها إعادة هيكلة القطاع المصرفي. وكان سبق للبنان أن وقع مع صندوق النقد الدولي اتفاقا مبدئيا في أبريل 2022. ومنذ ذلك الحين لم يقم بأية خطوة في هذا الاتجاه إلا عندما شعر باشتداد الضغط الخارجي وليس الداخلي مع الأسف».
وسأل د. عطاالله «عن المغزى الذي دفع بالمجلس النيابي إلى التصديق على قانون إصلاح المصارف، قبل إقرار القانون المتعلق بالانتظام المالي الذي سيوزع الخسائر». وقال: «كان الأجدى أن ينصب الجهد القانوني في هذا الاتجاه، لاسيما أن قانون إصلاح المصارف جاء في مادته الأخيرة أنه لا ينفذ الا بعد أن يلحق به قانون آخر».
وأوضح «أن الباب الأول من القانون يتضمن مواد تتعلق بتحديد أهداف القانون ونطاق تطبيقه. أما الباب الثاني فتندرج فيه المواد المتعلقة بتشكيل الهيئة المصرفية العليا، وصلاحيات الغرفتين اللتين تعملان بإشراف الهيئة، بالإضافة إلى دور وصلاحية لجنة الرقابة على المصارف».
وتناول في الإطار عينه «سيطرة المصرف المركزي على الغرفة الثانية للهيئة المصرفية، التي مهمتها القيام بإعادة هيكلة المصارف والتدقيق في الحسابات وأخذ القرارات. وما هو أساسي هنا أن تكون الغرفة مستقلة عن المصرف المركزي وعن القطاع المصرفي، ما يعني هيمنة المصرف المركزي على قراراتها، وهذا أمر غير عادل إذا أردنا العمل بشكل جدي».
ولفت إلى «أن هناك صعوبة في إعادة هيكلة المصارف، لأن الأمر يحتاج إلى خطوات يجب اعتمادها، وهي أن التدقيق في حسابات أي مصرف يحتاج إلى فريق كبير من الخبراء والى لجنة مستقلة لعرض نتائج التدقيق لدى الغرفة الثانية في الهيئة، وهذا مسار طويل. ويبقى الخوف من وضع الألغام في طريق عمليات التدقيق في حسابات المصارف وميزانياتها، كما أن المصرف المعني بالتدقيق له الحق في الاعتراض على أي قرار، أي أنه أعطي هامشا لكي يعترض».
وأبدى عطاالله خشيته «من غياب النص الصريح في القانون والمتعلق بحماية حقوق المودعين.. ويطالب البنكرجية من أصحاب المصارف ومدرائها الذين خاطروا بأموال المودعين باستخدام أصول الدولة لإعطاء الحقوق للمودعين، فإذا كان هناك من عدل ومحاسبة حقيقية يجب محاسبة هؤلاء».
وختم بالإشارة إلى ان قضية الودائع العالقة في المصارف منذ 2019 والتي كانت تشكل 70% من أموال المصارف، معتبرا «أن المودع لا يتحمل أي مسؤولية فيما حدث، وأن الأطراف الثلاثة المصارف والمصرف المركزي والحكومة هي التي يجب عليها تحمل الأعباء».