اخبار لبنان
موقع كل يوم -الهديل
نشر بتاريخ: ١٣ أب ٢٠٢٥
خاص الهديل….
قهرمان مصطفى …
يثير القرار الإسرائيلي بالسيطرة الكاملة على قطاع غزة سلسلة من التساؤلات حول الأهداف الحقيقية لهذه الخطوة ضمن استراتيجية أوسع للهيمنة العسكرية والأمنية على المنطقة. يتضمن السيناريو المحتمل لعملية السيطرة دفع السكان نحو الجنوب، وتشجيع نزوحهم من القطاع، ونزع سلاح حركة «حماس»، واستعادة جميع المحتجزين أحياءً أو أمواتاً، بالإضافة إلى إقامة إدارة مدنية بديلة لا تخضع لسيطرة «حماس» أو السلطة الفلسطينية.
ومع ذلك، تواجه هذه الخطة انتقادات داخل الأجهزة الأمنية الإسرائيلية نفسها، حيث تعتبر الأكثر تكلفة على الجيش، مقارنة ببدائل أقل خطورة وأكثر فاعلية. رئيس الأركان الإسرائيلي، إيال زامير، وصف خطة السيطرة على غزة بأنها «فخ استراتيجي»، نظراً للتحديات الكبيرة التي تواجه الجيش، بما في ذلك نقص الكوادر العسكرية، والخطر على حياة الأسرى، والحاجة إلى آلاف الجنود للتقدم داخل القطاع. وتشير التحليلات العسكرية إلى أن السيطرة على محاور محددة داخل غزة قد تحقق الأهداف المطلوبة دون التوسع الشامل.
الأمم المتحدة تشير إلى أن نحو 87% من مساحة غزة تخضع بالفعل للسيطرة الإسرائيلية أو لأوامر الإخلاء، لكنها تحذر من الكارثة الإنسانية التي قد تنتج عن تنفيذ الخطة بالكامل. وبالمثل، أبدت دول عربية وأوروبية قلقها، من بينها ألمانيا التي قررت مراجعة سياستها في تصدير الأسلحة إلى إسرائيل، على خلفية تدهور الأوضاع الإنسانية. ويبدو أن الضغط الدولي، بما في ذلك من الولايات المتحدة، قد يكون العامل الأهم الذي قد يقيّد طموحات تل أبيب، رغم أن واشنطن لم تُبدِ رفضاً صريحاً للخطة حتى الآن، مكتفية بالدعوة إلى حماية أمن إسرائيل.
تداعيات السيطرة الإسرائيلية الكاملة على غزة قد تكون كارثية: تهجير واسع للسكان، انهيار الخدمات الأساسية، خسائر مدنية جسيمة، وصعوبات كبيرة في إقامة إدارة عسكرية فعّالة وإضعاف حركة «حماس». وفي الوقت ذاته، سيكون الجيش الإسرائيلي هدفاً للفصائل الفلسطينية، ما يعيد إلى الأذهان إخراج إسرائيل من غزة عام 2005 في عهد أرييل شارون، حين تم تنفيذ خطة «فك الارتباط» بعد 38 عاماً من الوجود العسكري في القطاع.
سياسية هذه الخطوة مرتبطة أيضاً برغبة رئيس الوزراء الإسرائيلي في تعزيز نفوذه السياسي وتمديد فترة قيادته، عبر تطبيق ما تسمّيه تل أبيب «خطة الهجرة الطوعية» من غزة، وهو ما قد يخلق واقعاً إقليمياً مضطرباً، مع سيناريوهات إنسانية وسياسية وأمنية معقدة. ولتجنب هذه الكارثة، يظل الضغط الإقليمي والدولي، إلى جانب السعي الجاد نحو وقف لإطلاق النار، الخيار الأهم للحد من آثار هذه الخطة على سكان القطاع ومستقبل المنطقة.