اخبار لبنان
موقع كل يوم -نداء الوطن
نشر بتاريخ: ٨ نيسان ٢٠٢٥
بدأت حرارة الانتخابات البلدية في مدينة صيدا، والمقررة في 25 أيار المقبل، ترتفع تدريجياً مع دعوة وزير الداخلية والبلديات أحمد الحجار الهيئات الناخبة في جبل لبنان للاقتراع في المرحلة الأولى في 5 أيار المقبل، حيث باتت تطغى على عناوين اللقاءات والاتصالات بين القوى الصيداوية.
يتكوّن المجلس البلدي في صيدا من 21 عضواً: 17 من الطائفة السنية، اثنان من الطائفة الشيعية، واحد من الموارنة، وآخر من الروم الكاثوليك. يتولى هذا المجلس المسؤولية منذ 15 عاماً متتالياً عبر دورتين انتخابيتين. ففي عام 2010، تم انتخابه برئاسة المهندس محمد السعودي، وفي عام 2016 أُجري تعديل جزئي على أعضائه، غير أن المجلس حافظ على توجهاته العامة، مستمراً في مهامه حتى اليوم، بعد أن جرى تمديد ولايته ثلاث مرات متتالية لأسباب متعددة.
وخلال هذه الفترة، قدّم الرئيس محمد السعودي استقالته من ولايته الثانية الممددة، محدداً تاريخ 25 تموز 2023 موعداً لتركه المنصب، وذلك بعد نحو ثمانية أشهر على تقديمه كتاب الاستقالة الأول بتاريخ 12 كانون الأول 2022 إلى محافظ الجنوب منصور ضو الذي تريّث آنذاك في قبولها.
وعقب الانتخابات النيابية في أيار 2022، التي أفرزت تقارباً ملحوظاً بين القوى السياسية الصيداوية، تم التوافق على تكليف الدكتور حازم بديع برئاسة المجلس البلدي، واختيار الدكتور عبد الله كنعان نائباً له، بعد اعتذار نائب الرئيس السابق في ولاية السعودي، إبراهيم البساط، عن تولي المنصب لأسباب وصفها بالخاصة.
ضبابية واحتمالان
اليوم، رغم حماوة الأجواء الانتخابية، لا تزال ملامح المشهد البلدي في صيدا ضبابية، ما يجعل من السابق لأوانه رسم صورة نهائية واضحة. فالحسم لا يزال يحتاج إلى مزيد من الوقت والمشاورات، والخيارات المطروحة محصورة بين احتمالين لا ثالث لهما: إمّا مواجهة انتخابية بين القوى السياسية، وإمّا توافق يُنتج مجلساً تمثيلياً يشمل جميع الأطراف والمكونات، عنوانه الكفاءة والاختصاص.
البزري
وتُمسك القوى السياسية الصيداوية بزمام المبادرة في الاستحقاق البلدي المقبل، وتلعب الدور الأبرز في رسم معالمه. ويمثل النائب عبد الرحمن البزري، الذي حصد العدد الأكبر من الأصوات في الانتخابات النيابية الأخيرة، أحد اللاعبين الأساسيين في المشهد. ووفقاً لمصادر مقرّبة منه، فإن البزري يطرح خيار تشكيل مجلس بلدي يضم اختصاصيين ومن أصحاب الكفاءات، على أن يُراعي في الوقت نفسه التنوع السياسي والتمثيل الواسع لمختلف المكونات.
سعد
في المقابل، يُشدّد الأمين العام لـ 'التنظيم الشعبي الناصري' النائب أسامة سعد على ضرورة التغيير والتجديد، معتبراً أنّ مدينة صيدا بحاجة إلى إعادة صياغة شاملة لمشهدها التنموي والخدماتي. ويؤكّد أن الاستئثار السياسي لم يعد يجدي نفعاً، مشيراً إلى أن البلدية يجب ألا تكون منصّة لتحقيق المصالح السياسية أو ساحة للوجاهة. ورغم تمسكه بطرح التغيير، لم يُغلق الباب أمام خيار التوافق، شرط أن يستند إلى الكفاءة والاختصاص ويبتعد عن المحاصصة، مع الإشارة إلى أنّ موقفه النهائي سيُعلَن في الوقت المناسب.
الحريري
وبين موقفَي البزري وسعد، يبرز تيار 'المستقبل' بقيادة النائبة السابقة بهية الحريري كرقم صعب في المعادلة الصيداوية. فقد نجح التيار، على مدى سنوات، في الإمساك بزمام المجالس البلدية ورئاستها، باستثناء الفترة التي ترأس فيها البزري المجلس. واليوم، يجد نفسه أمام تحدّ يتمثل باختبار مدى قوته، بعد قرار تعليق العمل السياسي والانتخابي ثم التراجع عنه. علماً أنّ الحريري بقيت حاضرة في الشأن العام، ولم تنقطع يوماً عن متابعة القضايا السياسية والخدماتية والاجتماعية في المدينة، محافظةً على حضورها المعتاد.
الجماعة الإسلامية
أما الجماعة الإسلامية، التي كانت شريكاً حاضراً في المجالس البلدية السابقة، فتميل اليوم إلى خيار التوافق، معتبرةً أن التوقيت لا يحتمل منافسة انتخابية حادة، في ظل الظروف المصيرية التي يمر بها لبنان والمنطقة والتي تتطلب تعزيز التماسك والوحدة. وتشير مصادرها إلى دعمها تشكيل مجلس بلدي يضمّ ممثلين عن مختلف الأطراف السياسية، شرط أن يكونوا من أصحاب الكفاءة والاختصاص، بعيداً من الحسابات الضيقة أو المحاصصة التقليدية.
مجموعات التغيير
وأخيراً، يبقى المجتمع المدني، وتحديداً مجموعات التغيير، موضع تساؤل كبير: هل ستصبح لاعباً إضافياً في المشهد البلدي؟ فهذه المجموعات التي بدأت بالظهور عقب ثورة 17 تشرين الأول 2019، لم تخض تجربة الانتخابات البلدية سابقاً. ورغم محاولاتها في الانتخابات النيابية لعام 2022، لم تحقق نتائج مشجعة، إذ لم تتمكن من الاتفاق على مرشح موحّد، ما أدى إلى تشتت الأصوات. حتى الآن، لم تكشف أي من المجموعات عن موقفها النهائي، مع انتظار أن يتضح موقفها في وقت لاحق.