اخبار لبنان
موقع كل يوم -جريدة الديار
نشر بتاريخ: ٢٤ أيار ٢٠٢٥
تُعد الغلوكوما، أو ما يُعرف بالمياه الزرقاء، من أكثر أمراض العيون شيوعًا وخطورة، حيث تتسبب ببطء في تدمير العصب البصري، ما يؤدي تدريجيًا إلى فقدان البصر إذا لم يتم علاجها في الوقت المناسب. وعلى الرغم من أن خفض ضغط العين لا يزال الوسيلة الأساسية لعلاج الغلوكوما، فإن الاهتمام يتزايد في الأوساط العلمية بدور بعض العناصر الغذائية، لا سيما فيتامينات B6 وB9 وB12، في دعم صحة العصب البصري وتقليل التلف الناتج عن هذا المرض المزمن.
يُعرف عن فيتامين B6 (البيريدوكسين)، وفيتامين B9 (الفولات)، وفيتامين B12 (الكوبالامين) أن لهم دورًا مهمًا في الوظائف العصبية، حيث يسهمون في إنتاج النواقل العصبية، وصيانة الأعصاب، وتكوين الميالين، وهو الغلاف الواقي للألياف العصبية. عند نقص هذه الفيتامينات، قد يصبح العصب البصري أكثر عرضة للتلف الناتج من العوامل المؤكسدة أو الالتهابية، ما يسرّع من تطور الجلوكوما ويزيد من احتمالات تدهور الرؤية.
أظهرت دراسات سريرية أن المرضى المصابين بالغلوكوما يعانون في كثير من الأحيان من مستويات منخفضة من فيتامينات B، وخاصة فيتامين B12، وهو فيتامين أساسي للحفاظ على صحة الألياف العصبية. وقد بينت الأبحاث أن مكملات فيتامين B12 قد تساعد في إبطاء عملية ضمور العصب البصري، وتحسين التوصيل العصبي، لا سيما في المراحل المبكرة من المرض. أما فيتامين B9، فهو يعمل على خفض مستويات الهوموسيستين في الدم، وهي مادة ضارة قد تسهم في تلف الأوعية الدقيقة التي تغذي العصب البصري. وقد رُبط ارتفاع الهوموسيستين في بعض الدراسات بتفاقم اللوكوما.
من جهة أخرى، يساعد فيتامين B6 في تنظيم وظيفة الجهاز العصبي، ويُعتقد أن له دورًا تكامليًا مع الفيتامينات الأخرى في تقوية الأنسجة العصبية ومقاومة الالتهاب، مما يجعله جزءًا مهمًا من استراتيجية التغذية الوقائية في حالات الجلوكوما. وفي بعض التجارب، أظهرت التوليفة المكوّنة من الفيتامينات الثلاثة نتائج واعدة في تقليل مؤشرات الإجهاد التأكسدي، وتحسين التروية الدموية للعصب البصري.
مع ذلك، يجب التنويه إلى أن هذه الفيتامينات لا تُعد علاجًا مباشرًا للغلوكوما، بل هي عوامل مساعدة تكمّل العلاجات التقليدية المعتمدة مثل القطرات المخفضة لضغط العين أو التدخلات الجراحية. كما أن الاستفادة من هذه الفيتامينات تعتمد على الحالة الصحية العامة للمريض، ودرجة تقدم المرض، ومدى التزامه بالخطة العلاجية والغذائية.
ختامًا، فإن إدراج فيتامينات B6 وB9 وB12 ضمن النظام الغذائي لمرضى الغلوكوما قد يكون له أثر إيجابي في حماية العصب البصري وإبطاء تدهور الرؤية. ومع تزايد الأدلة العلمية حول فوائدها، بات من الضروري استشارة الطبيب المختص أو اختصاصي التغذية لتحديد الجرعات المناسبة وضمان التوازن بين العلاج الدوائي والدعم الغذائي، مما يعزز فرص الحفاظ على البصر وجودة الحياة.