اخبار لبنان
موقع كل يوم -المرده
نشر بتاريخ: ٢٣ حزيران ٢٠٢٥
لم تكد تمرّ ساعات قليلة على التفجير الإرهابي الذي استهدف كنيسة مار الياس للروم الأرثوذكس في حي الدويلعة شرق العاصمة السّورية دمشق، وأدّى إلى سقوط عدد من الضحايا الأبرياء جراءه، حتى سارع رئيس الحكومة اللبنانية نوّاف سلام إلى استنكاره بأشدّ العبارات، وعارضاً “إستعداد لبنان للتعاون والتنسيق في كلّ ما من شأنه تعزيز الأمن ومواجهة الإرهاب”، حسب البيان الذي صدر عنه.
مسارعة سلام إلى استنكار “العمل الإجرامي الدنيء” كما وصفه، والذي جعله أوّل مسؤول غير سوري يسارع إلى استنكار الجريمة التي وقعت في الكنيسة خلال إقامة قدّاس ديني، يعود بالدرجة الأولى إلى استشعاره الخطر المحدق بلبنان أيضاً، إنطلاقاً من قناعة واسعة لدى معظم اللبنانيين من أنّ أيّ تطوّر يحصل في سورية، سلباً أم إيجاباً، ينعكس على لبنان أكثر من أيّ بلد عربي آخر مجاور، إنطلاقا من علاقات الجغرافيا والتاريخ وروابط المصير والمصالح المشتركة التي تحكم العلاقات بين البلدين.
كما أنّ إعراب سلام عن “استعداد لبنان للتعاون والتنسيق، مع دمشق، في كلّ ما من شأنه تعزيز الأمن ومواجهة الإرهاب” لم يأتِ من فراغ، بل جاء بعد تقارير إخبارية وأمنية وصلته واطلع عليها خلال الآونة الأخيرة، أشارت إلى استعداد جماعات إرهابية مشدّدة وتحضيرها للقيام بأعمال من شأنها أن تضرب الإستقرار الأمني الهشّ في لبنان وسورية معاً.
وما رفع منسوب القلق لدى المسؤولين في لبنان بعد تفجير الكنيسة الدمشقية هو أن تمتد يد الإرهاب إليه لتضرب مراكز وأماكن دينية مختلفة، بهدف زرع الشّقاق والفتنة، ما أعادهم بالذاكرة إلى تفجير كنيسة سيدة النجاة في محلة ذوق مكايل قرب مدينة جونية في 27 شباط من العام 1994، وهو تفجير أعاد بشكل كبير رسم المشهد السّياسي في لبنان في تلك الفترة، وجعل الهاجس الأمني حينذاك يتقدّم على عداه، وهو هاجس عاد بشكل أو بآخر إلى لبنان مجدّداً.
التطوّر الأمني الخطير في العاصمة السّورية دمشق جاء في ظلّ أجواء القلق الواسعة التي تهيمن على منطقة الشرق الأوسط كلّها بسبب العدوان الإسرائيلي على إيران الذي بدأ في 13 حزيران الجاري، والذي يُنذر بعد مرور 10 أيّام عليه باتساع رقعته خلال الفترة المقبلة، ووضع المنطقة برمتها فوق برميل بارود.
وإذا كان الوضع السياسي والأمني المتأزّم في المنطقة يفرض على لبنان إتخاذ أقصى درجات الإحتياط والإستنفار الأمني، والتدابير والإجراءات المطلوبة، فإنّها تستدعي في الدرجة الأولى الحدّ الأدنى من الوحدة الوطنية والتضامن السّياسي والشّعبي، والإبتعاد عن سياسة الزورايب التي اشتهر بها السّاسة في لبنان للأسف، وعن تصفية الحسابات الضيّقة التي ألحقت على الدوام بلبنان أشدّ الأضرار، وجعلته في مهبّ رياح التطوّرات في المنطقة، والتي تهبّ هذه الأيّام بشكل عاصف لم تعرفه من قبل.