اخبار لبنان
موقع كل يوم -الهديل
نشر بتاريخ: ٢٦ تشرين الثاني ٢٠٢٥
خاص الهديل….
بقلم: ناصر شرارة
توجد فكرة شائعة وهي أن نتنياهو بحاجة لوقت إضافي يستغله ليشعل فيه الحروب حتى لا يقع في مستنقع أزماته الداخلية المتراكمة. وهذه الفكرة تؤكد دون ملل على أن الحرب هي أحد خيارات نتنياهو الأساسية للحفاظ على ائتلافه اليميني وللحفاظ على موقعه في السلطة.
وهذه الفكرة تقول ان عملية طوفان الأقصى استغلها نتنياهو لمنع سقوطه نهايات العام ٢٠٢٣ وذلك على خلفية التظاهرات التي كانت تسير أسبوعياً ضده في شوارع تل أبيب من قبل حشود كثيفة اعترضت على سياساته التي أسماها بعملية الإصلاحات القضائية.
ومنذ اشتعلت حرب غزة ومعظم المحللين يقولون إن نتنياهو يتقصد إطالة عمر الحرب لأنه في اللحظة التي تتوقف بها سيتم استئناف محاكماته وسوف يواجه تهمة التقصير في التصدي لعملية ٧ اكتوبر ٢٠٢٣.
وحالياً يشيع أن نتنياهو سيعاود الحرب في غزة حتى يهرب من مواجهة مصيره في الداخل الإسرائيلي. وبالتزامن يشيع أيضاً أن نتنياهو سيشن حرباً جديدة على لبنان لكي يتجنب السقوط في المستنقع الداخلي الإسرائيلي.
السؤال الذي يطرح نفسه هو هل فعلاً نتنياهو يهرب بالحرب من يوم الحساب الداخلي الذي سيواجهه عند لحظة وقفها؛ وهل هدف الهروب من المحاسبة هو الذي يقف وراء توجهه الآن لمعاودة الحرب على لبنان واستناف الحرب على غزة؟؟..
لا شك أن هناك أسباباً داخلية لقرار نتنياهو بالاستمرار بالحرب أو بتوجهه للاستمرار في الحرب سواء على غزة أو لبنان أو حتى على إيران؛ ولكن بنفس الوقت هناك أسباباً موضوعية للاستمرار في الحرب؛ وهي أسباب تخص مشروع اليمين الصهيوني الديني والقومي وليس فقط مستقبل نتنياهو، بل ان الأخير هو معبر عن هذا المشروع وزعيمه الأبرز..
وحتى يمكن الإحاطة بهذه الفكرة يجدر التنويه لحقيقة أساسية وهي أن نتنياهو – بما يمثل – إنما يخوض حرباً على عدة جبهات؛ الأولى حرب على الجبهة الأساسية وتتمثل بحربه ضد غزة؛ الحرب الثانية على الجبهة الجيوسياسية وتشمل جبهات لبنان وسورية. الجبهة الثالثة الأهم وهي الحرب على الجبهة الايديولوجية وتشمل بالتحديد الضفة الغربية.
والواقع أن نتنياهو ليس لديه خيار كي يبقى زعيم تحالف اليمين القومي واليمين الديني إلا كسب الحرب على الجبهة الايديولوجية؛ علماً أن هذه الجبهة هي الأصعب، كونه يواجه فيها في هذه اللحظة على الأقل، فيتو وضعه ترامب على قيام إسرائيل بضم الضفة الغربية، وكان حدث ذلك عندما وعد ترامب زعماء عرب ومسلمين التقى بهم في واشنطن لنقاش مبادرة شرم الشيخ بمنع نتنياهو من ضم الضفة بمقابل دعم خطته التي أعلنها في شرم الشيخ والتي تعد في نهاياتها بتوفير ظروف 'قد' تؤدي لنيل الفلسطيني حقه بتقرير مصيره في دولة (حل الدولتين).
أما لبنان فهو يقع في تصنيف نتنياهو داخل مستوى الجبهة الجيوسياسية التي توجد إيران على رأس أهدافها. وبالنسبة لنتنياهو فإن لبنان كان يشكل 'الجبهة الجبلية' الأخطر ميدانياً داخل 'حلقة النار' التي بنتها إيران حول إسرائيل. وخطورة الجبهة الجبلية تتأتى من أنها تشكل مسرحاً مثالياً لشن هجمات بالطائرات المسيرة ضد المناطق الإسرائيلية الشمالية وفي أنها ميدان مثالي لاستعمال حزب الله الصواريخ ذات المسافات القصيرة كالكوتيوشا والهاونات، الخ.. وهذه الأنواع من الأسلحة قصيرة المدى والمضللة نظراً لطبيعة الجغرافيا تجعل منصات إسرائيل لرد الصواريخ قليلة الجدوى.. ولكن ضمن ظروف الوضع الحالي يمكن القول ان هذه الجبهة اللبنانية الجبلية تعرضت لضربة قوية من قبل إسرائيل وضعفت إمكانيات إعادة احيائها أو إرجاعها لنقطة القوة التي كانت عليها قبل ٧ أكتوبر ٢٠٢٣.
السؤال ضمن هذا الاستعراض هو عن الهدف الحقيقي لنتنياهو من وراء العودة لتهديد لبنان باستئناف الحرب ضده؛ حيث أن الهدف المعلن وهو منع الحزب من إعادة ترميم قوته يظل هدفاً نسبياً وليس جوهرياً، خاصة في ظل حقيقة أن الجيش اللبناني أنجز لحد بعيد مهمة إبعاد بنى الحزب العسكرية من منطقة جنوب الليطاني؛ أي أن الجبهة بين لبنان وإسرائيل من دون تواجد الحزب عسكرياً في جنوب الليطاني تفقد الكثير من مزاياها الاستراتيجية، وأقله لا تعود جبهة جبلية ذات مزايا تضيف فعالية هامة للمسيرات والصواريخ الصغيرة والمتوسطة المدى..
عليه يبقى هناك بعدان إثنان يهتم بهما نتنياهو على مستوى أهدافه في لبنان: الأول ارتباط ملف السلاح في لبنان بالوضع الجيوسياسي؛ أي ان استمرار الحرب مع لبنان يبقي فتيل الحرب مع إيران في حالة توتر. ولهذا السبب يمكن ملاحظة إصرار نتنياهو على أنه رغم وجود نظام معاد لطهران في سورية إلا أن إيران لا تزال تملك قدرة على تصدير سلاح لحزب الله عبر سورية. والهدف من هذا الإصرار هو وجود مصلحة لنتنياهو بإبقاء الحرب مع لبنان مرتبطة بالحرب على إيران.
الهدف الثاني هو استكمال نتنياهو ما يمكن تسميته 'بتغير الملعب الاستراتيجي'؛ وهذا مصطلح موجود في ادبيات الاستراتيجيين الإسرائيليين الذين يقولون ان المطلوب ليس فقط ضرب حماس بل ضرب الدولة التي تدعمها؛ لأن ذلك يجعل حماس من دون حماية ويجعل الدولة التي تحميها سياسياً تعيد حساباتها؛ ومن هنا ولدت فكرة العدوان على الدوحة.. وبخصوص حزب الله كان يجب تغيير الملعب الاستراتيجي السوري عبر إسقاط الأسد ما شكل للحزب ضربة جيوسياسبة قاتلة؛ وحالياً يبقى تغيير الملعب الاستراتيجي اللبناني من خلال تركيز الضغط على الدولة اللبنانية ليس فقط سياسياً بل أيضاً عسكرياً؛ والغاية من ذلك إشعار الدولة والجيش بأن عدم التحرك بسرعة بموضوع حصرية السلاح وموضوع الموافقة على الترتيبات الأمنية التي تقيمها إسرائيل من طرف واحد في جنوب لبنان؛ سيؤدي إلى جعل الدولة والجيش في لبنان؛ وليس فقط الحزب، يدفع الثمن!!..











































































