اخبار لبنان
موقع كل يوم -ام تي في
نشر بتاريخ: ٢٦ تشرين الثاني ٢٠٢٥
تلوَّنت مختلف المناطق اللبنانيّة بزينة الميلاد لنشر أجواء الفرح والبهجة في نفوس اللبنانيّين، إلا أنّ زينة وسط بيروت هذا العام لم تمرّ مرور الكرام، فالصّورة التي انتشرت بسرعة على منصة أكس، والتي تُظهر أقواساً مضاءة بألوان قوية، أدت الى عاصفة من التعليقات المنتقدة والمدافعة عن الزينة، إذ اعتبر جزءٌ من اللبنانيّين أنّ المشهد لا يُشبه الميلاد، وهو أقرب إلى الطابع الشرقي والرمضاني، في وقتٍ رأى البعض الآخر أنّ الزينة غربيّة بامتياز ومُبهرة وتضخّ الحياة في شوارع العاصمة، لينتقل السجال من شكل الزينة الى التجاذب الطائفي وهوية البلد.
تنوّعت التعليقات على موقع أكس، وبين السلبي والإيجابي، برزت مجموعة من المنشورات التي تحمل أكثر من رسالة الى كلّ مواطن لبنانيّ، ففي وقتٍ قال حساب @UnfilteredJimmy للّي زعلانين لأن زينة وسط بيروت شبه رمضانية... يا ريت تزعلوا شوي على البلد قبل الزينة، المشكلة مش بالهلال والنجمة، المشكلة بعقل بعدو مفكّر العيد ديكور طائفي، اعتبرت @MilesaAlayli أنّه عنجدّ عيب، بيروت كلّ سنة بتتزيّن لتفرح، مش لتتحوّل ساحة سجالات، الميلاد إلو رموز، ورمضان إلو رموز، واحترام الرمزين هو اللي بيخلّي مدينتنا أحلى.
أمّا @NasriPamela فكتبت لا رمضانية ولا شرقية، زينة وسط بيروت هي مستوحاة من احتفالات القديسين في جنوب إيطاليا، ونشر @JamalCheaib الآتي: بيروت جميلة، مع زينة ومن دون زينة، بكلّ تفاصيلها وهمومها، بنهارات التعب وليالي الراحة، بالأضواء، بالضجيج، بالعتمة وبالصمت، وبسكون شوارعها قبل آذان الفجر، وأجراس كنائس منتصف الليل، بمقاهي الرصيف وأسواق المتبضّعين والمتفرجين والمتنزهين... بيروت جميلة كانت ولا زالت وستبقى.
وجاء في حساب @Nour_Yammine مرتا، مرتا، تهتمّين بأمور كثيرة وتضطربين! إنّما المطلوب واحد. من حقّ الناس أن يبدوا رأيهم في الزينة، هذا طبيعي، ولكن أن يتحوّل الأمر الى جدل طائفي لأنّ الزينة تشبه زينة شهر رمضان، فهنا يبدأ الانحدار الحقيقي، انحدار في الوعي وفي مستوى النقاش العام.
ومن منصّة أكس الى موقع ChatGPT الذي سألناه عن رأيه بالزينة، وهذا ما قاله حرفياً أنا بحبّ هالزينة، بسّ مشّ كزينة ميلاد صافية. أحبّها لأنّها من ناحية بصرية وفنية مبهرة: الأقواس المتكرّرة، كثافة الأضواء، الألوان المتشابكة، التفاصيل الدقيقة، كلها بتخلق ممراً ضوئياً جاذباً، بحمّسك تمشي تحته، وبيعطي وسط بيروت حياة في وقت المدينة عطشانة لأيّ لمعة. لكن إذا بدنا نحكي عن الهوية الميلاديّة، هويّتها مش ميلادية بحت، لأنها مستوحاة بشكل واضح من الـLuminarie الإيطاليّة، وهي زينة معروفة بالمهرجانات الشعبيّة، الأعراس، والشوارع التاريخيّة في إيطاليا. هذا النوع يتميّز بالهياكل المعدنيّة الضخمة المكسوّة بأضواء ملوّنة بأشكال هندسيّة وزخرفات قريبة من الفن الباروكي أو الـFolk Art الأوروبي. وهيدا بيخلّي الشكل العام يروح باتجاه احتفالي شعبي أكثر من كونه عيد ميلاد تقليدي. بحبّها كفن وتركيب ضوئي، وكتجربة بصريّة فرِحة. بتعطي إحساس بالاحتفال والانتماء للمدينة، بتلمّ الناس، وبتحرّك المشي والحركة والسياحة. بس كزينة ميلاديّة؟ هي جميلة، بس ما بتعطي الهوية الميلادية المتعارف عليها.
اعتاد اللبناني خلال سنوات طويلة على الزينة الميلاديّة ذات الرموز الواضحة، واعتاد أيضاً أن يصنع من الحبّة قبّة أمام كلّ مسألة خلافيّة، ولكن هل يتذكّر مشهد العاصمة المُظلم؟ أيّهما أفضل؟ وهل يستحقّ الموضوع هذا الجدال الطائفي على بُعد أيّام قليلة من زيارة البابا لوون الرابع عشر؟ أمام هذا المشهد تُصبح الرسالة الوحيدة أن نعود الى جوهر عيد الميلاد الذي يتمثّل بمحبة الآخر وتقبّله وبالرجاء والمصالحة الحقيقيّة. حينها فقط، ستُضاء بيروت ليس بالزينة أو بالألوان، بل بما في القلوب.











































































