اخبار لبنان
موقع كل يوم -اندبندنت عربية
نشر بتاريخ: ١٢ أيلول ٢٠٢٥
فروا من القطاع بعد إصابتهم ويحدوهم الأمل في تركيب الأرجل والأيادي الاصطناعية في مستشفيات بيروت
لا يزال عمر أبو كويك ذو الست سنوات يعتقد أن يده المبتورة ستنمو من جديد في عيد ميلاده المقبل، وهو واحد من بين آلاف الأطفال الفلسطينيين الذين فقدوا أطرافهم وأحباءهم في حرب إسرائيل على غزة.
يقول عمر لعمته وهو يتحسس يده اليسرى التي باتت تنتهي عند المرفق 'ستعود كبيرة عندما أصبح سبع سنوات'.
كان عمر الناجي الوحيد من غارة إسرائيلية سوّت منزل جديه في غزة بالأرض في ديسمبر (كانون الأول) 2023 وأنهت حياة والديه وأخته وأقارب آخرين، وجاء عمر برفقة مجموعة صغيرة من العائلات الغزية إلى بيروت لتلقي العلاج الطبي اللازم.
تقول مها أبو كويك عمة عمر إنه أصبح الآن يناديها 'ماما'، وتحكي 'أصبح يخاف كثيراً، يخاف من النوم لأنه يحلم أن حرامي سيأتيه من الشباك، وأن هناك صوتاً عالياً، لذلك يريد أن نظل نضحك، وأن أحكي له'.
وانتشل عمر من تحت الأنقاض بجروح بالغة، وساق مهشمة، وكانت يده اليسرى مبتورة بفعل الانفجار.
وبسبب الدمار الذي تعرضت له مستشفيات غزة، اضطرت مها إلى الاستنجاد بمنظمة الصحة العالمية التي نظمت إجلاء عمر إلى مصر للعلاج الأولي، قبل أن ينقل إلى لبنان.
وجدت مها نفسها أمام خيار مصيري، فتركت أبناءها في غزة لترافق عمر في رحلة علاجه، وتقول 'أصعب قرار في حياتي كان ترك أولادي في منطقة حرب، لكن عمر ما كان عنده أحد غيري، وما استطعت تركه'.
والآن، يدرس الأطباء في بيروت إمكان تركيب طرف اصطناعي لعمر وإجراء عمليات ترميمية قد تعيد له بعض الأمل.
'أنت بطل'
لا يذكر أمير حجاج (14 سنة) سوى لمحات من الليلة التي تغيرت فيها حياته للأبد، وميض أحمر وانفجار، ومن ثم صمت قاتل، وقال أمير بصوت خافت 'كنت أجلس على كرسي، فجأة رأيت ضوءاً أحمر قريباً، ثم انفجر وقلبت على الأرض'.
قالت آلاء، أخت أمير الكبرى، إن غارة أصابت منزل العائلة في غزة في أواخر عام 2023، اخترقت الشظايا كتفيه ورجله ويده ونزف لساعات بينما كانت الدبابات الإسرائيلية تقصف الشارع الذي يقطنون فيه أثناء محاولتهم الفرار.
ومضت بالقول 'أصبح يطالبنا بتركه، وأن نغادر لننجو لأنه لا يريد النجاة، كيف نتركك يا أمير؟ ولمن نتركك؟'.
ظل أمير ينزف ساعات على أرض المستشفى المزدحم، حين تمكن الأطباء من الكشف عليه، لكن كان الأوان قد فات لإنقاذ أصابع يده اليمنى.
وجرى نقل أمير إلى مصر حيث عملت جمعية إغاثة أطفال فلسطين على ترتيب إجراءات نقله إلى لبنان، وهو ينتظر الآن تلقي علاج فيزيائي وعلاج لأعصاب يده.
وذكرت آلاء 'عندما يحاول إخفاء يده أقول له أظهر يدك يا أمير لا تخفها، أنت بطل يا أمير'.
وبحسب تقرير صادر عن منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف) أُصيب أكثر من 45 ألف طفل في غزة منذ بدء الحرب في أكتوبر (تشرين الأول) 2023، كثير منهم بإصابات غيّرت مجرى حياتهم.
ووفقاً للتقرير قُتل أكثر من 18 ألف طفل، من بين إجمال عدد قتلى الحرب الذي تجاوز 64 ألفاً.
بدأت إسرائيل حملتها العسكرية على غزة بعد هجوم شنّته حركة 'حماس' عبر الحدود أسفر عن مقتل 1200 شخص، وفقاً لإسرائيل.
وتواصل إسرائيل هجومها على رغم تزايد الضغوط الدولية، وسط تعثّر مستمر في عمليات الإجلاء نتيجة القصف المتواصل، وانهيار البنية التحتية، وتغيّر مسارات الإخلاء.
وصلت ألفت عبدالكريم عبدالله، وهي أم لثلاثة أطفال، إلى لبنان مع ابنتيها المصابتين، ميس (خمس سنوات) المصابة بثلاثة كسور وتمزق في عصب ساقها، وآية (سبع سنوات) التي فقدت ساقها اليمنى.
في الثامن من نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، دمر قصف إسرائيلي منزلهن في غزة. وقالت ألفت بصوت يكاد يكون أشبه بالهمس 'لم أسمع الانفجار حتى'.
وتابعت 'كنت نائمة إلى جوار بناتي، وفجأة سمعت صرخة آية، ميس لم تصرخ، لم أسمع صوت قذيفة أو انفجار أو أي شيء، لا أعلم ما الذي جرى، لدرجة أنني ظننت أن ميس لم تصب، ربما لأن آية كانت الضربة قاضية لها، إذ كانت رجلها مفتتة أمامنا'.
تتمسك ألفت بالأمل في أن يزول ألم ابنتيها أخيراً، وقال أطباء في المركز الطبي بالجامعة الأميركية في بيروت وصندوق غسان أبو ستة لرعاية الأطفال إن آية ستحتاج إلى طرف جديد، بينما قد تتمكن ميس من المشي مجدداً بالعلاج الفيزيائي وحده.
وقالت والدتهما 'أتمنى أن يكون العلاج كفيلاً بأن يغير مجرى حياتهما للأحسن'.