اخبار لبنان
موقع كل يوم -جريدة اللواء
نشر بتاريخ: ٩ أيار ٢٠٢٥
نوال أبو حيدر
يُعدّ قطاع الطيران اللبناني أحد الركائز الأساسية للاقتصاد الوطني، حيث يُعتبر مطار رفيق الحريري الدولي في بيروت من أبرز المرافق الحيوية التي تربط لبنان بالعالم. ومنذ فترة طويلة، شكّل هذا القطاع مصدراً رئيسياً للإيرادات والعوائد المالية، إضافة إلى دوره الهام في تعزيز السياحة والتجارة. إلّا أن الأزمة الاقتصادية التي تعصف بالبلاد، فضلاً عن التحدّيات الأمنية والسياسية، تسببت في تدهور هذا القطاع الحيوي.
كما وأدّى انفجار مرفأ بيروت إلى دمار كبير في بنيته التحتية، وفي الوقت نفسه، شهد مطار بيروت تحديات عدة تتعلق بالحفاظ على الأمن وتطوير المنشآت. تواجه السلطات اللبنانية اليوم مهمة معقّدة تتمثل في إعادة إعمار هذه البنى التحتية، حيث يسعى لبنان إلى استعادة ثقة المستثمرين والسياح، وضمان فعالية الأمن وسلامة العمليات الجوية في مطار بيروت. كما وتمثل إعادة إعمار المرفأ خطوة أساسية نحو استعادة القدرة على التعامل مع حركة التجارة البحرية العالمية، بينما يشكّل تحديث البنية التحتية للمطار جزءاً من الجهود الأكبر لاستعادة صورة لبنان كوجهة سياحية وتجارية.
هل يتم العمل على وضع إطار استراتيجي وطني لقطاع الطيران؟ وماذا عن الهيئة الناظمة لقطاع الطيران المدني؟
في حديث خاص لـ «االواء»، يقول وزير الأشغال العامة والنقل، فايز رسامني إننا «ندرك تماماً أن قطاع الطيران يشكّل ركيزة أساسية للنمو الاقتصادي والانفتاح على العالم، ولهذا نعمل على وضع إطار استراتيجي وطني يأخذ بعين الاعتبار مختلف جوانب السلامة، التسهيلات، الحوكمة، والاستدامة، ويهدف إلى تطوير مطار رفيق الحريري الدولي وتفعيل مطار رينيه معوض – القليعات».
ويتابع: «باشرت الوزارة باتخاذ الخطوات العملية لتأسيس الهيئة الناظمة لقطاع الطيران المدني وفق أحكام القانون رقم ٤٨١/٢٠٠٢، حيث أُنجزت الهيكلية التنظيمية اللهيئة، وتمّت إحالتها إلى وزارة التنمية الإدارية ومجلس الخدمة المدنية وذلك استناداً إلى الآلية المعتمدة من قبل مجلس الوزراء».
هل أنجزت خطة متكاملة من قبل وزارة الأشغال حول إعادة إعمار البنى التحتية بعد دراسة البنك الدولي؟
أمام كل هذه المعطيات، يعتبر رسامني أن «إعادة إعمار البنى التحتية هي مسار وطني يتطلب تنسيقاً وثيقاً بين الجهات المعنية، وفي طليعتها رئاسة الحكومة ومجلس الإنماء والإعمار. نحن في وزارة الأشغال العامة والنقل نضع خبراتنا الفنية بتصرّف الدولة، ونساهم في أي خطة وطنية تُقرّ، ضمن نطاق صلاحياتنا. ولوزارة الأشغال دور رقابي على تنفيذ خطة البنك الدولي».
ويتابع: «التقديرات الصادرة عن البنك الدولي، والتي تُقدّر كلفة إعادة الإعمار بما بين 11 و14 مليار دولار، تعكس حجم الأضرار وتعقيدات المشهد الراهن. إلّا أن هذه الأرقام تبقى مرهونة باستكمال التقييمات التفصيلية على الأرض، والتي تقوم بها الجهات المختصة - لا سيما أنه لا يمكن الوصول إلى بعض المناطق التي لا تزال محتلة أو تتعرض للعدوان».
هل سيكون المطار وأمنه بعيداً وبمنأى عن أي رسائل سياسية داخلية وخارجية؟
على هذا الصعيد، يرى رسامني أن «أمن مطار رفيق الحريري الدولي هو مسألة سيادية غير قابلة للمساومة. الإجراءات الأمنية تُدار حصراً من قبل الأجهزة اللبنانية المختصة، ويخضع المطار بكامله لإمرة الدولة اللبنانية دون أي تدخل من أي جهة داخلية أو خارجية».
ويتابع: «اتخذنا مجموعة من التدابير الصارمة بالتعاون مع جهاز أمن المطار والجمارك، ونعمل على تزويده بأحدث التكنولوجيا في مجال التفتيش والمراقبة»، معتبراً أنه « كما قمنا بجولات تنسيقية مع وزيري الداخلية والمالية لتأمين كل ما يلزم لضمان أعلى مستويات الحماية. لا مكان في هذا المرفق الحيوي لأي رسائل سياسية أو حسابات ظرفية، بل هو أداة وصل سيادية بين لبنان والعالم، وسنحافظ على حياده الكامل».
هل سيتم العمل على استراتيجية وطنية لقطاع الطيران برؤية تطويرية اقتصادية متكاملة؟
ووسط هذه الوقائع، يقول رسامني: «ندرك تماماً محدودية الزمن، لكننا لا نقيس الإصلاحات بمقياس الوقت بل بعمق الرؤية ووضوح الأهداف. انطلاقاً من ذلك، تعمل الوزارة على وضع استراتيجية وطنية لقطاع الطيران تأخذ في الاعتبار إعادة تموضع لبنان على خارطة النقل الجوي إقليمياً ودولياً، فنحن نحرص على وضع هذه الرؤية كمرجعية يمكن البناء عليها مستقبلاً، وهي لا ترتبط فقط بعمر الحكومة بل بإرادة الاستمرارية والتحديث التي نتمسّك بها».
ما هي أبرز المستجدات حول إعادة إعمار مرفأ بيروت بعد مرور ما يقارب 5 سنوات على الانفجار؟
في هذا الخصوص، يعتبر رسامني أن «ملف مرفأ بيروت يحتل موقعاً محورياً ضمن أولويات الوزارة. في الوقت الراهن، تُشرف لجنة مؤقتة على تسيير شؤونه التشغيلية، ونعمل بالتوازي على بلورة تصور لمعالجة الوضع القانوني لإدارة المرفأ، يتمتع بالمرونة والشفافية والكفاءة المطلوبة لإدارة هذا المرفق الحيوي».
ويتابع: «في الجانب الأمني، وبتنسيق وثيق مع الجيش اللبناني والجمارك، باشرت الوزارة بوضع خطة لتعزيز التدابير الرقابية».
ويختم: «هدفنا هو إعادة المرفأ إلى موقعه الطبيعي كمركز لوجستي محوري في شرق المتوسط، بما يعزّز السيادة اللبنانية ويستعيد الثقة المحلية والدولية بدوره الاقتصادي».