اخبار لبنان
موقع كل يوم -هنا لبنان
نشر بتاريخ: ١ أيار ٢٠٢٥
في ظلّ التطورات المتسارعة في الجنوب اللبناني، تشهد الساحة الأمنية والسياسية تحرّكًا أميركيًا لافتًا تمثّل بتبديل رئاسة لجنة الإشراف الدولية وتفعيل عملها لمواكبة تنفيذ قرار وقف إطلاق النار وبسط سلطة الدولة اللبنانية في المناطق الحدودية. وتكشف المعطيات عن تغيرات ملموسة في مقاربة واشنطن للوضع اللبناني، لا سيما عبر تعيين الجنرال مايكل ليني كقائد عسكري أميركي رفيع بدوام كامل في بيروت، وما رافق ذلك من وعود بتكثيف الاجتماعات والمتابعة الميدانية.
وحسب ما توافر لـ'اللواء' فإنّ اللقاءات بين الوفد الأميركي ورؤساء لبنان أثمرت عن تفعيل عمل اللجنة عبر تعيين ضابط أميركي جديد هو الجنرال مايكل ليني بدل الرئيس السابق الجنرال جاسبر جيفرز، الذي تم تعيينه كـ 'قائد لقوات العمليات الخاصة الأميركية في بلاد الشام والخليج العربي وآسيا الوسطى'، والتي يشمل عملها لبنان. كما أثمرت وعداً من الجنرال ليني بأن تبدأ لجنة الاشراف إجتماعات دورية دائمة لمتابعة الوضع في الجنوب. فيما أكد مصدر أمني لبناني أنّ حزب الله أبلغ الجيش أنه لم يعد لديه مواقع عسكرية بجنوب الليطاني. وأنّ الجيش اللبناني فكّك ما يفوق 90 في المئة من البنى العسكرية العائدة للحزب في منطقة جنوب نهر الليطاني المحاذية للحدود، منذ سريان وقف إطلاق النار.
وأضاف المصدر، من المحتمل وجود مواقع قد لا نعلم بوجودها، لكن في حال اكتشفناها، سنقوم بالاجراءات اللازمة حيالها، حزب الله انسحب وقال افعلوا ما تريدون… لم تعد ثمة تركيبة عسكرية للحزب في جنوب الليطاني.
وذكرت مصادر حكومية واكبت جولة الوفد الأميركي لـ 'اللواء': أن الجنرال جاسبير كان أصلاً في موقع مؤقت بلجنة الإشراف إلى حين تعيين الجنرال ليني، وأن الأخير سيكون ضابطاً مقيماً في لبنان وسيعقد اجتماعات دورية للجنة الإشراف لمتابعة الوضع الجنوبي ووقف التوتر، وقال الجنرال ليني ما معناه أنه سيتصرف حيال استمرار الخروقات الاسرائيلية وعرقلة انتشار الجيش اللبناني في باقي مناطق الجنوب، ما يدل على جدّية أميركية هذه المرة في تفعيل عمل اللجنة واتخاذ إجراءات عملية، خاصة أنّ الجانب الأميركي أكد للرؤساء أنه سيقوم بما عليه وعلى لبنان مواصلة ما يقوم به من إجراءات ميدانية لبسط سيطرة الجيش والدولة في كل المناطق.
ولكن المصادر الحكومية أوضحت أنّ لبنان سيترقب اجتماعات لجنة الإشراف وما سيصدر عنها وما ستقوم به من إجراءت. لذلك تبقى العبرة في التنفيذ، فتسلُّم الجنرال ليني هو تبديل تقني ولو أنّه سيكون متفرغاـ أكثر من جيفرز، ويبقى المهم التوجهات السياسية الخارجية في معالجة مشكلة التواجد الإسرائيلي.
كواليس اللقاءات
أما عن كواليس اللقاءات التي عقدت، فعلمت “نداء الوطن” أنّ اجتماع بعبدا شكل مناسبة للتعارف بين رئيس الجمهورية ورئيس لجنة المراقبة الجديد وتم التداول في الوضع الجنوبي، فركز الرئيس عون على الخروقات الإسرائيلية المستمرة وعدم حصول الانسحاب رغم مرور وقت ولم تتم إعادة الأسرى، ودعا إلى تفعيل عمل لجنة المراقبة وتعزيز فعاليتها. وشرح الرئيس بالوقائع ما يقوم به الجيش جنوباً بشأن احتكار السلاح وبسط سلطة الدولة وتطرقا إلى عمليات إطلاق الصواريخ من الجنوب على إسرائيل مرتين في حين نجح الجيش بكشف العملية الثالثة قبل حصولها.
وعن الاجتماع مع رئيس الحكومة، كشفت مصادر حكومية لـ “نداء الوطن” أنّ اللجنة أكدت تفعيل عملها، معتبرة أنّ الدولة اللبنانية تقوم بواجبها ولكن المطلوب منها بذل المزيد. أمّا الجانب اللبناني فلفت إلى أنّ الوجود الإسرائيلي على الأراضي اللبنانية والخروقات المستمرّة، يساهمان في تقويض الدولة ومنعها من بسط السيطرة على كامل أراضيها. وتقول المصادر إنّ الوفد كان متفهّماً للموقف اللبناني.
ووصفت مصادر وزارية عبر “نداء الوطن” بقاء جنرال أميركي في بيروت بأنه “رسالة أميركية مفادها أن واشنطن لن تترك لبنان إلا وقد أصبح فعلاً خالياً من أية بقعة تهديد لواقعه الإقليمي”. وأضافت: “دخلنا عصراً جديداً بعد مرحلة السيطرة الإيرانية على لبنان فأصبح لبنان جزءاً لا يتجزأ من أولوية أميركية إضافة إلى أولوية المجتمعَين العربي والدولي”. وخلصت المصادر إلى القول: “إنها رسالة لإيران وغيرها أن الولايات المتحدة أصبحت في لبنان مباشرة”.
وسط تأكيدات مصادر رفيعة لـ'الجمهورية'، 'أنّ التغيرات رافقت انتقال اللجنة إلى رئاسة جديدة بمواكبة حثيثة لاتفاق وقف إطلاق النار، والتزام كل الأطراف بمندرجاته، وسريانه بما يوفر الأمن والإستقرار خصوصاً على جانبي الحدود'.
في ضوء هذه التحولات، يبدو أن الجنوب اللبناني بات محورًا لتوازنات دقيقة تتداخل فيها المصالح الدولية والإقليمية، وسط إشارات واضحة إلى تبدل في المقاربة الأميركية تجاه لبنان. وبين وعود التفعيل الأميركي ومطالب الدولة اللبنانية، تبقى الأنظار شاخصة إلى ما ستؤول إليه خطوات لجنة الإشراف الجديدة، ومدى قدرتها على ضبط الوضع الميداني ومواجهة التحديات المزمنة.