اللاذقية تحترق: خمسة أيام من النيران… ولبنان ينضم إلى الجهود الإقليمية لإخمادها

في مشهدٍ مؤلمٍ يتجدّد مع كل موسم حرائق، لا تزال ألسنة اللهب تشتعل في ريف اللاذقية الشمالي لليوم الخامس على التوالي، مهدّدةً واحدةً من أغنى المناطق الطبيعية في سوريا. وعلى الرَّغم من التحدّيات الجغرافية والمناخية الهائلة، فإنّ جهود الإطفاء مستمرّة من دون توقف، مدعومةً بتضامنٍ إقليميّ لافت. فاستجابةً لمبادرة لبنانية وبالتنسيق مع السلطات السورية، أقلعت صباح اليوم طوّافتان تابعتان للقوات الجوية اللبنانية للمشاركة في عمليات الإخماد، في وقتٍ تتكاتف فيه فرق من سوريا وتركيا والأردن لاحتواء الكارثة. وبين تصاعد النيران ومساعي السيطرة، تبرز روح التعاون العربي كأملٍ لإنقاذ ما تبقّى من الغابات المنكوبة.

جهود ميدانية متواصلة وتنسيق إقليمي

صدر عن قيادة الجيش – مديرية التوجيه البيان الآتي: 'توجهت طوّافتان تابعتان للقوات الجوية منذ صباح اليوم من مطار القليعات – عكار للمشاركة في إخماد حرائق في ريف اللاذقية، بناءً على مبادرة من السلطات اللبنانية، وذلك بالتنسيق بين قيادة الجيش والسلطات السورية'.

وكان مسؤول سوري قد أعلن، صباح اليوم الإثنين، أنّ فرق الإطفاء تواصل لليوم الخامس على التوالي جهودها لإخماد الحرائق المشتعلة في ريف اللاذقية الشمالي، مشيرًا إلى إحراز تقدمٍ جزئيّ في السيطرة على بعض البؤر النشطة.

ووفقًا لما نقلته وكالة الأنباء السورية الرسمية 'سانا'، أوضح مدير الدفاع المدني في الساحل السوري، عبد الكافي كيال، أنّ عمليات الإخماد التي بدأت منذ خمسة أيام متواصلة تحقق تقدمًا في احتواء عددٍ من مواقع النيران.

وأشار كيال إلى أنّ فرق الدفاع المدني، إلى جانب فرق الإطفاء المشاركة من كلّ من تركيا والأردن، تبذل جهودًا كبيرةً لمنع امتداد النيران ووصولها إلى مناطق جديدة من الغطاء النباتي.

وأضاف أن ثلاث مناطق رئيسية لا تزال تحت تأثير الحرائق حاليًا، وهي: رأس البسيط، قسطل معاف، وربيعة، لافتًا إلى استمرار العمل لمنع وصول النيران إلى ناحية كَسَب، التي تضمّ أكبر محمية غابات في سوريا. وأكّد وجود تنسيق واسع مع مختلف الجهات لتوفير الدعم الفني والبشري اللازم لاحتواء الحرائق، معربًا عن أمله في تحقيق المزيد من السيطرة خلال الساعات المقبلة.

وفي سياقٍ متصلٍ، ذكر الدفاع المدني أنّ جهودًا مكثفةً بُذلت خلال الليلة الماضية، خاصةً في منطقتي جبل التركمان وغابات الفرنلق، حيث ازدادت حدّة الحرائق. وأوضح أنّ فرق الإطفاء واجهت صعوباتٍ في وديان جبل التركمان شديدة الانحدار، حيث عملت على إنشاء خطوط عزل لمنع انتشار النيران، كما استمرت الحرائق بالتمدّد نحو مناطق كثيفة الأشجار في غابات الفرنلق، وسط رياحٍ قويةٍ وتضاريس صعبة.

وفي إطار الدعم الإقليمي، أرسل لبنان طائرتَيْ إطفاء مروحيتيْن للمشاركة في جهود إخماد النيران، لتنضم إلى الفرق التركية والأردنية التي وصلت في اليومين الماضيين، مزودةً بفرق ميدانية وطائرات خاصة.

ولا تزال عمليات الإطفاء مستمرةً منذ الخميس الماضي بمشاركة أكثر من 80 فريقًا ميدانيًا ونحو 180 آليةً متنوعةً، ضمن غرفة عمليات مشتركة أسّستها وزارة الطوارئ وإدارة الكوارث، بمشاركة الوزارات والمنظمات المعنية، بالإضافة إلى دعمٍ من القوات السورية الجوية والبرية، إلى جانب الأهالي والمتطوّعين ومنظمات المجتمع المدني.

وقد أدّت هذه الحرائق إلى تضرّر أكثر من 10 آلاف هكتار من الأراضي حتى الآن، في واحدةٍ من أسوأ موجات الحرائق التي تشهدها المنطقة، في ظلّ تحدياتٍ كبيرةٍ تواجه فرق الإطفاء، تشمل الأحوال الجوية القاسية، والرياح القوية، ووعورة التضاريس، إضافةً إلى وجود ألغام ومخلّفات حرب، فضلًا عن الإهمال المزمن في إدارة الغابات وعدم وجود خطوط نارية، مما يصعّب من عمليات السيطرة على النيران، وفقًا للمسؤولين.