اخبار لبنان
موقع كل يوم -الهديل
نشر بتاريخ: ٣ تشرين الأول ٢٠٢٥
خاص الهديل:
بقلم محمد طارق عفيفي
80% ارتفاع بوفيات السرطان في لبنان: الفساد أخطر من المرض
فجّر تقرير صحيفة «دايلي مايل» البريطانية صدمة كبرى، بعدما وضع لبنان في المرتبة الأولى عالميًا بارتفاع نسب وفيات السرطان خلال العقود الثلاثة الماضية بنسبة وصلت إلى 80%. هذه الأرقام الكارثية لا تحتمل التأويل، فهي مؤشر إلى أزمة صحية وبيئية خانقة تنذر بمزيد من المآسي إذا استمرّت سياسة التغاضي والإهمال.
الأسباب معروفة ومكشوفة للجميع: أزمة النفايات المزمنة ومعالجتها بطرق بدائية، تلوث المياه الجوفية والأنهار، الهواء المشبع بالدخان السام والانبعاثات، والاستخدام العشوائي للمبيدات والمواد المسرطنة في الزراعة. لكن الأخطر أن عوامل أخرى ساهمت في تضخيم الكارثة، من بينها:
المولدات الكهربائية الخاصة التي تغطي سماء المدن والبلدات بدخان قاتل على مدار الساعة.
البضائع والمواد المهرّبة التي تدخل البلاد بلا أي رقابة صحية أو مواصفات، وتتحول إلى سموم قاتلة على موائد اللبنانيين.
المحارق العشوائية التي تُشعِلها البلديات أو الأفراد للتخلص من النفايات، ناشرة غازات سامة تؤثر مباشرة على صحة الأطفال والكبار.
انعدام الرقابة الرسمية على الأدوية، الأغذية، وحتى الهواء الذي يتنفسه الناس.
وعوامل غيرها يطول ذكرها وشرحها، بدءاً من غياب سياسات التخطيط العمراني، مروراً بالفوضى في قطاع النقل وما يسببه من تلوث، وصولاً إلى غياب الرقابة على الصناعات والمشاريع التي تنفث سمومها في البيئة بلا محاسبة.
الخطير أن هذا الواقع لم يفرض نفسه فجأة، بل هو نتيجة سنوات طويلة من التغاضي المقصود عن معالجة المسببات، لمصلحة صفقات سياسية وحسابات شخصية واقتصادية ضيقة. فبدل أن تُتخذ القرارات الجريئة لحماية صحة المواطن، تُدفن الملفات في الأدراج ويُترك اللبناني يواجه مصيره مع المرض.
إن مواجهة هذا الخطر الوجودي لا تحتمل المزيد من المساومة. المطلوب خطة وطنية شاملة تبدأ من محاربة مصادر التلوث، تشديد الرقابة على الغذاء والدواء، ضبط التهريب، وإقرار سياسات وقائية قبل أي حديث عن العلاج. فصحة اللبنانيين ليست ورقة تفاوضية ولا سلعة في بازار السياسة، بل حق مقدّس يجب أن يُصان فوق كل اعتبار.