اخبار لبنان
موقع كل يوم -نداء الوطن
نشر بتاريخ: ١٧ أيار ٢٠٢٥
رغم وضوح القوانين الناظمة للقطاع التربوي الخاص في لبنان، وفي مقدمها القانون رقم 515 الصادر بتاريخ 6 حزيران 1996، لا تزال بعض المدارس الخاصة غير المجانية تتجاوز هذه القوانين وتتخذ إجراءات تعسفية بحق التلاميذ نتيجة نزاعات مالية مع أولياء أمورهم، ما يجعل التلميذ الحلقة الأضعف في هذه المعضلة المستمرة.
فمنذ نحو ثلاثة أشهر، حصل إشكال بين أولياء أمور وإدارة إحدى المدارس الخاصة بسبب اتخاذ إجراءات مباشرة بحق التلاميذ على خلفية التأخر في تسديد الأقساط، في مخالفة صريحة لأحكام القانون. وتقدّم الأهالي بشكوى رسمية إلى وزارة التربية، لكن الرد جاء بطيئاً ومراوغاً.
وفي مؤتمر صحافي لاحق، ورداً على سؤال من 'نداء الوطن' حول السبب الذي يحول دون تطبيق القانون، صرّحت وزيرة التربية ريما كرامي: 'سنتبع الآليات المعتمدة سابقاً وسندرس كل الملفات الموجودة لدينا لمعالجتها'، مضيفةً: 'الأولوية لدينا هي مصلحة الطلاب'. لكنها شددت في المقابل على أن 'التعميم ليس جاهزاً بعد'.
غير أن اللافت أنه بعد هذا المؤتمر والتساؤلات العلنية لدى أولياء الطلاب، عمّمت وزارة التربية في مطلع شهر أيار الحالي مذكرة رسمية موقّعة من رئيس مصلحة التعليم الخاص في وزارة التربية عماد الأشقر، تذكّر فيها المدارس الخاصة بوجوب الالتزام بأحكام القانون 515/96، وتمنع اتخاذ أي إجراء إداري أو تربوي بحق التلميذ في حال وجود نزاع مالي مع ولي أمره، ما لم يصدر قرار صريح من مصلحة التعليم الخاص.
لكن، وعلى الرغم من هذا التذكير الرسمي، يبقى التنفيذ غائباً على الأرض، فعند مراجعة إدارات المدارس، يأتي الجواب: 'توجّهوا إلى وزارة التربية'. أما الوزارة، فتطلب من كل معترض التوجه إلى القضاء، واضعة بذلك عبء التقاضي على كاهل الأهالي، كما تفيد مصادر تربوية عبر 'نداء الوطن'.
وتشير المصادر إلى أن لجان الأهل وعدداً من أولياء الأمور قاموا بمحاولات متكررة للتواصل مع الوزارة بهدف إيجاد حل لهذه المعضلة المعقّدة بين إدارات المدارس وتطبيق القانون، لكنهم لم يحصلوا حتى الساعة على أي جواب مباشر. وقد ألزمهم تعنّت المدارس في تطبيق القانون الرجوع إلى الوزارة كمرجعية لحسم هذه التجاوزات، إلا أن غياب أي رد فعلي واضح حتى الآن زاد من حالة الإرباك والاحتقان، ختمت المصادر.
إشارةً إلى أن العديد من المدارس الخاصة لجأ في السنوات السابقة إلى حجز الـ'Carnet' والعلامات وبطاقات الترشيح للامتحانات الرسمية، كوسيلة ضغط على الأهل لإجبارهم على تسديد الأقساط، وهذا الأمر تسبّب بحالة من الذعر لدى الطلاب، بخاصة مع اقتراب موعد الامتحانات.
واللافت هذا العام أن امتحانات الشهادة المتوسطة قد أُلغيت، وبات الضغط محصوراً بطلبة الشهادة الثانوية، ومع أن القانون يمنع أي نوع من الابتزاز بحق التلميذ، فإن بعض المدارس لا تزال تحجب الإفادات عن الطلاب الذين يرغبون بمغادرة المدرسة، مشترطة تسديد كافة المستحقات قبل السماح لهم بالحصول على أوراقهم.
وهكذا، وفي مشهد يتكرر، يبقى التلميذ عالقاً بين إدارات غير منضبطة، ووزارة تتأخر في التدخل، وقضاء يحتاج إلى وقت طويل لحسم الملفات.
إذاً ، يتكرر الحديث عن 'مصلحة الطالب اللبناني'، بينما الطالب نفسه يُحرم من صفه، أو يُمنع من تقديم امتحانه، أو يُستخدم كورقة ضغط لتحصيل الأموال.
والمدرسة، التي يُفترض أن تكون مساحة للتعلّم والحماية، تتحوّل في بعض الحالات إلى موقع للصراع، ضحيته الأولى والأخيرة: التلميذ!