اخبار لبنان
موقع كل يوم -نداء الوطن
نشر بتاريخ: ١٣ شباط ٢٠٢٥
مع بداية الثورة السورية عام 2011، جرى في لبنان توقيف عدد من أصحاب الرأي السوريين الذين كانوا ضد نظام المخلوع بشار الأسد. وقد زجّوا في السجون جنباً إلى جنب مع المجرمين وأصحاب السوابق. واليوم، بعد إسقاط نظام البعث ورئيسه، ما الذي يمنع الحكومة اللبنانية من تسليمهم للقيادة الانتقالية في سوريا بشخص رئيسها أحمد الشرع؟
يقول المحامي محمد صبلوح لـ'نداء الوطن' إن عدد الموقوفين السوريين بشكل عام بكل الجرائم في لبنان 'يبلغ حوالى 1750 شخصاً، وهم من المتهمين بالدخول خلسة إلى لبنان أو السرقة، أو التزوير أو القتل وغيرها'. أضاف: 'أما معتقلو الرأي الذين يعتبرون أنفسهم قد ظلموا - وهذه حقيقة - وأن ذنبهم الوحيد هو أنهم ساندوا الثورة السورية بقلمهم ولا يتجاوز عددهم الـ 200 شخص في لبنان حيث تمت فبركة ملفاتهم وعُوملوا بانتقام في لبنان بسبب وقوفهم وقفة حق مع للثورة'. وتابع صبلوح: 'قمنا بذكر ذلك في تقرير مصور بعنوان 'كم تمنيت أن أموت' مع منظمة العفو الدولية الذي يؤكد تعرضهم لأبشع أنواع التعذيب وانتزاع الاعترافات منهم بالقوة وتهديدهم وضربهم وحتى صعقهم بالكهرباء، ونحن نعلم أن 'حزب الله' قاتل إلى جانب النظام المخلوع في سوريا. ولم يحاكم القضاء اللبناني هؤلاء الأشخاص. وقد تمت شيطنة كل مواطن سواء أكان سورياً أم لبنانياً وقف إلى جانب الثورة السورية واتُهم بالإرهاب وهذا يؤكد الواقع المأسوي الذي يتعرض له المعتقلون'.
وذكّر صبلوح بما حصل في عرسال عندما تم الهجوم على أحد المخيمات واعتقال 80 سورياً، فمات ثلاثة من بينهم بليلة واحدة تحت التعذيب، وتمت ملاحقة المحامية التي سربت خبر التعذيب. وكان جواب المسؤولين أن هؤلاء ماتوا بسكتة قلبية وليس تعذيباً.
البارحة، أعلن معتقلو الرأي في لبنان إضراباً مفتوحاً عن الطعام حتى تتم إعادتهم إلى سوريا ليحاكموا في بلدهم بعد سقوط النظام الأسديّ. ولا تسمح الكلمة والموقف المغاير للغير بسجن أصحابها، بل تتطلب رُقيًّا في الحوار. فلماذا تغلق أفواههم ويزجون في غياهب السجون من دون أية محاكمة؟ ويقول صبلوح: 'اليوم الكلام المطروح هو ما شاهدناه بأُمّ أعيننا، عندما زار ميقاتي رئيس الحكومة السورية للفترة الانتقالية أحمد الشرع، والذي كانت هناك عقوبة على كل من يتواصل معه بالحبس لمدة ثلاث سنوات، بات اليوم قائداً لسوريا. وبالتالي، هل سيتهم الرئيس ميقاتي بأنه تواصل مع الإرهابيين؟ أم يجب أن تسقط التهم عن الموجودين في السجون اللبنانية؟ وهل يتجرأ القضاء اللبناني على الإدعاء على عناصر 'حزب الله' الذين قاتلوا إلى جانب النظام السوري البائد والذي أصبح اليوم بعين الجميع إرهابياً؟ نحن أمام مشكلة معقدة تحتاج إلى تطبيق مبدأ العدالة الانتقالية. والعدالة الانتقالية خصوصاً لدى السوريين واللبنانيين هي برفع الضرر عنهم وإسقاط تهم الإرهاب عنهم. وسيبيّن القادم من الأيام مدى تجاوب الحكومة اللبنانية، لأن هناك مشاريع قوانين تم تقديمها من شأنها أن تعالج هذه القصص'.
وردا على سؤال يقول صبلوح إن هناك اتفاقية بين سوريا ولبنان تتعلق بالمعتقلين. لكن هناك عوائق عدة في هذه الاتفاقية، منها ما يتعلق بإبقاء المعتقل موقوفاً سته أشهر كي تنتهي محكوميته. علماً أن 55% من المعتقلين هم موقوفون وليسوا محكومين. لذلك، يتمثل الحل بشقّين: أولاً، قانون يسقط تهم الإرهاب عنهم . وثانياً، موضوع اتفاقيه التبادل وتعديل شروطها .
يؤكد صبلوح من خلال متابعته زيارة رئيس حكومة تصريف الأعمال السابق نجيب ميقاتي إلى سوريا أنه كانت هناك عدة طلبات للحكومة السورية من نظيرتها اللبنانية ومنها ملف الموقوفين. ولأن المتنفس الوحيد للبنان هو سوريا، فإن هدف الحكومة اللبنانية خلق علاقات مشتركة وذات منفعة مع القيادة السورية الجديدة وليس معاداتها.
فهل يكون إضراب المعتقلين في لبنان عن الطعام بمثابة ورقة ضغط قد تفرج عمّن حكم عليهم بالسجن بسبب آرائهم؟ وهل ستسقط عنهم التهم الملفقة؟