اخبار لبنان
موقع كل يوم -الهديل
نشر بتاريخ: ٤ أيار ٢٠٢٥
خاص الهديل ؟…
بقلم: ناصر شرارة
ينشغل المراقبون بسؤال كبير وهو عن أهداف إسرائيل من وراء سلوكها العدواني الراهن في سورية؛ وهناك قناعة بأن شعار حماية الدروز الذي تطرحه تل أبيب له أبعاداً إسرائيلية – إسرائيلية، ولكن هذا العنوان لا يغطي الأهداف الاستراتيجية التي تسعى إليها إسرائيل في سورية.
فربما يكون مفهوماً تفكير نتنياهو – من دون أن يكون مبرراً – بخصوص البعد الدرزي داخل إسرائيل؛ ولكن فوق ذلك يسعى نتنياهو لاستغلال فرصة مفادها أنه يريد إظهار أن إسرائيل هي من نسيج المنطقة وليس فقط تتكون من مهاجرين يهود أتوا من أصقاع العالم ليسكنوا في أرض قيل لهم أنها بلا شعب لشعب بلا أرض. فالدروز هم عرب ومن أهل المنطقة وهم بنفس الوقت مواطنون إسرائيليون، وتقوم إسرائيل بحمايتهم بنفس الطريقة التي تحمي بها تركيا سنة سورية وإيران شيعة لبنان، الخ.. والواقع أن هذه السردية يجهد نتنياهو لتسويقها حتى يسوق بالنهاية صورة للمنطقة تفيد بأن إسرائيل ليست سبب حروبها بل هي جزء من حروب طوائف المنطقة واحترابات مذاهبها وصراع الهويات فيها.
إلى ذلك يوجد لإسرائيل أهداف لا تحصى في مجال استغلال المستجد السوري؛ وهي أهداف يمكن تقسيمها لمستويات عدة:
المستوى الأول استراتيجي عسكري أمني؛ وهو تمثل بما قامت به إسرائيل من تدمير كل قدرات الجيش العربي السوري البحرية والبرية والجوية.. وكانت هذه رسالة إسرائيلية أطلقتها منذ اللحظة الأولى لحصول أحمد الشرع على السلطة؛ مفادها أن إسرائيل توافق على بقاء حكم أحمد الشرع طالما ظلت سورية دولة ضعيفة عسكرياً وبنيوياً؛ وفي حال ظهر لتل أبيب أن هناك توجهاً لإنشاء دولة قوية في سورية فسوف تعمد لإسقاطها.
المستوى الثاني تمثل بتوسيع حدود إسرائيل على حساب المزيد من الأراضي السورية؛ فما قامت به إسرائيل خلال الشهرين المنصرمين هي أنها احتلت القنيطرة بكل مساحتها الإدارية وطردت منها الاندوف؛ وتوغلت استخباراتياً في محافظة السويدا وسيطرت على جبل حوران في منطقة درعا؛ وأنشأت غرفة عمليات عسكرية على إحدى تلاله المتحكمة وهي تلة الحارة..
.. وخلاصة هذا المشهد العسكري المستجد يفيد بأن إسرائيل أنشأت حزاماً أمنياً داخل الأراضي السورية وأنشأت أيضاً حزاماً أمنياً ثانياً وراء الحزام الأمني الأول؛ وأصبحت عملياً بشكل مباشر أو بالنار تسيطر على كل جنوب سورية؛ مع الإشارة إلى أن حدود إسرائيل العسكرية مع سورية أصبحت من منظار عسكري تقع عند مطار دمشق؛ كون إسرائيل فرضت على الإدارة السورية الجديدة أن تتقيد بعدم تواجد أي سلاح في المنطقة بين حدود الجولان وبين مطار دمشق سوى السلاح الفردي.
المستوى الاستراتيجي الهجومي: يلاحظ أن إسرائيل أنشأت نقاطاً عسكرية فوق تلال حاكمة داخل أراضي لبنان وسورية على طول الحدود الفلسطينية المحتلة مع لبنان وسورية؛ أي من الناقورة حتى قرية الغجر امتداداً على طول مساحة سفح جبل الشيخ وصولاً إلى الريف الغربي لدرعا حيث جبل حوران وتلاله المتحكمة بمدينة درعا وبخاصة تلة الحارة التي ركز فوقها الجيش الإسرائيلي غرفة قيادة عسكرية. ويتميز تواجد الجيش الإسرائيلي في هذه النقاط بوصفه دفاعي متقدم ولكنه قادر على التحول في أية لحظة إلى هجومي عدواني..