اخبار لبنان
موقع كل يوم -ام تي في
نشر بتاريخ: ٢٥ تموز ٢٠٢٥
عاد رئيس الحكومة نواف سلام إلى بيروت في ختام زيارة سريعة إلى باريس من دون أن يعود بقرارات تلبي الحاجات الملحة لمعالجة الأوضاع الاقتصادية والأمنية الراهنة، في انتظار أن يسرع لبنان الخطوات العملية للنهوض بالدولة وإعادة سلطتها وهيبتها على كامل الأراضي اللبنانية، لتكون المرجعية الوحيدة للقرارات السيادية، وفقًا لما سمع رئيس الحكومة اللبنانية على مائدة الغداء التي أقامها على شرفه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون. وتناول البحث خلال هذه الزيارة ملفات حيوية تمثل تحدّيًا للبنان وتعتبر من أولويات الحكومة. وبحسب قصر الإليزيه شدد الجانبان على أهمية التعاون الدولي لدعم لبنان في هذه المرحلة الدقيقة، على أن تقوم الحكومة اللبنانية بإظهار سيطرتها ومدّ سلطتها على كافة قطاعات الشأن العام في البلاد.
الرئيس الفرنسي أراد من هذا اللقاء الاستماع إلى جردة حساب لما قامت به الحكومة حتى الآن وإلى الآلية التي تنوي الحكومة اعتمادها للوصول إلى حصرية السلاح الذي وعدت به، إضافة إلى الوضع الأمني في الجنوب والنشاط الذي تقوم به قوات اليونيفيل. وفي هذا الإطار تناول الحديث بشكل خاص إعادة الإعمار وإنجاز الإصلاحات المالية والاقتصادية والقضائية الضرورية، لإطلاق عجلة مؤسسات الدولة وجلب المستثمرين وتأمين الاستقرار العام، كما قال رئيس الحكومة في لقاء مع الصحافيين في مقر السفارة اللبنانية. وبات واضحًا من العرض الذي قدمه رئيس الحكومة للصحافيين، أن الزيارة لم تنتج أي خطوات عملية تنفيذية على صعيد بدء مسيرة إعمار لبنان، إذ أوضح سلام أنه لم يتم تعيين موعد لانعقاد مؤتمر المانحين الدوليين، الذي وعدت فرنسا بتنظيمه هذه السنة بعد مؤتمر تشرين الأول من العام الماضي. وبحسب المعلومات فإن باريس تتريث في انتظار أن ينجز لبنان سلسلة الإصلاحات التي يتوجب عليه إنجازها، قبل تقديم أي مساعدة وهي إصلاحات تتعلق بكافة قطاعات إعادة بناء مؤسسات الدولة. وقال سلام إنه أطلع الرئيس الفرنسي على ما أنجز منها في كل من القطاع المالي والقطاع الإدار ي والقطاع القضائي، مشيرًا إلى أن الرئيس ماكرون مهتم جدًّا بإعادة هيكلة المصارف من أجل تأمين الاستثمارات. وأعرب سلام عن أمله في أن يتم إنجاز مشروع قانون بهذا الشأن قريبًا، مشيرًا في هذا السياق إلى بدء العمل على معالجة الفجوة المالية.
ماكرون كما باقي أركان المجتمع الدولي يعتبر أن معالجة ملف السلاح غير الشرعي بالكامل، وإنجاز كامل الإصلاحات، أمران ملحان ولا يحتملان التأجيل. وعلم في هذا الإطار أن الرئيس الفرنسي لم يكن بعيدًا عن أجواء المحادثات التي أجراها الموفد الأميركي توم براك، وأنه كرر المخاوف التي يتقاسمها كل المعنيين بالأوضاع في المنطقة، من أن تأتي الأيام المقبلة بتطورات لا تسير في مصلحة الاستقرار العام في لبنان، وسعي السلطات المحلية لاستعادة سيادتها الكاملة وفرض سلطة القانون. ولذلك كرر ماكرون القول إنه لا يزال مستعدًّا لمساعدة لبنان أمنيًّا والعمل على تجنيبه أي صراعات مسلحة جديدة، ولكن على لبنان ألا يتأخر وألا يتوقف عند الأعذار التي تحول دون أي مظهر مسلح أو أمني، أو ممارسة تنتقص من سلطة الدولة الأمنية والمدنية.
تعديل نص عمل اليونيفيل
رئيس الحكومة قال إن موضوع اليونيفيل نوقش خلال اللقاء ولم يستبعد عدم سداد الولايات المتحدة حصتها من تمويل هذه القوات، ولكن ذلك لن يؤثر على وجودها في لبنان، لأن فرنسا ودولًا أخرى ستعوض النقص. أضاف سلام أن نص القرار الجديد الذي تعده باريس قد يشهد بعض التعديلات، ولكن طبيعة عمل هذه القوة وتحديد مهامها لن يتغيرا. وأشار في سياق مماثل إلى أن قرار وقف النار في الجنوب واضح ينص على سحب السلاح، بدءًا من جنوب الليطاني ولا يحصره بجنوب الليطاني، مضيفًا أن اتفاق الطائف ينص أيضًا على بسط سلطة الدولة على كامل أراضيها قائلًا إن قرار الحرب أصبح الآن في يد الحكومة .
الجانب الفرنسي أثار أيضًا المضايقات التي يتعرض لها جنود اليونيفيل خلال أداء بعض مهماتهم ..
التعاون الأمني وتعزيز المؤسسات
كما تم التطرق إلى دعم المؤسسات الأمنية اللبنانية، خاصة الجيش اللبناني، في ظل الأوضاع الأمنية المتأزمة بالمنطقة. وناقش الجانبان سبل تعزيز التعاون الأمني لمواجهة التحديات المشتركة، مع التأكيد على أهمية دور قوات اليونيفيل التابعة للأمم المتحدة في حفظ الاستقرار في الجنوب اللبناني.
الدور الدبلوماسي والسياسي الفرنسي
أكد ماكرون مجددًا التزام فرنسا بالعمل على المستوى الدولي لدعم لبنان، من خلال الضغط على المجتمع الدولي ومساندة لبنان في المحافل الأممية. وتأتي هذه الجهود في سياق متابعة فرنسا الحثيثة منذ انفجار مرفأ بيروت عام 2020، حيث كانت فرنسا من أولى الدول التي بادرت إلى تقديم الدعم والضغط السياسي لتشكيل حكومة إصلاحية.
نظرة إلى الخلف: خمس سنوات من الدعم والتعاون
خلال السنوات الخمس الماضية، تميزت العلاقات الفرنسية اللبنانية بحضور فرنسي قوي في دعم لبنان اقتصادياً وإنسانياً، لا سيما بعد انفجار المرفأ وما تلاه من أزمات سياسية واقتصادية متلاحقة. فرنسا لم تدخر جهداً في رعاية المبادرات الدولية لدعم الاستقرار، بما في ذلك مشاركتها في رئاسة اللجنة المشرفة على وقف إطلاق النار بين حزب الله وإسرائيل، وتعزيز الدعم لقوات الجيش اللبناني ولقوات اليونيفيل.