اخبار لبنان
موقع كل يوم -الصدارة نيوز
نشر بتاريخ: ٢٩ تشرين الثاني ٢٠٢٥
كتب سليمان جوزيف فرنجية …
تُعتبر زيارة البابا لاوون الرابع عشر إلى تركيا ولبنان حدثًا تاريخيًا فريدًا، إذ تجمع بين تلاقي المسيحية الشرقية والغربية مع حضارات منطقة الشرق الأوسط التي تحمل في طياتها تنوعًا دينيًا وثقافيًا عريقًا. جاءت هذه الزيارة في ظل تصاعد التوترات الإقليمية، ستكون فرصة لتعزيز الحوار بين المسيحية والإسلام ولإظهار دور الفاتيكان في دعم التعايش السلمي. هذه الزيارة التاريخية تتيح لنا استكشاف كيف يمكن للقادة الروحيين أن يسعوا إلى تعزيز الحوار والسلام بين الشعوب.
أولا سنتعرّف على ماهية مجمع نيقية، المنعقد سنة 325 ميلادية، وهو أول مجمع مسكوني في تاريخ المسيحية، انعقد في مدينة نيقية (إيزنيك اليوم، تركيا) بدعوة من الإمبراطور قسطنطين الأول. جاء المجمع لمواجهة بدعة أريوسية التي هدّدت وحدة العقيدة المسيحية، ولإرساء أسس ثابتة للإيمان في ظل تحول الإمبراطورية الرومانية إلى المسيحية. من ابرز الدوافع:
حل الخلاف الأريوسي: أريوس أنكر أن الابن (جسوع) هو من ذات جوهر الآب، مما أثار جدلاً واسعاً.
توحيد العقيدة: رغبة الإمبراطور في إيجاد صيغة إيمانية موحدة لدعم استقرار الإمبراطورية.
تنظيم الشؤون الكنسية: وضع قواعد للتعامل مع الانشقاقات والبدع المستقبلية.
أما أبرز مقرراته:
قانون الإيمان النيقاوي (النيقية): يؤكد أن الابن “مساوٍ للآب في الجوهر” (هوموسيوس)، ويستخدم مصطلح “هوموسيوس” لوصف العلاقة بينهما.
تحديد تاريخ عيد الفصح: وضع قواعد حسابية لتوحيد تاريخ الاحتفال بعيد الفصح في جميع أنحاء العالم المسيحي.
قوانين تنظيمية: 20 قانوناً (كانون) تتناول أموراً مثل الانضباط الكنسي، وحقوق الأساقفة، وإجراءات الرسامة.
كان مجمع نيقية نقطة تحول حاسمة في تاريخ المسيحية، حيث وحد العقيدة وأرسى أسس الإيمان المشترك عبر تحديد مفهوم 'الهوموسيوس'. كما مهد الطريق لتنظيم الشؤون الكنسية وضمان استمرارية الوحدة الروحية والسياسية في الإمبراطورية.
أما في لبنان، قصة أخرى، بلد الرسالة، بلد الألم والمتألمين. ستكون لزيارة البابا لاوون الرابع عشر وقع تاريخي غير مسبوق لهذا البلد الجريح. بلد طائر الفينيق، الذي ينهض بعد كل موت ودمار. بلد الطوائف والتناقضات. فيه الطائفية اصبحت لعنة بسبب الحروب المتكررة ولكنها نعمة في الوقت نفسه. فمجمع نيقية، جمع كل المسيحيين من الشرق والغرب وتوافقوا على الغنى والتنوع ضمن الوحدة كذلك لبنان غني بثقافته وطوائفه لكنه شعب واحد والتايخ يشهد عبر الأزمات.
ستكون زيارة البابا لاوون الرابع عشر إلى لبنان حدثًا تاريخيًا يضيء سماء بيروت. سوف يحط البابا رحاله فوق أرض لبنان الغنية بتاريخها العريق. ستتزين قلاع بيروت القديمة بأضواء الفتاتيكان في ليلة وصوله. سوف تمتزج أصوات الأجراس مع تراتيل الشباب في ساحة بكركي. سوف تنطلق الألحان الروحية من كل مسجد وكنيسة في آن واحد. ستكون الجبال اللبنانية شاهدة على السلام الذي سيجلبه هذا اللقاء (أقله نظريًا بالرغم من أن البعض لا يتوقع الكثير من هذه الزيارة). سوف يزهر الزيتون في حقول جبيل تحت ظلال الزيارة المباركة. ستضيء الشموع في قاعات العبادة، مكونة لوحة من النور والوحدة.
سوف ينساب عبق اللبان والزعتر عبر شوارع بيروت القديمة. ستتحد الألوان الوطنية اللبنانية مع الأبيض الفاتيكان في مشهد مهيب. سوف يرتفع صوت السلام فوق قمة حارة حريصا. ستكون الكلمات التي سيلقيها البابا دعوة للتعايش بين الأديان. سوف تترك رسائله أثرًا عميقًا في نفوس كل من يسمعها. ستظهر الطبيعة اللبنانية في أبهى حلتها خلال هذه الأيام. سوف يزور البابا معالم تاريخية تعكس تنوع الثقافات في المنطقة. ستكون زيارته فرصة لتعزيز الحوار بين الشرق والغرب كما هي في تركيا. سوف يشارك البابا في صلوات مشتركة تجمع المسيحيين والمسلمين. ستتردد أصداء هذه الصلوات في كل قرية ومدينة لبنانية. سوف يلقي البابا نظرة على مستقبل السلام الذي سيبنيه الشباب. ستكون هذه اللحظات مصدر إلهام للأجيال القادمة.
سوف يترك البابا بصماته على جدران الوطن بلمسة من الحب. ستظل ذكرى هذه الزيارة محفورة في ذاكرة الوطن كما كانت زيارات اسلافه. ستكون زيارة البابا بمثابة جسر يربط بين الماضي والحاضر. على أمل أن يعم السلام في كل زاوية من زوايا لبنان. ستتجلى روح التسامح في كل خطوة يخطوها البابا على أرض لبنان. سوف يضيف هذا الحدث نكهة خاصة إلى الثقافة اللبنانية. ستكون نهاية الزيارة بداية جديدة للتعاون الروحي والثقافي. سوف يبقى لبنان رمزًا للجمال الذي يجمع القلوب تحت مظلة واحدة.
ستكون ختام زيارة البابا لاوون الرابع عشر رحلة روحية تربط بين أرض نيقية القديمة، حيث وضعت أسس الإيمان، وأرض لبنان الحبيبة، التي ستستقبل هذه الرسالة بقلوب مفتوحة. وستظل هذه اللحظات شاهدة على قدرة الوحدة أن تتجاوز الزمان والمكان، مجسدة أملاً جديداً للمحبة والتفاهم بين الشعوب. وفي نهاية هذه الرحلة، سيبقى لبنان رمزاً للجمال الذي يجمع القلوب تحت مظلة واحدة، كما فعل مجمع نيقية منذ قرون.











































































