اخبار لبنان
موقع كل يوم -الهديل
نشر بتاريخ: ٢٢ أيلول ٢٠٢٥
خاص الهديل….
بقلم: ناصر شرارة
بعد أكثر من ٧٥ عاماً يعترف العالم – إلا ما ندر من دوله – بحق الفلسطيني الذي سرقت أرضه عام ١٩٤٨، بأن له الحق بأن يكون له مجدداً دولة. ولكن ما يحصل اليوم هو مجرد اعتراف؛ فيما تقع كل الخشية من أن قيام الدولة بشكل فعلي ربما يحتاج لـ٧٥ عاماً أخرى.
يأتي هذا الاعتراف العالمي بحق الشعب الفلسطيني بنيل دولة له؛ وسط استمرار الإبادة في غزة التي حصدت حتى الآن أكثر من ٦٠ ألف ضحية من النساء والأطفال الفلسطينيين.
.. وهذا يعني أن الفلسطيني المقيم فوق أرضه المحتلة في غزة والضفة، يحق له أن يطلب من العالم المجتمع اليوم في الأمم المتحدة، أن يعطي أولوية لإرغام إسرائيل على وقف حرب الإبادة، بمثلما أن المطلوب منه أن يستمر في إعطاء أولوية لاستدارك ضرورة إقامة الدولة الفلسطينية..
ويسأل الفلسطيني اليوم العالم ثلاثة أسئلة:
السؤال الأول: إذا لم يتم إرغام إسرائيل على وقف إبادة الحجر والبشر في غزة فحينها لم يبق فلسطينيون حتى يصبحوا مواطنين في الدولة الفلسطينية التي يدعو العالم لإقامتها.
السؤال الثاني يتمثل بالمساءلة التالية: صحيح أن مطالبة العالم اليوم بإنشاء الدولة الفلسطينية يمثل استفاقة هامة للضمير العالمي؛ ولكن إذا لم ترغم إسرائيل على وقف استيطانها الزاحف في الضفة الغربية، فلن يبق هناك أرض حتى تقام عليها الدولة الفلسطينية؛ وعليه سيصبح اعتراف العالم بالدولة الفلسطينية بعد أكثر من سبعة عقود من الاحتلال، بمثابة إعلان لدولة ليس لها أرض تقام عليه.
السؤال الثالث هو التذكير بأهمية اعتراف العالم أو معظمه بالدولة الفلسطينية؛ وذلك من عدة زوايا أبرزها أن هذا الاعتراف ينهي معنوياً وقانونياً – وليس مادياً حتى الآن – آخر احتلال موجود في العالم؛ ويصحح أكبر خطأ تاريخي ارتكبته بريطانيا خلال النصف الأول من القرن الماضي؛ وذلك عندما وافقت على وصف فلسطين بأنها أرض بلا شعب لشعب بلا أرض..
لقد أرسلت بريطانيا حينها وفوداً عديدة لتدرس ما إذا كانت فلسطين التي احتلتها لفترة غير قصيرة؛ تحتمل جغرافيا إقامة دولتين فوقها، واحدة مستجدة لليهود وأخرى قائمة تاريخياً للعرب؛ ولكن تبين بالملموس لكل هذه الوفود المكلفة بهذه المهمة، أن فلسطين أرض مسكونة بالفلسطينيين، ولا متسع فيها لدولة أخرى. ومع ذلك تم تزوير الوقائع، وجرى أخذ العالم إلى جريمة تهجير الفلسطينيين واستيطان وطنهم وإلغاء هويتهم الوطنية.
واليوم يحاول نتنياهو أن ينجز ما يسميه اليمين المتطرف الإسرائيلي 'باستقلال إسرائيل الثاني'؛ وهذا يعني أن نتنياهو يعتبر أن بن غوريون أنجز 'الاستقلال الأول لإسرائيل' ضمن خريطة نكبة عام ١٩٤٨؛ وأنه الآن – أي نتنياهو – عليه أن ينجز 'الاستقلال الثاني' ضمن خريطة نكبة ٢٠٢٥ التي تهدف إلى طرد سكان غزة وضم الضفة الغربية إلى إسرائيل.
ما يريد أن يقوله الفلسطيني اليوم للعالم المجتمع في الأمم المتحدة أن المطلوب وقف الإبادة حتى يبقى فلسطيني ليقيم في دولته العتيدة؛ ومطلوب وقف حرب الاستقلال الثاني لإسرائيل التي يقوم بها نتنياهو حتى يبقى مكان للدولة الفلسطينية. لا شك أن الاعتراف بالدولة الفلسطينية أمر هام جداً ومطلوب بإلحاح؛ ولكن هذا الاعتراف يجب أن يترافق ويتزامن مع قرار دولي وعملي بإرغام إسرائيل على وقف حرب الإبادة في غزة ووقف تقدم نتنياهو نحو ضم الضفة الغربية.