اخبار لبنان
موقع كل يوم -الهديل
نشر بتاريخ: ٢٤ أب ٢٠٢٥
رأى خبيران اقتصاديان أن حذف صفرين من العملة السورية قد يحمل بعض الآثار الإيجابية، لكنه لن يحقق تحولًا حقيقيًا ما لم يُدرج ضمن إصلاح اقتصادي ونقدي متكامل يعالج جذور الأزمة المالية في البلاد.
**إبراهيم قوشجي: حذف الأصفار يعزز الثقة ويقلل الأخطاء الحسابية**
الخبير الاقتصادي والمصرفي إبراهيم قوشجي أوضح أن هذه الخطوة يمكن أن تسهم في تعزيز الثقة النفسية للمواطنين بالعملة الوطنية، خاصة إذا جاءت ضمن سياق إصلاحات اقتصادية وإعلامية شاملة، على غرار ما حدث في تجارب دولية مثل تركيا والبرازيل، بحسب ما نقلته وكالة 'سانا'.
وبيّن قوشجي أن 'حذف الأصفار من العملة لا يغيّر قيمتها الحقيقية، إذ إن تحويل 10 آلاف ليرة إلى 100 ليرة جديدة لا يعني أي تغيير في القوة الشرائية، لكنه يبسط العمليات الحسابية ويحد من الأخطاء في الفوترة والمحاسبة، سواء في المؤسسات العامة أو الخاصة'.
وأشار إلى أن التجربة البرازيلية الناجحة اعتمدت على التدرج والتنظيم في استبدال العملة، مما ساعد في ترسيخ الثقة بالنظام المالي، في حين كانت تجربة زيمبابوي مثالًا واضحًا على مخاطر غياب التخطيط في مثل هذه الخطوات.
وأضاف أن حذف الأصفار لا يشكّل حلًا مباشرًا للتضخم الهيكلي، لكنه يمكن أن يمهّد الطريق لتفعيل أدوات السياسة النقدية بكفاءة، ويعزز استقلالية البنك المركزي، ويساعد في ضبط السيولة بما يساهم في استقرار الأسعار.
وختم قوشجي بأن 'حذف صفرين من العملة السورية يمثل خطوة استراتيجية ضمن مسار الإصلاح النقدي، تسهم في استعادة ثقة المواطن بالليرة وتحفيز النمو الاقتصادي، وتتيح للدولة إعادة تعريف العلاقة بين المواطن وعملته، وبين الدولة والسوق'.
**ياسر المشعل: الإصلاح الشامل هو الأساس… وإلا فالتغيير شكلي**
بدوره، اعتبر أستاذ الاقتصاد المالي والنقدي في جامعة دمشق، الدكتور ياسر المشعل، أن هذه الخطوة 'طال انتظارها للبعض، وقد تبدو جريئة، لكنها ستبقى شكلية إن لم تقترن بإصلاحات حقيقية'.
ولفت إلى أن أبرز ما تحققه هذه الخطوة على المدى القصير هو الأثر النفسي، إذ إن التعامل بمئات أو عشرات الليرات بدلاً من ملايين يسهم في تحسين شعور المواطنين تجاه العملة، كما يسهل العمليات المحاسبية ويخفف الضغط عن أنظمة الدفع والبرمجيات المصرفية.
واستشهد المشعل بتجربة تركيا عام 2005، حين حذفت ستة أصفار من عملتها ونجحت في استعادة الثقة بالليرة، لكنه شدد على أن هذا النجاح لم يكن بسبب حذف الأصفار فقط، بل نتيجة حزمة إصلاحات اقتصادية متكاملة، شملت ضبط العجز المالي وتحقيق نمو فعلي في الاقتصاد.
وأكد أن 'حذف الأصفار أداة مساعدة، لا أكثر، ويمكن أن تدعم الإصلاح الاقتصادي إذا جاءت ضمن برنامج شامل، لكنها لن تعني شيئًا بمفردها، وقد تضاف إلى سجل الأزمات إذا لم تُرافق بخطط واضحة وجادة'.
وأشار إلى أن الاقتصاد السوري يواجه تحديات كبيرة، منها التضخم المتسارع، تراجع الإنتاج المحلي، ضعف الثقة بالقطاع المصرفي، وصعوبات في تأمين المواد الأولية، وهو ما يجعل مجرد حذف الأصفار خطوة غير كافية لمعالجة الأزمة.
وشدد المشعل على أن نجاح عملية إعادة هيكلة العملة يتطلب إطارًا اقتصاديًا متكاملًا، يشمل:
* إصلاح السياسة النقدية.
* ضبط حجم الكتلة النقدية.
* ربط إصدار النقود بالنمو الحقيقي للإنتاج.
* دعم القطاعات الإنتاجية، وخاصة الصناعة والزراعة.
* معالجة العجز المالي من خلال تحسين الإيرادات وخفض الهدر.
وختم بأن استعادة الثقة بالمصارف وحماية الودائع، إضافة إلى سياسات شفافة تشجع على إعادة الأموال إلى الدورة المصرفية، وتأمين بيئة استثمارية جاذبة، هي عناصر ضرورية لإنجاح أي خطوة لإعادة هيكلة العملة الوطنية.