اخبار لبنان
موقع كل يوم -جريدة الديار
نشر بتاريخ: ٦ حزيران ٢٠٢٣
«مستقلون من اجل لبنان»، لقاء جمع نخبة من الناشطين في السياسة والفكر والاقتصاد والاعلام والعمل الاكاديمي، التقوا على اعطاء مضمون للفكر السياسي في «الساحة المسيحية» المحتكرة من تنظيمين وهما «التيار الوطني الحر» وحزب «القوات اللبنانية»، ويأتي حزب «الكتائب» كركائز ثلاث يضاف اليهم احزاب وتيارات وتجمعات لها حضورها، وليس لها فاعليتها السياسية.
من هنا التقى نحو 60 شخصا من مشارب سياسية وحزبية وفكرية عدة، واجمعوا بعد لقاءات ونقاشات على الخروج بطرح سياسي مختلف عما هو قائم ومستمر منذ عقود، تقول مصادر في اللقاء الناشىء اذ ان الاحزاب والتيارات التي تتحدث باسم «المسيحيين»، يرتكز خطابها على «التخويف من الآخر» اي اللبناني في الطوائف الاخرى، وتحديدا الاسلامية، او من «غريب» طارىء فرضت الظروف لجوئه الى لبنان كالفلسطينيين او نزوحه بسبب الحرب كالسوري.
وهذا التخويف لا اقام دولة ولا عزز شراكة، تقول المصادر التي تشير الى ان رئيس «القوات» سمير جعجع طرح في العام 1988 مشروعا سياسيا، وهو محاربة «الاقطاع المسيحي» وادى ذلك الى استخدام العنف المسلح، مع رفع شعار «ان المجتمع المسيحي فوق كل اعتبار»، في وقت مارس قائد الجيش العماد ميشال عون الذي اصبح في ما بعد رئيسا لحكومة عسكرية، الحروب منذ العام 1988 للوصول الى رئاسة الجمهورية، ولم يتمكن من تظهير مشروع سياسي سوى «رفض الاحتلال السوري» ومحاربته، والانخراط مع مجموعة اميركية «لمحاسبة سوريا» بعد نفيه من لبنان في العام 1991 ، ولما عاد بعد الانسحاب السوري اصبح مشروعه السياسي مواجهة «الحريرية السياسية» التي رفع بوجهها «الابراء المستحيل»، وتراجع عنه في «التسوية الرئاسية» مع سعد الحريري.
وانطلاقا من فراغ «الساحة السياسية المسيحية» من مشروع بناء دولة، وتعميم مناخ «التخويف»، الذي ادى الى «هجرة مسيحية واسعة»، كما الى اقتتال «الاخوة – الاعداء» فيما بينهم، حتى بعد اتفاق معراب و «اوعا خيك»، فان تجمع «مستقلون من اجل لبنان» ذهب الى طرح افكار اخرى، مع فشل من قادوا المسيحيين الى الحروب والهجرة والدمار و «جهنم».
وينطلق المنضوون في هذا اللقاء، الذي يركز نشاطه في المرحلة الحالية على الساحة المسيحية، لكنه منفتح على الحوار عبر مشروعه على كل المكونات السياسية والروحية، وحملت الوفود التي زارت مرجعيات، ما تفكر به للبنان عموما، ولدور المسيحيين فيه، حيث يقول عضو اللقاء رافي مادايان لـ «الديار» ان ما ننقله هو صوت «المجتمع المدني» الحقيقي، ولا نتكلم باسم المسيحيين، بل نعبّر عن دور لهم من خلال تجارب سياسية وعهود رئاسية، وان اتجاه اللقاء، وهو «مختبر افكار» كما يصفه مادايان، «تجديد الدور المسيحي» في السياسة كما في الاقتصاد والثقافة، اضافة الى تحسين شروط المرشحين الذين يتقدمون لرئاسة الجمهورية.
ويطرح مادايان فكرة «تجديد الدور السياسي» لرئيس الجمهورية تعويضا عن «الخسارة الدستورية» لبعض صلاحياته، ويصبح رئيس الجمهورية نقطة الارتكاز في العمل السياسي ووفقاً للدستور وصلاحياته، بحيث يكون صاحب رؤية في كل الملفات المطروحة، التي تشكل ازمات للبنان، ومن ابرزها: الوضع الاقتصادي – المالي والنهوض به ضمن خطة اتفاق فعلية، تتقدم فيها الرعاية والحماية والعدالة الاجتماعية، ثم الاستراتيجية الدفاعية وتقوم على تكامل بين الجيش اللبناني والجيش الشعبي الذي يكون احتياطا مقاوما الى جانبه، ثم موضوع النازحين السوريين، ووجود اللاجئين الفلسطينيين، وترسيم الحدود مع سوريا.
هذه العناوين، ومعها اخرى التي يطرحها مادايان، كما يرى اللقاء بان على رئيس الجمهورية ان يمتلك رؤية لكل هذه القضايا، ويدعو الى طاولات حوار حولها بمضمون وطني، فيمكن تعزيز اقتصاد المعرفة والتكنولوجيا التي تعزز فرص للشباب، اضافة الى تنويع سلاح الجيش، ومثله الاقتصاد.
وفي جولاته خلال شهر، والتي بدأت من بكركي، فان وفد اللقاء سمع اشادات بالافكار والعناوين الشاملة المطروحة منه، اذ اثنى البطريرك الماروني بشارة الراعي على هذه الافكار الجديدة التي لم يسمع بمثلها من قبل وطلب تزويده بها، وفق ما تقول مصادر في اللقاء، الذي فوجئ اعضاؤه بدعوة بطريرك الكاثوليك يوسف العبسي، لانخراط ابناء الكنيسة بالعمل السياسي، وان تقوم تعددية سياسية بافكار جديدة، فالتجديد هو من سُنة الحياة، ويعارض البطريرك العبسي احتكار السياسة بحزبين عند المسيحيين.
اما الرئيس نبيه بري، الذي ايّد طروحات «مستقلون من اجل لبنان»، فانه شدد على ضرورة ادراج قانون الانتخاب من ضمن عملية التجديد وتكوين السلطة، في رفض مباشر للقانون الحالي، كما تنقل المصادر عن رئيس مجلس النواب اشادته بالنقاط الست للقاء، والتي تركز على ضرورة قيام «وثيقة شراكة وتفاهم» مع الرئيس الاكثر حظاً للوصول الى رئاسة الجمهورية، وتضمن تعيين حاكم مصرف لبنان، اللامركزية الموسعة الادارية والمالية (بري اعترض على المالية)، استعادة لبنان علاقاته العربية والدولية، اتفاق مع صندوق النقد على خطة تعاف وقانون انتخاب.
وتوقف مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان عند الغاء الطائفية السياسية، وتوجس من المس باتفاق الطائف وصلاحيات رئيس الحكومة، وهذا ما يهمه تقول المصادر، التي رأت ان الاجتماع مع رئيس «اللقاء الديموقراطي» تيمور جنبلاط، كان اكثر من ايجابي، ووزع وقائعه على محازبيه.