اخبار لبنان
موقع كل يوم -أي أم ليبانون
نشر بتاريخ: ٩ أيار ٢٠٢٥
كتب غاصب المختار في 'اللواء':
تواكب الانفتاح الخليجي على لبنان عبر رفع حظر سفر المواطنين، مع انفتاح قبله على سوريا بعد المتغيّرات التي حصلت في البلدين واعادة فتح السفارات فيهما تدريجياً، على أن تليها خطوات لاحقة أكثر شمولاً، ففي سوريا نظام حكم جديد ارتاحت له الدول العربية والغربية الى حدٍّ كبير، وفي لبنان رئيس جديد للجمهورية وحكومة جديدة تعهدت بخطوات كبرى للإصلاح وضمان الأمن وبسط سلطة الدولة على كامل أراضيها، وباشرت تنفيذها خلال الأشهر القليلة من عمرها، بما يُبشّر بإنفراجات واسعة لاحقاً على المستويات السياسية والاقتصادية والسياحية ما لم يقم العدو الإسرائيلي بعمليات عسكرية ضد لبنان تسهم في تعكير الأجواء وضرب موسم الصيف.
وبدا ان الأهداف مشتركة من الانفتاح العربي وبشكل خاص الخليجي على لبنان وسوريا، فالبلدان معبر الغرب الى الشرق وبالعكس، واستقرارهما حاجة إقليمية ودولية يسهم بوقف الحروب القائمة في المنطقة، واستقرار الوضع السوري يساهم في استقرار الضع اللبناني، لذلك كان الإسهام الخليجي في معالجة الكثير من المشكلات العالقة بين البلدين لا سيما لجهة ترتيب وضع الحدود لضمان عدم تجدّد المشكلات، لكن تبقى السرعة في إنجاز ما تم التفاهم عليه في السعودية بين وزيري الدفاع اللبناني والسوري وتشكيل اللجان الوزارية لمتابعة معالجة المواضيع والملفات العالقة، عاملاً مهماً في تثبيت الاستقرار وعودة العلاقات بين البلدين الى طبيعتها عبر مؤسساتهما الرسمية.
الأهم من ذلك بنظر جهات سياسية متابعة، ان الانفتاح الخليجي على لبنان بالذات ما كان ليتم لولا استشعار دول الخليج بوجود قرار دولي بوقف الحروب والتوترات في هذا البلد، الذي عانى كثيرا من الاعتداءات الإسرائيلية والانقسامات الداخلية، وبالتوجه نحو تسويات ولو لم تكن شاملة حالياً، ما يستتبع حكماً وقف الاعتداءات الإسرائيلية المستمرة، وآخرها الغارات العنيفة أمس على قرى منطقة النبطية، ووقفها يستلزم بالضرورة ديناميكة أميركية أكبر للضغط على كيان الاحتلال كما تعهد الجنرال مايكل ليني الرئيس الأميركي الجديد للجنة الإشراف على تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار والعمليات العسكرية وتنفيذ القرار 1701، خلال زيارته الرسمية الى لبنان، وإعلان السفارة الأميركية في بيروت انه سيكون ضابطاً مقيما في لبنان لمتابعة الوضع ووقف الاعتداءات الإسرائيلية بعدما التزم لبنان وحزب الله بما عليهما بتنفيذ موجبات الاتفاق.
هذه الدينامية الأميركية المطلوبة ما زالت مفقودة حتى الآن، ويدلّ على ذلك عدم تقيّد الكيان الإسرائيلي بما عليه لتنفيذ اتفاق وقف العمليات الحربية، بينما دول العالم كلها العربية والغربية وضعت يدها وثقلها لمساعدة لبنان على كل المستويات بعد تنفيذ المطلوب منه على صعيد الإصلاحات وبسط سلطة الدولة. ولعلّ مبادرة فرنسا أمس بتسليم لبنان خرائط الحدود اللبنانية – السورية من أرشيفها القديم دليل توجه دولي لحل الأزمات القائمة في لبنان قبل سوريا، وأهمها أزمة فلتان الحدود تمهيدا لترسيم الحدود وتثبيتها رسمياً.
ويُفترض أن يتم استكمال الانفتاح العربي والدولي بخطوات أخرى لاحقاً ومنها القرار السعودي برفع الحظر عن سفر الرعايا الى لبنان وترقّب وصول وفد سعودي أمني وتقني الى لبنان لمناقشة الإجراءات المطلوبة تحضيرا لرفع الحظر، والمؤتمر الدولي المنوي عقده في باريس في تموز المقبل لبحث دعم لبنان. ولكن يبقى كل شيء منقوصاً ومعرّضاً للعرقلة إذا لم تتدخّل الإدارة الأميركية لكبح جماح تعطّش رئيس الكيان الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لمزيد من الدم في لبنان وسوريا وغزة، ووقف تدخّله في شؤون لبنان وسوريا تارة بحجة حماية الدروز وطورا بحجة ضمان أمنها، وما لم تبادر هذه الإدارة الى رفع عقوبات «قانون قيصر» بحيث يتمكّن لبنان من استجرار الغاز من مصر والكهرباء من سوريا، وتتمكّن سوريا من إطلاق عجلة الاقتصاد لديها، وبما يساهم في تسريع عودة النازحين السوريين من لبنان وغيره من دول الجوار ليساهموا في نهضة وعمران بلدهم، ويرتاح لبنان من العبء الاقتصادي والمعيشي والاجتماعي الذي يسببه النزوح السوري.