اخبار لبنان
موقع كل يوم -جريدة الأنباء
نشر بتاريخ: ٣٠ حزيران ٢٠٢٥
بيروت ـ جويل رياشي
على امتداد جزء من شاطئ كفرعبيدا، وبدلا من الإسمنت أو السياج الحديدي، نصبت مقاعد ومستوعبات للنفايات مصممة من مواد معاد تدويرها لتشجيع الزوار على احترام النظافة والمكان، لا بوابات، لا رسوم دخول، فقط فسحة مفتوحة للجميع من دون تمييز. المبادرة لا تهدف فقط إلى تجميل المكان، بل إلى التذكير بأن الشاطئ هو حق جماعي، يجب ألا يتحول إلى سلعة. هي نوع من إعادة الحق إلى الناس، خصوصا في ظل غياب سياسات واضحة لحماية الأملاك العامة البحرية.
ففي وقت تتكاثر فيه المشاريع البحرية الخاصة التي تأخذ مكان مساحات الاستجمام المجانية، أطلقت في بلدة كفرعبيدا الشمالية هذه المبادرة لتذكر بأهمية الشاطئ كمساحة عامة لا يجوز التعدي عليها. العنوان العريض يحمل اسم الحملة المعروفة «الشط لكل الناس»، وهي مبادرة نفذت بالتعاون مع جمعية «نحن»، ومجموعة «أنقذوا كفرعبيدا» التي تعارض منذ زمن طويل أي مشروع يهدف إلى خصخصة هذا الشاطئ، وشركة Plastc Lab. وقد تم تمويل المشروع من قبل VNG International، أي وكالة التعاون الدولي التابعة لاتحاد البلديات الهولندية.
الهدف بسيط لكنه جوهري، وهو استعادة الشاطئ كمساحة مشتركة، ومواجهة منطق الخصخصة الزاحف على السواحل اللبنانية من الشمال إلى الجنوب.
المقاعد مزيج من الباطون والبلاستيك بلون التركواز وحاويات النفايات أيضا مصنوعة من مواد مقاومة للظروف المناخية، باستخدام البلاستيك المعاد تدويره والمقاوم للماء والرطوبة والأشعة فوق البنفسجية، وهي ليست فقط أدوات لوجستية تنظيمية، بل علامات واضحة تؤكد أن هذا الشاطئ ملك للجميع. تم توزيعها بعناية على الحدود بين الملكيات الخاصة والفضاء العام، في تحد واضح لمحاولات التعدي على الأملاك البحرية العامة التي تعاني من الخصخصة غير الشرعية منذ عقود في لبنان.
تجدر الإشارة إلى أن حملة «الشط لكل الناس» مبادرة عمرها سنوات انطلقت كتحرك مدني أولي لمواجهة خصخصة الأملاك البحرية العامة واستثمارها بطريقة غير شرعية في لبنان،
وهي تضم جمعيات ومبادرات عدة أبرزها: «نحن»، «أنقذوا كفرعبيدا»، «الجنوبيون الخضر»، «علي صوتك»، «الجمعية اللبنانية للأشخاص المعوقين حركيا»، بالإضافة إلى أكاديميين وناشطين بيئيين مستقلين.
وفي هذا الإطار، يؤكد رئيس جمعية «نحن» محمد أيوب، في حديث لـ «الأنباء»، أن ما جرى في كفرعبيدا نموذج قابل للتكرار على امتداد الشاطئ اللبناني. ففي كفرعبيدا، أتيحت لنا فرصة التمويل فاستثمرناها بتجهيزات تتناسب مع شاطئ شعبي. هذه التجربة يجب أن تعمم، لأن كل منطقة تستحق مساحة عامة لائقة وآمنة ومتاحة للجميع.
ولا يخفي ايوب حجم التحديات التي تواجه حملة «الشط لكل الناس» على امتداد مساحة لبنان، والتي تتجاوز العمل الميداني إلى العقبات القانونية والمؤسساتية: أبرز ما نواجهه هو غياب الدولة كضامن، وغياب تنفيذ القانون والمحاسبة. في كثير من الحالات، المعتدون على الشاطئ هم من أصحاب النفوذ، ولا توجد إرادة سياسية لردعهم. على العكس، بدلا من إزالة التعديات، تمنح رخص الصيانة السنوية، وكأن هناك من يشرع التجاوزات.
كيف تواجهون هذه التحديات؟ يجيب: نخلق حالة شعبية محلية بالتعاون مع الأهالي. نذهب للقضاء والوزارات المختصة والإعلام. ونضغط على السياسيين والنواب الذين في بعض الأحيان يرضخون لحسابات انتخابية.