اخبار لبنان
موقع كل يوم -جريدة الأنباء
نشر بتاريخ: ٢ تموز ٢٠٢٥
بيروت - ناجي شربل وأحمد عز الدين
تضيق المربعات على أركان الحكم في لبنان لجهة بت ملف السلاح غير الشرعي بشقيه اللبناني والفلسطيني، والعمل على حصره بيد السلطات الرسمية، وتكريس سيادة الدولة اللبنانية، دون شريك، على أراضيها كاملة.
ويبدو المفاوض الرئيسي الأميركي غير معني بترتيبات داخلية بين الدولة وقوى «الأمر الواقع» من لبنانية وفلسطينية. ويعتبر الأميركي الدولة اللبنانية مسؤولة حصرية في التفاوض غير المباشر مع الجانب الإسرائيلي، ويرفض لعبها دور الوسيط لجهة طمأنة هذا الطرف أو ذاك، منطلقا من عدم القبول بمنطق وجود سلاح غير شرعي تحت أي ذريعة.
ويتشدد في حث الدولة اللبنانية على ما يعتبره «إنهاء حالة غير مقبول بها من الأساس، والعمل على تكريس سطوتها، دون التوقف عند ما يعتبره الجانب اللبناني خصوصية داخلية. وهو يسجل على لبنان شن حربين كبيرتين على إسرائيل في 12 يوليو 2006، و8 أكتوبر 2023، من دون الأخذ بردة الفعل الإسرائيلية المدمرة للبنان في الحربين المذكورتين. ويطلق للغاية «اليد العسكرية الإسرائيلية» في لبنان، تماما كما جاء في الملحق الخاص بينه وبين إسرائيل في اتفاقية وقف النار مع لبنان الموقعة 27 نوفمبر 2024.
وتشهد بيروت عدا تنازليا لزيارة ثانية للموفد الأميركي توماس باراك، بعد الإعلان عن تحديد مواعيد طلبتها له السفارة الأميركية مع الرؤساء الثلاثة اعتبارا من الاثنين المقبل 7 يوليو.
وأطلق رئيس الحكومة نواف سلام جملة مواقف من مقر المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي في وسط بيروت أمس. وقال: «الإنقاذ لا يكون إلا عبر إصلاح فعلي يؤسس لدولة حديثة، تستعيد ثقة المواطنين، وتحظى بثقة العالم.. ولا يمكن تحقيق الاستقرار في لبنان طالما استمرت الانتهاكات الإسرائيلية، وبقي الاحتلال قائما لأجزاء من أرضنا، وأسرانا في سجون العدو.
من هذا المنطلق، نكثف الضغوط السياسية والديبلوماسية لتنفيذ القرار 1701، ونوفر كل ما يلزم لضمان العودة الكريمة لأهلنا، وإعادة إعمار ما دمره العدوان. وفي موازاة ذلك، تواصل الدولة، انسجاما مع اتفاق الطائف وبيان حكومتنا الوزاري، جهودها لبسط سلطتها الكاملة على جميع أراضيها بقواها الذاتية، بهدف حصر السلاح في يدها وحدها.
وقد عززنا السيطرة على مطار رفيق الحريري الدولي والطريق المؤدي إليه عبر إجراءات إدارية وأمنية صارمة للحد من التهريب وتعزيز السلامة العامة، كما أطلقنا تعاونا مباشرا مع الجانب السوري لضبط الحدود، ومكافحة التهريب، وتأمين العودة الآمنة والكريمة للنازحين.
أما على المستوى الإقليمي فقد اتخذنا قرارا واضحا بإعادة وصل لبنان بعمقه العربي، لاستعادة موقعه الطبيعي كشريك فاعل في مسارات التنمية، وتنشيط التجارة البينية، وجذب الاستثمار.. المنطقة تمر بتحول تاريخي، ولبنان لا يمكن أن يبقى على الهامش. لا نهوض خارج عمقه العربي، ولا مستقبل دون شراكة قائمة على الاحترام المتبادل والمصلحة المشتركة».
وتناول رئيس الحكومة الإصلاح المالي والاقتصادي، فقال: «أقررنا قانون رفع السرية المصرفية كخطوة تأسيسية نحو الشفافية والمساءلة واستعادة الثقة. فالسرية لم تعد ميزة، بل أصبحت عبئا على النظام المالي. كما أقر مجلس الوزراء مشروع قانون إعادة هيكلة القطاع المصرفي، تمهيدا لإقرار نظام مصرفي سليم، قادر على تمويل الاقتصاد وخدمة المودعين.
وهو يشكل الإطار القانوني الحديث لإدارة الأزمات المصرفية، وفق أفضل المعايير الدولية، بعد أن افتقر لبنان لآلية واضحة للتعامل مع تعثر المصارف لعقود..على صعيد التعاون الدولي، تتقدم مفاوضاتنا مع صندوق النقد الدولي بمسؤولية وواقعية.
الصندوق ليس عدوا ولا منقذا، بل أداة نستخدمها لتحقيق الاستقرار المالي ومواكبة الإصلاحات الهيكلية. وهدفنا توقيع اتفاق خلال ولاية هذه الحكومة».
وعرض لموضوع إعادة الإعمار بالإشارة إلى تأمين «قرض بقيمة 250 مليون دولار من البنك الدولي لتمويل مرحلة إعادة الإعمار الفوري، بانتظار إقراره في مجلس النواب. كما نعمل بالشراكة مع وكالات الأمم المتحدة على تنفيذ مشاريع تفوق قيمتها 350 مليون دولار في الجنوب، تغطي قطاعات التعليم، والصحة، والمأوى، والأمن الغذائي، ضمن خطة دعم تمتد لأربع سنوات. ونؤمن بأن مشروع إعادة الإعمار لا يكتمل من دون دعم أشقائنا العرب.
ونعمل بالتوازي على التحضير لمؤتمر دولي لإعادة الإعمار، من المتوقع عقده خلال الأشهر المقبلة، ليكون محطة جامعة لتكثيف الدعم وتنسيق الجهود تحت قيادة الدولة اللبنانية ووفق أولويات واضحة».
تأتي هذه الخطوات وسط إشارات أكدت ان باراك يريد إجابات جدية غير قابله للتأويل أو المماطلة. وذكرت مصادر ديبلوماسية أن الموفد الأميركي يختلف عن سابقيه أموس هوكشتاين ومورغان أورتاغوس، وليس من رواد الزيارات المكوكية، خصوصا انه يحمل في جعبته أكثر من ملف.
وبدا أن الصيغة التي يجري إعدادها ردا على الورقة الأميركية، تنطلق من معالجة الأزمة بجوانبها المتعددة بشكل متواز، ومتزامن من جمع السلاح إلى تسوية موضوع الحدود، سواء مع سورية أو في الجنوب عبر الانسحاب الإسرائيلي في إطار زمني واحد، وكذلك موضوع الإصلاح.
وتحدثت مصادر رسمية لبنانية لـ «الأنباء» عن «وسائل ضغط عدة على لبنان للالتزام بتنفيذ ما تعهدت به سلطاته الرسمية في موضوعي السلاح والإصلاح. وإحدى هذه الوسائل موضوع التمديد للقوات الدولية العاملة في جنوب لبنان مع اقتراب انتهاء ولايتها في 31 أغسطس المقبل، اذ قدم لبنان طلبا رسميا بالتمديد لها سنة إضافية، ويمكن اللجوء إلى التلويح بخفض عديدها أو تغيير مهامها بقرار من مجلس الأمن».
في خطوة لافتة لها دلالة إيجابية على الاقتصاد اللبناني وعلى تبادل حركة الشحن الجوي بين لبنان والخارج وبالعكس، أعلنت شركة «لوفتهانزا الخطوط الجوية الألمانية» في بيان، عن «بدء تسيير رحلات جوية مباشرة تعنى بحركة الشحن الجوي بين فرانكفورت وبيروت بمعدل رحلة واحدة أسبوعيا».
وبحسب البيان «أتى هذا القرار بعد دراسة معمقة وبناء على التعاون والتبادل التجاري بين ألمانيا ولبنان منذ سنوات عدة، ما يعكس الجدوى الاقتصادية والتجارية المهمة على انطلاق هذا الخط الجديد في حركة الشحن».