اخبار لبنان
موقع كل يوم -ام تي في
نشر بتاريخ: ٩ تشرين الثاني ٢٠٢٥
أطلق المحامي البروفسور انطونيوس ابو كسم مؤلفه الجديد لبنان بين شرعية الدولة والشرعية الدولية كتابات في جائحة المعاناة والاختبار 2019-2025، في ندوة احتفالية أقيمت في قاعة المحاضرات الكبرى في بيت المحامي في بيروت، برعاية نقابة المحامين في بيروت، شارك فيها كلّ من نائب رئيس مجلس الوزراء الدكتور طارق متري، وزير العدل الاستاذ عادل نصّار، نقيب المحامين فادي مصري، الوزير السابق خالد قبّاني، مدير دار النهار القاضي زياد شبيب، البروفسور أنطوان مسرّة، البروفسور فايز الحاج شاهين، رئيس جمعية لا فساد المحامي محمّد فريد مطر، وأدارها عضو نقابة المحامين المحامي ايلي قليموس.
حضر الندوة النائب البطريركي العام المطران الياس نصّار ممثلا البطريرك الماروني، عضو المجلس المذهبي الأستاذ سليم سعيد ممثّلا شيخ العقل لطائفة الموحدين الدروز، وزير الدفاع اللواء ميشال منسى، العميد الدكتور موسى كرنيب ممثلا وزير الداخلية والبلديات العميد أحمد الحجار، الأستاذ شادي بستاني ممثلا وزير الإعلام المحامي د. بول مرقص، السفير الأردنيّ الدكتور وليد الحديد، سفير جامعة الدول العربية عبدالرحمن الصلح، النواب ألان عون وجورج عقيص وسليم الصايغ وحليمة القعقور وملحم خلف وفراس حمدان وإدغار طرابلسي وعبد عسيران ممثلا النائب علي عسيران والمحامية ريتا بولس ممثلة النائب سامي الجميّل، المحامي ايلي حشاش ممثلا رئيس حزب القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع، رئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي سهيل عبود، رئيس الأركان اللواء حسان عودة ممثلاً قائد الجيش، نائب حاكم مصرف لبنان الدكتور مكرم بو نصار، الوزراء السابقون ناجي البستاني ودميانوس قطار وناصيف حتّي وزياد مكاري ويوسف سلامة، العميد الدكتور إيلي الأسمر ممثلا المدير العام لقوى الأمن الداخلي، العميد الركن عبد الرحمن عيتاني ممثلا المدير العام للأمن العام، العميد جميل طعمة ممثلا المدير العام لأمن الدولة، عضو المجلس الأعلى للجمارك الأستاذة غراسيا قزي، المدير العام لوزارة المال جورج المعراوي، المدير العام رئيس مجلس إدارة كهرباء لبنان كمال الحايك، المدير العام رئيس مجلس إدارة المصلحة الوطنيّة لنهر الليطاني الدكتور سامي علويّة، المدير العام للدفاع المدني بالوكالة العميد الركن عماد خريش، عضو الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد الدكتور كليب كليب، عضو مجلس إدارة تلفزيون لبنان شارل سابا، الأب الدكتور ماجد مارون ممثلا رئيس الجامعة الأنطونية، رئيس جامعة AUST الدكتور رياض صقر، رئيس جامعة القديسة حنّة البروفسور أنطوان جدعون، السيد نادر الحريري.
حضر أيضاً السفراء ميرا ضاهر وفؤاد دندن وجورج سيام، أمين عام المجلس الأعلى للدفاع اللواء محمّد مصطفى، مفتّش عام الجيش اللواء فادي مخّول، النقيبان السابقان للمحامين أمل حدّاد وأنطونيو الهاشم، أمين سرّ مجلس نقابة المحامين الأستاذة مايا شهاب وأعضاء مجلس النقابة لبيب حرفوش ووجيه مسعد، مدير مكتب رئيس الجمهورية العميد وسيم الحلبي، المستشار الديبلوماسي في رئاسة الجمهورية ميشال دو شاداريفيان، المستشار القانوني في رئاسة الجمهورية أنطوان صفير، جو رحال ممثلا المستشار الأول لرئيس الجمهورية اندريه رحال، مستشار رئيس الحكومة الإعلامي رياض طوق، المستشارة الإعلاميّة في قيادة الجيش الصحافية رونيت ضاهر، المطارنة رفيق الورشا وأنطوان بو نجم وحنّا رحمة وشكرالله نبيل الحاج وإيلي حدّاد، النائب العام للرهبانية الأنطونية الأب بطرس عازار، المدبر العام للرهبانية اللبنانيّة المارونيّة الأب طوني الفخري، مدير المعهد الأميركي لمكافحة الفساد البروفسور مايك مسعود، المدبر العام لجمعية المرسلين الأب جورج الترس، رئيس المحكمة المذهبية في بعقلين الشيخ منح نصرالله، رئيس جمعية عدالة وسلام الأب الدكتور نجيب بعقليني، رئيس جمعية حركة الأرض طلال دويهي، أمين عام حزب وطن الإنسان حسن حسين الحسيني، كريستيان نصر ممثلا رئيس الجامعة اللبنانية الثقافية في العالم، ناشر صحيفة اللواء صلاح سلام، ناشر موقع الكلمة أونلاين سيمون أبو فاضل، ناشر موقع ليبانون فايلز ربيع الهبر، عضو مجلس إدارة دار النهار المحافظ السابق المهندس نقولا سابا، وحشد من الصحافيين والإعلاميين والديبلوماسيين والضباط والقضاة والمحامين ورجال الدين والأكاديميين وفاعليات اجتماعيّة.
بداية النشيد الوطني ونشيد نقابة المحامين، ثم كانت كلمة لمدير الندوة عضو مجلس نقابة المحامين إيلي قليموس رحّب فيها بالحضور، وقال: في بيت المحامي، حيث للكلمة وزنها، وللذاكرة مكانها، وللحقّ قدسيّته، نلتقي اليوم حول كتابٍ ليس كغيره من الكتب، بل هو مرآةٌ لقلقنا الوطني، وصرخةٌ في وجه التباساتنا الدستورية، وتأمّلٌ عميق في سؤالٍ لم يُحسم بعد: أيّ شرعية تحكم لبنان؟ شرعية الدولة أم شرعية المجتمع الدولي؟أضاف: نلتقي اليوم حول كتاب البروفسور أنطونيو أبو كسم، الزميل والصديق، المحامي الذي لم يفصل يومًا بين المهنة والرسالة، ولا بين النصّ والضمير، ولا بين القانون والحياة. هو أستاذٌ في القانون، لا يكتفي بتدريس المواد، بل يزرع في طلابه شغف البحث، وقلق السؤال، وجرأة النقد. وهو باحثٌ لا يكتب ليُقال إنه كتب، بل يكتب ليُقلق، وليُضيء، وليُعيد ترتيب المفاهيم في وطنٍ اعتاد أن يتعايش مع الغموض. كتابه هذا، “لبنان بين شرعية الدولة والشرعية الدولية”، ليس مجرّد دراسة أكاديمية، بل هو محاولةٌ جريئة لفهم المأزق اللبناني، حيث تتداخل السيادة مع الوصاية، ويتنازع الداخل والخارج على تعريف الشرعية، وتُصبح الدولة أحيانًا مجرّد وسيط بين القوى، لا مصدرًا للقرار.وتابع: منذ إعلان دولة لبنان الكبير عام 1920، مرورًا بالاستقلال عام 1943، ثم اتفاق الطائف عام 1989، ظلّ سؤال الشرعية مطروحًا: هل نحن دولةٌ فعلًا؟ أم نحن كيانٌ هشّ، يتنفّس من رئة الخارج، ويستمدّ استمراريته من قراراتٍ لا نصنعها نحن؟ وأشار إلى أنّه في هذا السياق، يكتسب هذا الكتاب أهميّته، لأنه لا يكتفي بتوصيف الأزمة، بل يُعيد طرح الأسئلة التي نخاف أن نطرحها: هل الدولة في لبنان هي المرجع الأعلى؟ أم أنّ المرجع هو التوازنات الطائفية؟ هل القانون هو الحَكم؟ أم أنّ التسويات هي التي تحكم؟ هل الشرعية تُبنى من الداخل؟ أم تُمنح من الخارج؟ وهل يمكن أن تقوم دولةٌ على أرضٍ لا تزال تبحث عن ذاتها، وعن عقدها الاجتماعي، وعن معنى وجودها؟ وجودكم اليوم، من قاماتٍ قانونية وفكرية وسياسية، هو شهادةٌ على أنّ لبنان لا يزال حيًّا، وأنّ النقاش فيه لا يزال ممكنًا، وأنّ الكلمة فيه لا تزال تُقاوم الصمت، وأنّ القانون فيه لا يزال يُصارع الفوضى. متوجّهاً بتحيّة تقدير إلى حضرة النقيب فادي مصري، الذي تقترب ولايته من خواتيمها، وقد طبعها بالرصانة والالتزام، وكان خلالها حاملًا أمينًا لراية المحاماة في بيروت، حريصًا على كرامة المهنة، وعلى وحدة النقابة.ودعا إلى قراءة هذا الكتاب لا كوثيقةٍ جامدة، بل كنداءٍ حيّ، وكمرآةٍ لواقعنا، وكدعوةٍ إلى أن نُعيد بناء الدولة من داخلها، لا أن ننتظر خلاصًا من خارجها.وختم: فلنُصغِ اليوم، ولنُناقش، ولنُجادل، لأنّ لبنان يستحقّ أن نُعيد له شرعيّته، لا عبر قراراتٍ دولية، بل عبر إرادةٍ وطنية، ووعيٍ قانوني، ونقاشٍ حرّ، ومؤسساتٍ تُشبهه، لا تُشبه أزماته.
ثم ألقى النقيب فادي مصري كلمة سأل فيها: ماذا يبقى لي أن أقول في هذه الندوة؟ وأهل العلم والاختصاص سيسترسلون من بعدي في التحليل والبحث والنقد في ما حواه الكتاب - الكنز للزميل البروفسور أنطونيوس أبو كسم. فاسمحوا لي، إذاً، أن أبدأ من الخاتمة، وأن أقول : شُكراً أنطونيوس أبو كسم... شكراً لك ست مرات. مرة، شكراً لك، لأن مؤلفك هذا ليس إضافةً شكلية إلى المكتبة القانونية، بل هو قراءة معمقة وضرورية لوضع لبنان الراهن، وقد وضعت إصبعك على الجرح، وعرّيت تآكل شرعية الدولة بفعل الأزمات المتلاحقة، وديمقراطية التعطيل، وفيتو الطوائف وبعض الأحزاب الذي يوقف عجلة الوطن والمؤسسات والدولة. ومرة ثانية، شكراً لك، لأنك تناولت أيضاً الشرعية الدولية ... تلك الشرعية التي كان لبنان رائداً في تأسيسها كعضو مؤسس في الأمم المتحدة، والتي تمثل اليوم شبكة الأمان الأخيرة لنا، عبر القرارات الدولية التي تحمي وجوده وسيادته، وفي مقدمتها القرارين ١٥٥٩ و ١٧٠١. ومرة ثالثة، شكراً لك لأنك أكدت في هذا المؤلف أن العدالة هي أساس الشرعية والقانون، وأن شرعية الدولة لا تكتسب فقط بالاعتراف الدستوري أو الإقليمي، بل ترسخ يومياً بمدى القدرة على تحقيق العدالة الناجزة والشاملة. إذ لا يمكن بناء وطن على أنقاض شرعيته؛ وتغييب العدالة، وتسييس القضاء، واستنسابية المحاسبة، وتفاقم الفساد - كلها تهدم الشرعية الداخلية، لأن العدالة هي الجسر بين شرعية الدولة وشرعية المواطن - فإذا انكسر هذا الجسر، ينهار كل شيء. كما أشرت بوضوح إلى أن شرعية الدولة لا يمكن أن تقوم على الفيتوات والتعطيل والفساد الذي يمزق أوصال الوطن.أضاف: مرة رابعة، شكراً لك لأنك توقفت عند الذروة المأسوية لهذه العدالة: جريمة انفجار مرفاً بيروت ... ولأنك أبرزت أن المرحلة بين ٢٠٢٠ و ٢٠٢٥ جسدت ما سميته العدالة التعطيلية أو العدالة بالامتناع، بحيث شهد هذا الملف محاولات غير مسبوقة لقتل العدالة، وأصبح بعض النافذين يضعون خطوطا حمراء لحماية المتهمين، بينما يتم ترك الضحايا وذويهم في دائرة اللاعدالة واللاإنسانية. وفي هذا السياق، لا بد من التوقف عند سعي معالي وزير العدل الدائم في تحريك الملف، وشجاعة رئيس مجلس القضاء الأعلى في السير به رغم المعوقات البنيوية والخارجية، ودور نقابة المحامين عبر مكتب الإدعاء، في مواكبة أهالي الضحايا والمتضررين وتمثيلهم والمرافعة عنهم منذ اللحظة الأولى لوقوع هذه الفاجعة وحتى اليوم. ومرة خامسة، شكراً لك لأنك وضعت إصبعك أيضاً على أن ما يواجهه لبنان اليوم هو معضلة سيادة بامتياز : فشل الشرعية الداخلية يفتح الباب واسعاً أمام التدخلات الأجنبية، ويجعل لبنان رهينة التوترات الإقليمية والدولية. ولا شك أن حضور هذه الكوكبة من المرجعيات السياسية، القضائية، الروحية، والدبلوماسية في بيت المحامي اليوم، يثبت أنّ موضوع الشرعية والسيادة والعدالة ليس نقاشاً أكاديمياً ضيقًا، بل هو صلب اهتمام الدولة والمؤسسات، وهو الطريق الأوحد للخروج من نفق أزمتنا ... لأن خلاص لبنان يمر حكماً عبر تفعيل دور المؤسسات التي تمثلونها.وأردف: مرة سادسة، شكراً لك وأنت هذه القامة القانونية الشابة الأكاديمية اللامعة على هذا الجهد البحثي القيم، لأنك قدمت لنا خارطة طريق لفهم التحديات القانونية والسياسية التي تضعنا على مفترق الطرق : إما العودة إلى كنف دولة القانون والمؤسسات ، وإما الانزلاق نحو ما أسماه المؤلف نفسه الدولة الفاشلة في قانون الأمم. ولذلك، أدعو الزملاء المحامين والباحثين وطلاب الحقوق إلى قراءة هذا الكتاب بتمعن ففيه مفاتيح لكثير من الألغاز التي تحيط بمصيرنا.
ونوه شبيب في كلمة بالكتاب وقال: الكتاب الذي بين ايديكم اليوم هو من أحدث ما صدر عن دار النهار للنشر التي تفخر به، فهو يشكل دراسة سياسية قانونية وفكرية توثق وتحدد الاحداث اللبنانية بين عامي 2019 و2025 وجميعنا يعلم ما حملته هذه السنوات التي تصدى لها هذا الكتاب من ازمات متسلسلة ومتراكمة ومتداخلة ومتطابقة تنطلق من جميع نواحي حياتنا. والمفارقة أن عملية السطو التي حصلت على المال العام في لبنان هو أمر ربما عرفته بلدان أخرى، ونحن ما زلنا ضمن تداعيات هذه الازمة، لذلك أعتقد أن هذا الكتاب على درجة عالية من الأهمية لأنه يضم مجموعة مداخلات ومقالات اجراها البروفسور أبو كسم على مدار هذه السنوات، وبطبيعتها هي عبارة عن مراقباته وتحليلاته لجوانب هذه الازمة ومكامن الخلل في حياتنا العامة فتتلاقى في طبيعتها لكي تشكل هذا الكتاب الذي لن يجد من سيقرأه مقالات متفرقة إنما دراسة تدور حول مجموعة مسائل مرتبطة.وختم: من أهم الجوانب لهذا النوع من الكتابة هو أنه يشكل مساهمة حقيقية في كتابة ذاكرة الاوطان، ولذلك نحن في دار النهار تلقفنا هذا العمل، كونه مبادرة قد تكون فريدة في شمولها. لأن الكتابة في الأزمات ليست ترفاً فكريا بل هي فعل انقاذ وطني، لأن الأمم التي لم تدون مآسيها، قد تكررت فيها الأخطاء أما التي وثّقتها فقد أعادت بناء ذاتها بالاعتماد على تجارب التاريخ وهكذا نجح الالمان بعد الحرب العالمية الثانية. والامثلة عديدة.
أما وزير العدل فأشار في كلمة إلى أن شرعية الدولة تعني، وجوب أن تمتلك الدولة اللبنانية قيادة واضحة، وأن تكون مؤلفة من ثلاثة عناصر أساسية هي: الأرض، الشعب، وحصرية القوة. فإذا أردنا دولة حقيقية، يجب أن تكون حصرية القوة تحت سقف القانون وفي إطار الأمم. لبنان يحدد شرعيته بين خيارين: شرعية الدولة وشرعية المجتمع الدولي. ويجب أن يحدد لبنان شرعيته أولا من خلال سيادته، فالمفاهيم التي سمعناها عن السيادة ليست شعارات فحسب، بل هي شرط أساسي لوجود الدولة، وليست خيارا يمكن القبول به أو التخلي عنه. نصل إلى الشرعية الدولية من خلال ممارسة السيادة، فحين نمارس سيادتنا نصبح دولة قادرة وفاعلة ضمن المنظومة الدولية. أما إذا لم تكن هناك سيادة داخلية، فحينها تنتقص الدولة من معناها ودورها وإن السلطة التنفيذية هي الجهة المخولة اتخاذ القرار ببسط سلطة الدولة، وهي السلطة المنبثقة عن السلطة التشريعية، وهذه الأخيرة تستمد شرعيتها من الشعب.وقال: المطلوب أن تتخذ السلطة التنفيذية القرار ببسط سلطة الدولة على كامل الأراضي اللبنانية. وإذا اتخذت هذا القرار استنادا إلى النصوص الدستورية، فهذا ليس خطأ، بل هو واجب. الخطأ كان سيكون في حال امتنعت السلطة عن اتخاذ هذا القرار، لأن ذلك سيجعل الدولة ناقصة المواصفات، ودولة ناقصة المواصفات لا تستطيع أن تؤدي دورها الداخلي ولا أن تكون جزءا فاعلا من المنظومة الدولية، كما لن تتمكن من الدفاع عن حقوقها في المحافل الدولية. بالنسبة إلى الشرعية الدولية، هي تتجلى عندما يدافع لبنان عن حقوقه بعد أن يكون قد بسط سلطته على كامل أراضيه. عندها، يمكنه أن يلجأ إلى المجتمع الدولي للمحافظة على سيادته، فتكون السيادة اللبنانية عنصرا أساسيا لتمكين الدولة من الدفاع عن نفسها ومواجهة كل الانتهاكات التي تتعرض لها، خصوصاً الاعتداءات الإسرائيلية المعروفة والمستمرة. لكن بما أن ميزان القوى ليس متكافئا مع العدو الإسرائيلي، لا يمكن للبنان أن يواجهه فقط من خلال القوة، بل يجب أن ينقله إلى ساحة الشرعية الدولية، رغم الانتقادات التي توجه إلى هذه الساحة. فلبنان، بخلاف دول أخرى، لا يحتل أراضي الغير، بل يدافع عن أرضه وحقوقه، وله الحق الكامل في ذلك، شرط أن تكون لديه سيادته الكاملة وكلمته المسموعة، وأن يتمكن من الالتزام بما يقرره.واعتبر أنّ التفاوض الجدي لا يمكن أن يتم إلا عندما يكون المفاوض قادراً على الالتزام بما يتفق عليه والمطالبة بحقوقه. لذلك فإن شرعية الدولة والشرعية الدولية لا تتناقضان، بل تتكاملان. وعندما نطالب ببسط سلطة الدولة اللبنانية على كامل أراضيها، فإننا لا نفعل ذلك خدمة لأحد، بل لأن هذا واجب وضرورة داخلية لبنانية، وأيضاً ضرورة للدفاع عن لبنان وحماية سيادته في وجه أي اعتداء. وأضاف أنّه إذا وصلنا إلى مرحلة حصر القوة بيد الدولة اللبنانية، وانطلقنا من هذه الشرعية الداخلية لتثبيت حضورنا في الشرعية الدولية ومواجهة الاعتداءات، نكون قد اقتربنا من تحقيق الدولة الكاملة. وشدّد على أنّ المصالحة المطلوبة هي حوار شامل داخل المجتمع، يتم في المناطق ومن خلال التفاعل بين مختلف الفئات والقطاعات، ومن خلال مشاركة المؤرخين والباحثين وذوي وجهات النظر المختلفة، بحيث يستمع إلى الجميع ويقبل الآخر ويتم التعامل مع حقيقة ما جرى في لبنان بموضوعية وصدق. وعندما نصل إلى هذه الحقيقة، يمكن القول إن الدولة اللبنانية اكتملت فعلاً.أضاف: عندما أتحدث عن حقيقة ما جرى في لبنان، فورا تتبادر الى ذهننا المحاسبة والعدالة وهذا يتضمن الاعتراف بالأخطاء من جهة والاعتراف بالتضحيات من جهة أخرى أيضا .هناك شباب تركوا مدارسهم وجامعاتهم ووظائفهم عندما شعروا ان لبنان بخطر في ظل وجود غير لبناني على الاراضي اللبنانية وبداية هذا السلاح كانت مع جيش التحرير الفلسطيني ومن ثم مع الجيش السوري وصولا الى الجيش الاسرائيلي. من هنا علينا الاعتراف بتضحيات بعضنا ومن دون ذلك لن نتمكن من تحقيق المصالحة. الاعتراف بالأخطاء وحده غير كاف وعلينا أيضا الاعتراف بالتضحيات ولا يحق لأحد اختزال التضحيات. وعندما نصل الى موضوع التفاوض مع العدو الاسرائيلي لأنه ليس من مصلحتنا أن نذهب الى ملعبه، ملعب العنف والحرب، هناك فرق كبير بين المفاوضات، وهي ضرورة، لأن الخيار الآخر هو الحرب وكلنا، حتى من كان يؤيد فكرة الحرب، اعترف بعدم وجود توازن قوى. واذا أردنا الذهاب الى التفاوض وهذا ضروري من أجل حقوق لبنان، وبهدف ردع اسرائيل، فهذا لا يعني أننا نريد التطبيع من دون اعتبار الآخرين بل علينا أن نتكلم مع بعضنا. لا أحد يستطيع أن يمنع وقف الحرب وحماية لبنان من الحروب وفي الوقت نفسه من يريد الذهاب الى التطبيع عليه أن يعود الى الفئة التي عانت اكثر من غيرها من الاعتداءات الاسرائيلية. احترام الآخر وجع وجراح الآخر واجب في عملية التطبيع ولكن لا علاقة له في عملية وقف الحرب وادخال لبنان في مرحلة اللا حرب وحماية لبنان من الاعتداءات ووقف كل المخاطر العنفية. وهذا الأمر يطبق على الجميع وعندما خرج الجيش السوري للنظام السابق لا يمكننا ان نقول شكرا سوريا الأسد لأنه كان من الضروري الأخذ في الاعتبار أن هناك فئة من اللبنانيين عانت كثيرا وأكثر من غيرها من تصرف الجيش السوري الأسبق.وتابع: أي مقاربة يجب ان تأخذ بعين الاعتبار أن هناك رجالات في لبنان دخلت في وجدان اللبنانيين والتعرض لها يسبب جرحا لدى الآخر. وأنه انطلاقا من ذلك، هناك استعادة السيادة، ووضع لبنان في المنظومة الدولية التي تسمح له بحماية حقوقه والمطالبة بها، كما يجب أن تحصل مصارحة ومصالحة في لبنان لنصل إلى العدالة لان العدالة والقضاء هما الممر للثقة بين المواطن والدولة. فلا يمكن بناء ثقة بين المجتمع والدولة من أن يشعر اللبناني بعدالة يطالب من خلالها بحقوقه.وقال: البروفسور أبو كسم استشهد بقول للأمين العام للأمم المتحدة الذي يقول إن العدالة شرط السلام والسلام والعدالة غير قابلين للتجزئة وبالتالي فإن التأخير في ارساء حكم قانون يقوض السلام الدائم حيث تبقى العدالة هي اصل السلام الحقيقي، من هنا نقول ان هناك ملفات كبيرة يومية، وعلى الجسم القضائي مسؤولية كبيرة وهو يتحملها من دون أن ننسى الظروف التي مر بها لبنان والمخالفات الجسيمة والجرائم الكبيرة التي ارتكبت في كل الاطر وفي كل المؤسسات. لذلك المطلوب اليوم من القضاء عمل جبار، فاستقلالية القضاء مصانة بالفعل اولا من قبل مجلس القضاء الأعلى ورئيسه وكذلك من قبل هيئة التفتيش، وواجب المحافظة على العدالة لا ينفي واجب المصارحة والمصالحة.وختم: بسط سلطة الدولة على الأراضي اللبنانية كافة هو واجب وليس خطيئة ، وإذا أردنا الإفادة من الشرعية الدولية يجب ان تتحقق السيادة اولا في الداخل ليس استجابة لطلب خارجي بل لأنها ضرورية وطنية لوجود الدولة، على أن ينظر المجتمع إلى تاريخه ونفسه بمشروع مصارحة ومصالحة ولا يمكن أن يتم اي شيء اذا لم تعد العدالة ليطمئن المجتمع اللبناني إلى أن دولته هي دولة حاضنة وتؤمن له العدالة.
بعد ذلك، كانت كلمة لقباني لفت فيها إلى أن تسعة فصول يضمها الكتاب، تناول فيها المؤلف مرحلة مر فيها لبنان بين عامي 2019 و2025 ولكن في حقيقة الأمر هو يتناول كل المرحلة مرورا بأحداث خطيرة مر بها لبنان، وعالجها المؤلف بكل جرأة وأمانة وصراحة، وهو أمر معهود فيه، لذلك واكبته في كتابه في كل تفاصيله من أول صفحة الى آخر الصفحات. وقال: في البدء يقول المؤلف كان الدستور وليس البرلمان ثم كان الطائف وتعديلاته الدستورية استنادا الى وثيقة الوفاق الوطني، وأهمية الطائف أنه عالج مشكلات الماضي وهواجسه، وأوجد حلولا لهذه المشكلات والنزاعات التاريخية الدائرة حول نهائية الكيان اللبناني والهوية القومية والهوية الطائفية والمشاركة في الحكم، ومن جهة ثانية فتح النظام السياسي على التغيير والتطوير، ومن جهة أخرى أقرّ مجموعة من المبادئ والقواعد الأساسية في الحكم وانتظام عمل المؤسسات، تؤمن فرصاً لبناء الوطن والدولة وتشكل نموذجاً للعيش المشترك، الا أنه لم يجر تطبيق الطائف بصورة كاملة، وما نفّذ منه كان مجتزءا وبصورة تخالف مضمونه وروحه. حيث اختصرت المؤسسات وغاب دورها، وهو ما نشكو منه اليوم، ودخلت البلاد في صراعات على النفوذ والسلطة واقتسام الحصص والمغانم، وتوزعت الطوائف السلطات والمؤسسات فيما بينها، وازدادت المشاعر الطائفية والمذهبية حدة، وادّعت الكتل والاحزاب السياسية تمثيل الطوائف في الحكم، والدفاع عن حقوقها، خلافاً لأحكام الدستور بما يؤمن لها غطاء سياسيا، ويحصنها من كل مسؤولية أو محاسبة في ممارسة شؤون البلاد، وأخرج نظامنا السياسي البرلماني من طبيعته وجوهره، وتحكمت موازين القوى الداخلية والخارجية في الحكم نتيجة الصراعات الاقليمية والدولية الضاغطة، وأكثر من ذلك فإن بعض الجهات السياسية اتخذ موقفا سلبيا من التعديلات الدستورية إذ جرت محاولات لتعطيل عمل الدستور وعدم تطبيقه، مما أدى الى احتدام الصراع، للاستئثار بالسلطة أو تقاسمها أو توزعها.أضاف: أصبحت سلطة القرار كما يقول المؤلف خارج المؤسسات، فارتبكت الطبقة السياسية وانكفأت بشكل ملحوظ عن ادارة السياسة اللبنانية، فواجهت الصعوبة في ادارة المؤسسات الدستورية بغياب السلطة الآمرة والناظمة وبات التأخير سيد الموقف فيما خص عملية تسمية رؤساء الحكومات وعملية تشكيل الحكومات وبرزت مصطلحات جديدة، كإقفال أبواب مجلس النواب، والميثاقية والثلث المعطّل والوزارات السيادية وازدادت معادلات مخالفة الدستور بقصد أن تصبح المخالفات سابقة وثابتة ومعمول بها بحجة الامر الواقع وسط الفراغ في أغلبية السلطات الدستورية ووسط تطبيق مخالف لروح الدستور. فسقط الطائف وبعده الدستور.وختم: إلا أننا نقول لم يسقط الطائف ولا الدستور، ما حصل أن الطائف لم يطبق تطبيقا سليما ولا الدستور. ولكن غابت الارادة السياسية لتطبيق اتفاق الطائف.
وكانت كلمة للعميد الفخري لكلية الحقوق والعلوم السياسية في جامعة القديس يوسف البروفسور فايز الحاج شاهين قال فيها: تناول البروفسور انطونيوس أبو كسم في كتابه مواضيع مهمة وهامة، إلّا أنه ارتأى الكلام عن الكرامة وهي موضوع عالجه في الصفحة 331 وما يليها في كتابه والتي تحمل عنوان: الكرامةُ الإنسانية وسيادة القانون وسْطَ الحروب الوجوديّة . جاء في هذه الصفحة: الكرامةُ الإنسانية تُعزِّز دولة القانون حيث يجب أن تكون مُستَنيرة بقيمٍ جوهريّة تَهدُفُ إلى حماية حقوق وحريّات الأفراد. لا وجود لدولةِ قانونٍ حقيقيّة دون الاعتراف بالكرامة الإنسانية كقيمةٍ عُليا عبر توفير آلياتٍ تضمَنُ احترامها وحمايتها. إن هذا المقطع جدير بالتنويه ولذلك اختار أن يكون الحق بالكرامة موضوعا لمداخلته.أضاف: قول الفيلسوف الألماني كانت أنّ الأشياء لها سعر، أما الانسان فله كرامة. وأضاح أنّه صحيح أن الكرامة هي حق محصور مع الانسان، لكن في بعض الأحيان تتخطى هذه الحصرية لتشمل كرامة الجماعة وكرامة الشعوب وكرامة الدولة. وذلك لأن الانسان هو في قلب هذه المفاهيم وتكرّست هذه المفاهيم في المادة الأولى من ميثاق الحقوق الأساسية للاتحاد الأوروبي والمادة 16 من القانون المدني الفرنسي، مع التنويه أن المجلس الدستوري الفرنسي يعتبر أن الكرامة تتمتع بقيمة دستورية. وكذلك تكرّس هذا المفهوم في دباجة الميثاق العربي لحقوق الانسان وفي الفقرة ب من مقدمة الدستور اللبناني التي تشير أن لبنان يلتزم بالمواثيق الدولية. الحق في الكرامة الإنسانية يشكّل مصدرا لكل الحقوق الأساسية، وهو الركيزة الأساسية لكل الحقوق، وعند التنازع ما بين الحق في الكرامة وبين أي حق اخر، يرجّح الحق في الكرامة. وأسوة بالمشترع الفرنسي، من المستحسن أن يقوم المشترع اللبناني بإدراج هذا الحق في القانون الداخلي. نقترح أن تكون هذه الحماية مكرّسة في القانون الداخلي اللبناني عن طريق نص دستوري عبر إضافة مادة دستورية الى الأحكام الواردة في الفصل الثاني من الدستور اللبناني التي تحمل عنوان في اللبنانيين وحقوقهم وواجباتهم، على أن تكون مادة دستورية جديدة مصاغة على الوجه التالي: كرامة الانسان في حمى القانون لا يجوز تقييدها ولا يسوّغ لأحد أن يعتدي عليها.وتابع: الدستور اللبناني قد حافظ على كرامة كل طائفة، وتحديداً في الفقرة ي من مقدمته التي تنص أنه لا شرعية لأيّ سلطة تناقض ميثاق العيش المشترك، إضافة الى المواد 9 و10 و24 فقرة 2 و95 التي تكرّس كرامة الجماعة. أمّا فيما خصّ كرامة الدولة، فقانون العقوبات اللبناني يكرّس حق الدولة في الكرامة عبر مواده 383 فقرة أولى وفقرة 5 و770، بالرغم أنّها لا تشير حرفيا لكلمة كرامة حيث أنّ الحق بالكرامة موجب حمايته واحترامه كقيمة قانونية. في هذه الحالة، يطلق على الكرامة اسم هيبة الدولة.وأشار إلى أن حق الشعوب في الكرامة مكرّس في المادتين 1 و55 في ميثاق الأمم المتحدة وفي المادة الأولى من العهد الدولي للحقوق السياسية والمدنية ومن العهد الدولي الخاص للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية للعام 1966 كحق الشعوب في تقرير مصيرها. وبخصوص الحق في الكرامة العائد للفرد والطائفة والدولة أشار إلى أنّه يستحسن أن تكون النصوص المتعلقة بها مجموعة ضمن أحكام عامة تكون بمثابة مبادئ عامة يسترشد بها في حال وجود نقص وغموض متعلّق بحماية هذا الحق. نعتقد أنّه يستحسن صياغة أحكام عامة متعلقة بمفهوم الحق بالكرامة وبأحكام عامة متعلقة بالنظام القانوني الخاص بحماية هذا الحق. وتعريفا لهذا الحق، وتعريفا للتعدي عليه، اقترح البروفسور الحاج شاهين النص الاتي: الحق بالكرامة هو الحق لكل انسان بأن يتم التعامل معه باحترام من دون إذلال أو مهانة ودون تعدّ عليه من الناحية الجسدية أو المعنوية مهما كانت أصوله ومعتقداته ووضعيته أو مكانته. وتطرّق الى مسألة تعريف كل عمل من شأنه أن يؤدّي ال نقض هذا الحق أو الانتقاص منه. كما وتطرّق الى موضوع إثبات التعدّيات على الحق بالكرامة.وشدد على أن الحق بالكرامة مرتبط بالإنسان وبحق الحياة ولا يسقطان بمرور الزمن طالما هو على قيد الحياة. وتطرّق الى تعريف شعار بيروت أمّ الشرائع، إذ يمكن للتاريخ أن يعيد نفسه، مستشهدا بالعلّامة بولينيه الذي قال إنّ مدرسة بيروت للحقوق لم تكن فقط مساوية لمدرسة القانون في روما أو القسطنطينية، بل كانت تتفوّق عليها لأنّها كانت تدرّس القانون باللغتين اليونانية واللاتينية.وركز على ضرورة استعادة الثقة بالنفس من أجل النهوض بلبنان، وأنّ الامل كبير لأنّ اللبنانيون يؤمنون أنّ إرادة الحياة أقوى من الشدائد، ولأنّه بإمكاننا أن نصنع الحلول دون أن نتلقّاها أو دون أن نستعيرها. وختم: إذا لم يبن ربّ البيت فعبثا يسعى البنّاؤون.
واعتبر مسرة في مداخلته أنّ كتاب المحامي البروفسور أنطونيوس أبو كسم يصدر في زمن فقد فيه لبنان صفته كدولة في وظائفها الأربع الأساسية: احتكار القوة المنظمة، احتكار العلاقات الدبلوماسية، إدارة المال العام، وإدارة السياسات العامة. إنّ هذا الفقد بدأ منذ اتفاقية القاهرة سنة 1969، وتفاقم مع اتفاقية قاهرة متجدّدة في 6/2/2006. في حين أن قوة الدولة الحقيقية تنبع من شرعيتها الاجتماعية. وأشار مسرّه إلى أن لبنان تحوّل إلى ساحة ثم... ساحات!، وقد تلوثت مفاهيم الدولة والسيادة والشرعية والمقاومة والمواطنية في الخطاب العام. وبدلًا من البحث في شروط الحوكمة، يجب البحث في الشروط الخاصة لحوكمة لبنان بالذات، مشيراً إلى أن ما يحدث في لبنان هو اغتيال الدولة وهو خطر لبناني وعالمي. أمّا بخصوص سمو الدستور وشرعية الكيان، شدد على أن الدستور ليس مجرد النص القانوني الأعلى، بل هو التعبير التاريخي لقيم تأسيسية يجمع عليها الشعب ويحقق وحدته. فسموّ الدستور يشمل مضامين وأبعادًا ثقافية وتاريخية تجعل من الشعب وطنًا ثابتًا وشرعيًا، فهو ثمرة اختبار تاريخي متراكم ونضال وذاكرة جماعية مشتركة، وهو المؤشر الأسمى لثبات واستقرار المجتمع كما جاء في كتاب البروفسور أنطونيوس أبو كسم.وقال: في ظل التحديات التي واجهها لبنان، والتي لخصها كتاب الدكتور أبو كسم بأنها إشكالية الشرعية على المستوى الداخلي وعلى المستوى الدولي، تبرز الحاجة القصوى لترسيخ شرعية الكيان اللبناني من خلال كتاب الدكتور أبو كسم وأنّ هذه الشرعية تتعلق بـ إدراك تاريخية وصوابية البنيان الدستوري وانعدام البديل عنه. أمّا بخصوص مقاومة الخداع والثقافة الدستورية، أشار مسرّه إلى أن السجال الدستوري في لبنان كان وقودًا إيديولوجيًا لتغذية النزاع والحروب بالوكالة.أضاف: تتميّز الشرعية عن القانونية وهنا تكمن أهمية كتاب انطونيوس أبو كسم! تعني الشرعية ادراك تاريخية وصوابية البنيان الدستوري، واقعيًا واختباريًا، وانعدام البديل، بخاصة أنه تتوفر مجالات التغيير من خلال المعايير الناظمة في نص الدستور بالذات. ينبع الخطر الأكبر على استقرار لبنان وشرعيته الكيانية من ثلاثة أنواع من التوجهات النابعة من مثقفين بدون خبرة وقانونيين وأكاديميين: أيديولوجية العصرنة والبناء القومي، الاغتراب الثقافي من خلال مقارنة لبنان بمجتمعات أخرى بدلاً من المقارنة مع أكثر من أربعين دولة في عالم اليوم هي تعددية في بنيانها الديني والثقافي، وجهل الدراسات المقارنة منذ سبعينيات القرن الماضي حول الأنظمة البرلمانية التعددية وسياقاتها الخاصة في الانتظام والتطوير. وقد أشار إلى أن التشكيك في نهائية أسس البنيان الدستوري اللبناني، واستمرار تعميم مقولة لبنان خطأ تاريخي وجغرافي يهددان بتحويله إلى ساحة ثم ساحات، معتبراً أنّ البناء الدستوري اللبناني يقوم على ثوابت واختبار تاريخي متراكم، تلخصها أربعة مضامين للميثاق الوطني 1943: عيش معًا مسيحي إسلامي، ضمان الحريات الدينية والثقافية، ضمان المشاركة الديمقراطية، وعروبة مستقلة.واعتبر أنّ المهمة الأبرز في عهد استعادة الدولة هي العمل على حمل الكتاب، أي الدستور، وترسيخ شرعية الكيان الدستوري في الإدراك الجماعي اللبناني، مشيراً إلى إن الشرعية الدولية جوهرية، بخاصة للدول الصغرى التي تستمد استقرارها من شرعيتها الداخلية والدولية. المطلوب هو مقاومة الخداع والمخادعة واللاعقلانية وإنكار ذهنية لبنانية مرضية، والتركيز على الثقافة السياسية والعقلانية البرغماتية استنادًا إلى الآباء المؤسسين وقيم لبنان التأسيسية.وختم: يتوجب المطالعة التفصيلية، وإعادة مطالعة الصفحات في كتاب أنطونيوس أبو كسم، الذي هو من كبار الاخصائيين والحكماء في القانون الدولي، حول مجمل قرارات الشرعية الدولية بشأن لبنان طوال سنوات في سبيل اكتساب اليقين ان الشرعية الدولية جوهرية، بخاصة في ما يتعلق بالدول الصغرى في النظام العالمي.
وتحدث مطر عن علاقته بالكاتب عقدين من العمل المشترك في ملف اغتيال الرئيس رفيق الحريري في المحكمة الخاصة في لبنان وغيره، حيث اكتشف خلالها جدّيته وصدقه ووطنيته فضلاً عن دقته وثقافته القانونية المميّزة كمحامي وأكاديمي لاسيما في القانون الدولي العام واكتشف أيضاً أن باب النجاح لا بد أن يُفتح أمامه – وقد كان له ذلك فهنيئاً له ولنا.وقال: لبنان في حالة استثناء مستمرة، فيعتبر أنّ يعتبر الخطاب أن لبنان يعيش في حالة استثناء مستمرة منذ الحرب الأهلية (1975)، وفي هذه الحالة، يصبح صاحب السلطة (Sovereign) خارج القانون وداخله في الوقت نفسه، مما يطرح إشكالية حول شرعية القرارات المتخذة عند تعليق أحكام الدستور والقانون. كما وأشار إلى مسألة انفصام النظام وغياب حكم القانون، حيث يشير الخطاب إلى الانفصام في النظام اللبناني بين: حكم القانون (Rule of Law) الذي يؤسس للحرية والشرط الإنساني والحكم بالقانون (Rule by Law) الذي يؤدي إلى الاستبداد وسقوط الحماية الدستورية للفرد. وأشار مطر أنّ هذا الانفصام يظهر في سلاح شرعي مُعطَّل مقابل سلاح أمر واقع مُعطِّل، وإدارة تجبي المال العام وإدارة تهدره في خدمة الفساد الخاص.وتطرّق مطر إلى مفهوم الدولة على طريق الفشل، فعلى مستوى الشرعية الدولية، يصف الخطاب لبنان بأنه دولة على طريق الفشل (failing state) أو دولة فاشلة (failed state) وفق المعايير الدولية (المشار إليها في الهامش). واعتبر مطر أن لبنان أصبح كياناً حدوده الخارجية داخلية وحدوده الداخلية خارجية، مما يجعله ساحة لنقل الصراعات والتبعية الخارجية.وحمّل النظام القائم على المحاصصة الطائفية مسؤولية ظلم الناس والفساد، واعتبر أنّه يؤدي هذا النظام إلى مسخ اللبنانيين إلى شعوب متعددة في إيمانها موحدة في وثنيتها، يحيث تؤله الطائفة والزعيم، مما أفقده الشرعية والقانونية وجعله عصياً على الإصلاح.، مشيراً إلى أنّ الخطاب يدعو إلى الخروج على هذا النظام الذي استنفد طاقة اللبنانيين ودمّر البلاد.وخلص إلى أنّ الحل يكمن في تطبيق الدستور وحكم القانون، وفصل الدين عن الدولة، وحماية الفرد وضمانة الطائفة، وأنّه على المستوى الإنساني، يشدد الخطاب على عدم التحول إلى وحوش في مواجهة الوحش القائم.
واختتمت الندوة بكلمة للمؤلّف الذي توجه بالشكر إلى المدعوين، واعتبر أنّ مشقّة الحضور ليست إلّا تكريماً لحريّة الرأي التي هي الركيزة الأساس للديمقراطيّة الصحيحة. وأشار إلى أنّ هذا المؤلَّف ليس دعاية سياسيّة أو مهنيّة، بل هو وليدة أزمة الحريات الأكاديميّة، حيث أنّ بعض المقالات في هذا الكتاب التي تناشد احترام مبدأ الشرعيّة وسيادة لبنان، كانت سبباً لمحاولات إقصاء أو لاستعداء مباشر وغير مباشر في مؤسسات تعليم عالٍ رسميّة وخاصّة. إنّ الحريات الأكاديمية أساس للتطور العلمي ولتطوّر الفكر ولإعلاء ورفع مستوى التعليم العالي. وأشار إلى أنه دفاعاً عن حريّة الفكر ووفاءً لقسم المحاماة فضّل الحريّة المطلقة بدلاً من الخضوع أو الرضوخ عبر قول الحقيقة، إيماناً بتعاليم السيّد المسيح تعرفون الحقّ والحقّ يحرّركم.وقال: إنّ قول الحقّ وحتى في الأنظمة الديمقراطية له تبعات، فما ترك لي الحقُّ صاحباً حسب قول الإمام عليّ. فأيّ صاحب هذا تبني العلاقة معه على الرياء بعيداً عن الشفافيّة؟ وعلى المصالح بدلاً من القيم؟ أو على الفساد بدلاً من الإصلاح؟ حضور المدعوين الحاشد في الحفل يبعث الأمل، ويُثبت أنّ لسيادة القانون ليس فقط أصحاباً، بل أيضاً سيّدات وسادة مناضلات ومناضلين أوفياء ملتزمين بقضيّة لبنان الدولة.وتوجّه بتحيّة لطلابه في الجامعة اللبنانية، معتبراً أنّها جامعة الوطن التي ستستمرّ بفضل الشرفاء، فالحقّ أقوى من الشرّ. وأضاف أنّه في البدء كان الكلمة، مشيراً إلى أنّه استشهد بكبار من لبنان من أجل حريّة الكلمة، وما بخلت النهار حتّى بفلذة كبدها. ونذكّر أنّ لبنان بلد الحريات العامة في الشرق ولهذا يتمّ اغتيال الشخصيات لكمّ أفواههم وعشية ذكرى اغتيال الشهيد جبران تويني نقول ممنوع كمّ الأفواه (اقتباس من مرافعة المحامي أبو كسم أمام المحكمة الدولية الخاصة بلبنان بتاريخ 5 كانون الأول 2015).واعتبر أنّ هذه الكلمة التي هي تعبير عن الفكر، الذي يصنع القانون، هذه الكلمة، التي تدافع عن القانون، هذه الكلمة التي تدافع عن السيادة، هذه الكلمة التي تضمن شرعية الدولة، هذه الكلمة التي كتبها وأعلى من شأنها رجالات دولة وفكر وضمير، هؤلاء الأساتذة والمعلّمين القدوة الذين زادوه علماً ومناقبيّة ومهنيّة وتواضعاً، وعلّموه معنى الوفاء عندما وقفوا في الحفل أمام الجمهور لمناقشة كتاباته، فأعلوا من شأنها. لا لانحدار الكلمة لتصبح نهجاً لتبرير السياسات الفاشلة، أو سلعة يمكن الحصول عليها عبر الذكاء الاصطناعي، أو لتشويه الحقائق، أو للتزلّف، أو للنيل من سمعة الآخر، أو للحملات المسيئة لأصدقاء لبنان، أو لتشويه الخطاب الديني وصولاً إلى خطاب الكراهيّة الذي هو سبب أساسيّ للحروب. إنّ تدجين الديمقراطية يحوّلها إلى ديكتاتورية ممنهجة.وأشار إلى أن مؤلّفه الجديد محاولة تعبير صادقة عن رأي أكاديمي علميّ متجرّد في العلوم القانونيّة وفي علوم السياسة، هو عصارة اختبار محنة وطن وألم شعب. هو احترام للآخر وليس تهجماً عليه، هو عرضٌ للهواجس، هو مبادرة صادقة ودعوة لتبادل الأفكار وفقط من أجل سيادة القانون في لبنان. وشدّد على أنّ حريّة الرأي هي أساس الكرامة الإنسانيّة، ولا قيمة لمواطن يعيش من دون كرامة، فتمرّسنا على الدفاع عن الحقوق في هذه النقابة العريقة وما رسالة المحاماة إلّا نضالٌ في سبيل حماية الحريات العامّة. لا شراكة في السيادة ولا شراكة في الكرامة ولا شراكة في العدالة. فلا كرامة من دون رأي حرّ ولا سيادة من دون كرامة، ولا لبنان من دون سيادة، ولا سيادة من دون جيش، من دون جيش لبنانيّ، ولا نظام من دون قضاء.وختم: لا يمكن السكوت عن التنازل عن السيادة الداخلية والخارجية، فالسكوت ليس جبنٌ أو تآمرٌ بل هو جريمة امتناع لا تسقط بمرور زمن أنظمة الاحتلال والوصاية والاستقواء والمتاجرة والتنازلات.











































































