اخبار لبنان
موقع كل يوم -أي أم ليبانون
نشر بتاريخ: ٢٨ أيار ٢٠٢٥
كتب محمد شقير في 'الشرق الأوسط':
يأتي اللقاء الذي عُقد بين رئيس الجمهورية العماد جوزيف عون، ورئيس كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب محمد رعد، بحضور عدد من نواب «حزب الله»، في سياق التأكيد أن التواصل بينهما يدخل في مرحلة سياسية جديدة لم تعد تقتصر فيها الاتصالات عن بُعد. وبحسب معلومات خاصة بـ«الشرق الأوسط» خُصِّص اللقاء للبحث في 4 نقاط تصدَّرت جدول الأعمال، وهي وقف الخروق والاعتداءات الإسرائيلية، والانسحاب من المواقع الـ5 التي لا تزال إسرائيل تحتلها، وإطلاق الأسرى اللبنانيين لديها، وإعداد آلية ضمن برنامج لإعادة إعمار المناطق المتضررة.
ومع أن التواصل بين عون و«حزب الله» يجري حالياً في ظل وجود مساحة سياسية واسعة للتفاهم وإبقاء الأبواب مفتوحةً للتداول في مجموعة من الأفكار ذات الأهمية المشتركة، فإن البحث في حصر السلاح بيد الدولة لم يُطرَح حتى الساعة، بحسب معلومات خاصة حصلت عليها «الشرق الأوسط» من مصادر متعددة مواكبة للأجواء الإيجابية والمريحة التي سادت اللقاء.
الحوار حول حصرية السلاح
تؤكد المصادر أن الحوار حول حصر السلاح بيد الدولة، وإن كان التواصل القائم يؤسِّس لانطلاقه الذي ينتظر تجاوب إسرائيل، مع الضغوط الدولية لإلزامها بتطبيق وقف النار بكل بنوده دون شروط، تمهيداً لتنفيذ القرار 1701 بكل مندرجاته. وتقول المصادر إنه لا مشكلة لدى «حزب الله» للبحث في مرحلة ما بعد الانسحاب، وهو على استعداد لمناقشة الخطة المتعلقة بسياسة الأمن الوطني للبنان، ومن ضمنها الاستراتيجية الدفاعية.
ونفت المصادر ما أُشيع وتردَّد بأن جمع السلاح الفلسطيني داخل المخيمات كان مُدرجاً على جدول أعمال اللقاء – مؤكدة أنه لم يتم التطرق إليه ولم يُؤتَ على ذكره، بخلاف التوقف أمام قول رئيس الحكومة نواف سلام إن «زمن تصدير الثورة الإيرانية إلى المنطقة انتهى» – وأن استحضاره جاء على لسان أحد نواب الحزب من دون التوسُّع فيه أو التعليق عليه.
وبحسب معلومات خاصة، فإن ما قاله رعد في ختام اللقاء حول «الحفاظ على ما تبقَّى من ودٍّ مع الرئيس سلام»، جاء رداً على سؤال، مع التأكيد أن الحزب «لن يُستدرج للدخول في سجال معه»، وهو ينتظر اجتماعهما المرتقب ليصارحه بما لديه من ملاحظات حول بعض المواقف الصادرة عنه.
وتعدّ المصادر أن ما قاله رعد «يقطع الطريق على استدراج الحزب للانجرار إلى سجال علني مع سلام»، وأن نوابه يلتزمون الصمت؛ رغبة منهم في أن يبقى العتاب داخل الغرف المغلقة، ولا يتسرب إلى الخارج، مع احتمال تدخل رئيس المجلس النيابي نبيه بري، متمنياً على حليفه عدم الرد، وأن يحيل ما لديه من مآخذ إلى اجتماعه المرتقب مع الرئيس سلام فور عودته من الإمارات العربية المتحدة، لعل اللقاء يؤدي إلى تنقية الأجواء لئلا تتسع هوة الخلاف.
وتوضِّح المصادر أن الانتخابات البلدية، استُحضرت عرضاً، وجاء التطرق إليها على لسان المستشار الرئاسي، العميد المتقاعد أندريه رحال، بلفتة منه نحو النائب أمين شري، وبتعقيب من عون، مشيداً بدور الثنائي الشيعي في الحفاظ على المناصفة في المجلس البلدي لبيروت وعدم الإخلال بها، بينما أبلغ الحضور بأنه يستعد للقيام بزيارة رسمية للعراق، وأنه يدرج على جدول أعماله التوجّه إلى النجف للقاء المرجع الأعلى للطائفة الشيعية في العالم، السيد علي السيستاني.
ارتياح لمواقف عون
وبالنسبة إلى أجواء الاجتماع، تلفت المصادر إلى أن الحزب بلسان رعد، أبدى ارتياحه لمواقف عون، سواء خلال استقباله الموفدين الأجانب أو في جولاته على الدول العربية والأوروبية، وأن هناك ضرورة لأن يعطي، في جميع المناسبات، إشارات إيجابية للخارج بإصرار لبنان على الإصلاحات وتمسكه بسيادة الدولة على كامل أراضيها والحفاظ على الاستقرار، وإصراره على الحوار أساساً لحل المشكلات، ولا يفضِّل الصدام مع المكونات اللبنانية.
ونقلت المصادر عن عون قوله، أمام الوفد، إنه يصرُّ على انسحاب إسرائيل تماماً من الجنوب، ولا يرى من مبرر لاحتفاظها بالنقاط الـ5؛ لأن لا قيمة عسكرية لها، وهذا ما يلقى التجاوب ممَّن يلتقيهم من الموفدين الأجانب إلى لبنان، وآخرهم وفد الكونغرس الأميركي ووزيرة خارجية فنلندا. وفي هذا السياق نُقل عن عون قوله إن لا مبرر لإسرائيل للاحتفاظ بهذه النقاط لأن لديها من القدرات والإمكانات العسكرية والتكنولوجية ما يسمح لها بأن تراقب من تل أبيب، وبواسطة الأقمار الاصطناعية وطائرات التجسس وأجهزة التنصُّت، كل ما يدور في الجنوب وربما أبعد منه. وسأل عون: «هل إسرائيل مضطرة لتركيب مناظير في هذه النقاط لمراقبة ما يحصل في الجنوب وكأنها تعيش في القرن الثامن عشر، رغم أن قدراتها تسمح لها بمعرفة ما يجري في سابع طابق تحت الأرض؟!».
زيارة أورتاغوس… وملف الإعمار
وفي معرض تقييم الوضع في الجنوب، أشاد عون بتجاوب الحزب مع الجيش بانسحابه من جنوب الليطاني، وامتناعه عن الرد على الخروق الإسرائيلية التزاماً منه بتطبيق القرار 1701، فإن الزيارة المرتقبة لنائبة المبعوث الرئاسي الأميركي الخاص للشرق الأوسط، مورغان أورتاغوس، لبيروت لم تكن موضع تداول في اللقاء، بخلاف التركيز على ملف الأسرى الذي يتلازم مع تحريك ملف الإفراج عنهم، والآمال المعقودة على أن تؤدي المساعي إلى خواتيمها بتحريرهم من الأسر.
وبالنسبة إلى إعادة إعمار البلدات المُدمَّرة، أبلغ عون رعد بأنه تلقَّى وعوداً من دول تُبدي استعدادها للمساهمة في الإعمار، وأن الاتصالات جارية لعقد مؤتمر دولي عربي في هذا الخصوص، واتفق معه على أن تتحرَّك الحكومة لمسح البلدات المُدمَّرة وتقدير الأضرار، لأنه من غير الجائز عدم القيام بأي خطوة تنم عن إبداء حُسن نية حيال الألوف من المتضررين، رغم أن الحكومة السابقة كانت بادرت بالقيام بما هو مطلوب منها، لكنها لم تستكمل ما بدأته مع تشكيل الحكومة الجديدة.
وطرح وفد الحزب تكليف مجلس الجنوب الكشف عن الدمار في الجنوب والبقاع الغربي، بوضع آلية لمسح الأضرار وتعويض المتضررين، في مقابل تكليف الهيئة العليا للإغاثة مهمة مماثلة تشمل المناطق المتضررة في بيروت وضاحيتها الجنوبية وجبل لبنان والبقاع الأوسط والشمالي. وعلى الرغم من أن هناك تعقيدات تتعلق بتمويل الإعمار، فإن ذلك لا يمنع من إشعار المتضررين بوجود حكومة عازمة على إعادة خطة كاملة لإعمار ما دمَّرته إسرائيل، علماً بأن الحزب بحسب مصادره أعدَّ برنامجاً شاملاً بدأ تنفيذه بتأمين الإيواء لأصحاب البيوت المهدَّمة وتقديم مساعدات الترميم.