اخبار لبنان
موقع كل يوم -جريدة الديار
نشر بتاريخ: ٢٥ أيار ٢٠٢٥
منذ عام 2011، أصبح التهريب بين سورية والدول المجاورة (خصوصًا لبنان والعراق والأردن وتركيا) عنصرًا أساسيًا في اقتصاد مناطق سيطرة النظام والمعارضة على حدٍ سواء. ومع تآكل الاقتصاد الرسمي، انتشرت شبكات التهريب المرتبطة بقوى أمنية ومليشيات محلية. ولكن السؤال يُطرح: هل سيُقفل ملفّ التهريب بالكامل في حال رفعت العقوبات عن سورية؟ وهل سيكون لبنان بعيدًا عن داعيات رفع العقوبات عن سورية؟
رفع العقوبات عن سورية يعني إلغاء أو تخفيف القيود الاقتصادية أو السياسية أو القانونية التي فرضتها دول أو منظمات دولية (مثل الولايات المتحدة أو الاتحاد الأوروبي أو الأمم المتحدة) على الحكومة السورية أو مؤسساتها أو أفراد معنيين فيها. وهذا ما يشمل عادةً نقاط أساسيّة أبرزها، إجراء التحويلات المصرفية والمعاملات المالية مع المصارف السورية، السماح بالتجارة أي تصدير واستيراد السلع، خاصة المواد الأساسية أو التكنولوجية التي كانت ممنوعة، عودة الشركات الأجنبية للاستثمار في سورية، وإعادة دمج سورية دوليًا والاعتراف بشرعية الحكومة السورية. ولكن رفع العقوبات لا يعني بالضرورة انتهاء كل الأزمات في سورية لأن على الحكومة السورية الالتزام بتعهدّات معيّنة.
التهريب
رفع العقوبات عن سورية – إن حدث – لن يؤدي تلقائيًا إلى إقفال ملف التهريب بشكله النهائي، لكن قد يغير طبيعته وأبعاده. وصحيح أنّ العقوبات دفعت بعض التّجار الى اللجوء إلى التهريب للحصول على السلع أو تصريف البضائع بحيث لا يمكن ان ننسى السنوات الخمس السابقة وما قبلها حيث كانت تنتشر تجارة تهريب المحروقات والسلع الغذائية والخبز والخضر والفواكه وغيرها عبر الطرق غير الشرعية مما كان يؤدي الى صرخة المزارعين بسبب تراجع اسعار سلعهم، كما ان اموال الدعم التي قدمتها حكومةِ الرئيس حسان دياب كانت تذهب الى سورية تهريبا سلعا ومواد ولكن حتى بدون العقوبات، بقيت الحدود رخوة، والرقابة ضعيفة، والفساد متفشيًا. وفي حال رُفعت العقوبات جزئيًا أو كليًا، قد تتحول بعض عمليات التهريب إلى تجارة شرعية. لكن إن لم تترافق هذه الخطوة مع إصلاحات اقتصادية وأمنية داخلية، فإن شبكات التهريب ستستمر، لأنها مربحة وتديرها أطراف ذات نفوذ يصعب تفكيكها بسهولة.
وبحسب مصادر مطّلعة للدّيار، 'هنالك العديد من القضايا التي من الممكن أن يكون لديها تداعيات إيجابية، واحدة من أبرز هذه النقاط، تتعلّق بالتهريب. فنحن نعلم أنّ التهريب كان يتمّ بين الدّولتين بناءً على وجود العقوبات، والبضائع التي كان من الصعب وصولها إلى سورية، كانت هناك محاولات كبيرة لتهريبها. وبالتالي، هذا النوع من التهريب سيتوقّف وهذا أمر إيجابي طبعًا. وحتّى بما يتعلق بموضوع الطاقة واستجرار الغاز من مصر والكهرباء من الأردن عبر الأراضي السورية، كنا نواجه إشكالية أنّ هنالك عقوبات قانون قيصر على سورية، وبالتالي نواجه مشكلة. وهنا علينا لفت النظر إلى أنّ المشروع لم ينجح ليس فقط بسبب قانون قيصر والعقوبات، بل أيضًا نتيجة الالتزامات المطلوبة من الدّولة اللبنانية والتي لم تتمّ. وبالنتيجة، كل التداعيات الايجابية التي يتم الحديث عنها في حال رفعت العقوبات عن سورية، لم يستفد منها لبنان بطريقة واضحة إذا ما أخذنا إجراءات سريعة وأصبحنا جاهزين لمواكبة هذا الموضوع. نحن نعلم أنّ رفع العقوبات لم يحصل بين ليلة وضحايا، تنفيذ القرار سيؤخذ حيزًّا من الوقت وهنا دورنا في الإستفادة منهُ لإنهاء عملية وضع خطة التعافي الشاملة من أجل إمكانية عودة القطاع المصرفي ليعمل بشكله الطبيعي في السوق اللبناني. فبالحقيقة، القطاع المصرفي وحده سيكون المنصّة الأساسية للتعاون مع سورية والاستفادة من ورشة الإعمار في سورية'.
وأكّدت المصادر أنّ 'القطاع المصرفي اللبناني عندما فتح في سورية، تمكّن السيطرة على كل المنافسة الأجنبية، لذلك هيمن على السوق السوري وبالتالي هذه المصارف ما زالت موجودة والمساهمات موجودة حتى الساعة، وبالتالي عودة المصارف اللبنانية إلى سورية ستكون سهلة جدًا ولكنه علينا أولًا إعادة هيكلة المصارف لنرتاح من هذا الوضع. فحتى الشركات الاستثمارية التي من الممكن أن تستفيد من مشاريع إعادة الإعمار في سوريا، محتاجة إلى قطاع مصرفي لبناني قوي للعمل جيدًا في سورية'.
ماذا ينتظر لبنان بعد العقوبات عن سورية؟
بمجرّد رفع العقوبات الأميركيّة عن سورية، ستكون المصارف اللبنانيّة على موعد مع العودة إلى مرحلة ما قبل الـ 2011، لتعاود الربط الطبيعي والتقليدي بين السوقين من دون أي قيود. فالعقوبات الأميركية، التي استمرت قرابة 46 عامًا، شملت معظم القطاعات الحيوية في البلاد، عبر منظومة من القوانين التشريعية والأوامر التنفيذية التي صدرت عن إدارات متعاقبة في واشنطن منذ عام 1979 على خلفية اتهامات وجهت الى النظام السوري السابق، إلى جانب اتّهامات بتحويل البلاد إلى مركز لعبور وتجارة المخدرات. وفي حال رُفعت العقوبات عن سورية، هذا القرار سيفتح الباب أمام إعادة تنشيط كل القطاعات الإنتاجية وتحقيق نوع من الاستقرار الأمني والمالي وتحقيق نمو مستدام للمنطقة. وقد يشكل هذا القرار فرصةّ للتخلص من الأعباء الاقتصادية والاجتماعية لأكثر من مليون ونصف المليون نازح سوري في لبنان يشكلون ضغطًا على سوق العمل والبنى التحتية، بحيث قد يسمح الواقع الجديد بتدفق المساعدات الدولية إلى سورية ويدفع بملايين النازحين السوريين الى العودة إلى بلادهم مع إمكان الاستفادة من التقديمات والمساعدات في الداخل السوري. كما سيسمح لسوريا بالعودة إلى النظام المصرفي العالمي وبالتالي إعادة إطلاق عجلة الاقتصاد في بلد لديه مساحات شاسعة للنهوض بالزراعة، ويد عاملة للنهوض بالصناعة، وطبيعة ومناخ قد يسمح الاستقرار السياسي والأمني فيها لتطوير سياحته.