اخبار لبنان
موقع كل يوم -المرده
نشر بتاريخ: ١١ تموز ٢٠٢٥
أين تكمن معضلة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في المفاوضات مع حركة حماس، رغم وصول جيشه إلى طريق مسدود في تحقيق أهدافه في قطاع غزة، وحالة التعب والاستنزاف التي يعاني منها بعد عامين على شنّه حرب الإبادة ضدّ الشعب الفلسطيني ومقاومته، ومتى سيصل نتتياهو إلى نقطة تجبره على قبول وقف الحرب والتخلي عن أوهام النصر المطلق الذي يحلم بتحقيقه.
أولاً، معضلة نتنياهو في المفاوضات مع حماس…
تكمن معضلة بنيامين نتنياهو في المفاوضات مع حماس، بالرغم من وصول جيشه إلى طريق مسدود وحالة التعب والإرهاق والاستنزاف التي يعاني منها، في عدة عوامل متداخلة:
1 ـ أهداف الحرب المتضاربة والوعود السياسية: يواجه نتنياهو ضغوطاً هائلة من اليمين المتطرف في حكومته للحفاظ على أهداف الحرب المعلنة، مثل القضاء التامّ على حماس وإعادة جميع الأسرى بالقوة، وهي أهداف لم تتحقق رغم مرور عامين على شن الحرب.. وأي تراجع عن هذه الأهداف يُنظر إليه على أنه هزيمة شخصية وسياسية لنتنياهو قد تطيح بحكومته وتؤدي إلى محاكمته بتهم الفساد.
2 ـ الضغط من عائلات الأسرى والرأي العام: يتعرّض نتنياهو لضغط متزايد من عائلات الأسرى الإسرائيليين الذين يطالبون بصفقة تبادل فورية، حتى لو أدّى ذلك إلى القبول بمطالب حركات المقاومة بوقف الحرب والانسحاب من غزة.. في المقابل، يخشى نتتياهو من ردّ فعل قاعدته الانتخابية اليمينية التي قد تعتبر أيّ صفقة من هذا النوع انتصاراً لحماس.
3 ـ الحفاظ على صورة «القائد القوي»: لطالما بنى نتنياهو صورته السياسية على أنه «الحامي لإسرائيل»… ولهذا فإنّ القبول بوقف إطلاق نار دائم دون تحقيق «نصر مطلق» قد يضرّ بهذه الصورة بشكل كبير ويعرّضه لانتقادات لاذعة من خصومه السياسيين، إلى جانب تحميله مسؤولية الفشل وتداعياته السلبية…
4 ـ الاستقطاب الداخلي الإسرائيلي: الرأي العام الإسرائيلي منقسم بشكل حادّ بين مؤيدي استمرار الحرب حتى تحقيق النصر الكامل، وبين من يرى ضرورة إنهاء الصراع والتركيز على إعادة الاسرى وتحقيق الاستقرار. هذا الانقسام يعقد عملية اتخاذ القرار بالنسبة لنتنياهو.
5 ـ الدعم الأميركي المتقلب: بالرغم من الدعم الأميركي المستمر لـ «إسرائيل»، إلا أنّ الإدارة الأميركية تمارس ضغوطاً متزايدة لوقف الحرب لأنها تحوّلت إلى حرب استنزاف للجيش الإسرائيلي، فيما استمرار المعاناة الإنسانية لسكان غزة يؤدي إلى تصاعد سخط الرأي العام العالمي ضد السياسة الأميركية الداعمة لـ «إسرائيل»، وهو ما يزيد من تعقيد موقف نتنياهو الذي يحاول الموازنة بين المصالح الداخلية والخارجية.
ثانياً، متى يصل نتنياهو إلى نقطة تجبره على قبول وقف الحرب؟
يُتوقع أن يصل نتنياهو إلى نقطة تجبره على قبول وقف الحرب والتخلي عن أوهام النصر المطلق عندما تتلاقى عدة عوامل رئيسية:
العامل الأول، فشل عسكري كامل وواضح: إذا أصبح الفشل العسكري في تحقيق الأهداف المعلنة أكثر وضوحاً ولا يمكن إنكاره، ومع استمرار الخسائر البشرية والاقتصادية لجيش الاحتلال دون تحقيق أيّ اختراق استراتيجي، سيزداد الضغط عليه داخلياً وخارجياً.
العامل الثاني، انهيار الائتلاف الحكومي: إذا فقد نتنياهو دعم اليمين المتطرف في حكومته، أو تعرّض لانشقاقات كبيرة داخل ائتلافه، فقد يضطر إلى القبول بصفقة لوقف إطلاق النار لتجنب انهيار حكومته والذهاب إلى انتخابات مبكرة قد يخسرها.
العامل الثالث، صفقة تبادل لا مفرّ منها: احتمال ان يأتي الضغط الأكبر من عائلات الأسرى والرأي العام الإسرائيلي الذي قد يصل الى قناعة بأنّ السبيل الوحيد لإعادة الأسرى لا يمكن تحقيقه إلا من خلال صفقة شاملة مع حماس.. وبالتالي إذا بلغت الاحتجاجات ذروتها وأصبح لا يمكن تجاهلها، قد يُجبر نتنياهو على الرضوخ.
العامل الرابع، ضغوط دولية غير مسبوقة: أن تتزايد الضغوط الدولية على «إسرائيل» بشكل كبير، سواء من الأمم المتحدة، أو من الدول الكبرى، أو من خلال بدء دول بفرض عقوبات، مما يجعل نتنياهو غير قادر على الاستمرار في الحرب.
العامل الخامس، تبني جيش الاحتلال رؤية مختلفة: إذا وصل قادة جيش الاحتلال إلى قناعة نهائية بأنّ الأهداف العسكرية غير قابلة للتحقيق بالقوة، وقدّموا توصيات بضرورة البحث عن حلّ سياسي لأنّ الجيش لم يعد قادراً على تحمّل النزف الذي يتعرض له، فإن ذلك سيشكل ضغطاً هائلاً على نتنياهو.
بشكل عام، فإنّ نقطة التحوّل هذه ستأتي عندما يصبح استمرار الحرب أكثر تكلفة سياسياً وعسكرياً من وقفها، وعندما تتضاءل الخيارات الأخرى المتاحة لنتنياهو. لا يمكن تحديد تاريخ معيّن لذلك، ولكنه مرتبط بتطورات الأحداث على الأرض والضغوط الداخلية والخارجية المتزايدة…