اخبار لبنان
موقع كل يوم -جريدة اللواء
نشر بتاريخ: ٣١ تموز ٢٠٢٥
شدّد رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون «على أهمية العلاقات الجزائرية - اللبنانية، والرغبة المشتركة في الارتقاء بها الى أفضل المستويات»، مجدّداً «شكر لبنان للجزائر على وقوفها الدائم الى جانبه في المحافل الإقليمية والدولية، ومساعدتها له في الأوقات الصعبة».
استهلّ رئيس الجمهورية اليوم الثاني والأخير من زيارته الرسمية الى الجزائر، بزيارة كاتدرائية «سيدة أفريقيا» في العاصمة الجزائرية أمس، يرافقه الوزير المرافق وزير الطاقة المتجددة والمناجم محمد عرقاب، والوفد الرسمي اللبناني.
وكان في استقبال الرئيس عون لدى وصوله، راعي الكاتدرائية الأب غي، الذي جال معه في أرجائها وقدّم له شروحات ومعلومات عنها. وعاين الرئيس عون الجدرانيات فيها واطّلع على العبارات المدوّنة عليها. والتقطت صور تذكارية له مع الكهنة والرهبان والراهبات الذين يخدمون الكاتدرائية.
وبعد انتهاء الجولة، دوَّن الرئيس عون كلمة في سجل الكاتدرائية.
ثم انتقل الرئيس عون والوزير المرافق لزيارة جامع الجزائر، حيث كان في استقباله إمام المسجد الشيخ مأمون القاسمي الذي رحّب به، مركّزاً على القيم الدينية ومعاني الإسلام الحقيقية المعتدلة والمنفتحة على الأديان السماوية. كما قدّم شرحاً عن تاريخ المسجد والحياة المتوازنة في البيئة الجزائرية والخطاب الجامع فيها لاستعادة القيم الإنسانية المشتركة التي بدأت تنحسر.
وشدّد على أهمية زيارة الرئيس عون كونه يمثل لبنان التاريخ والشقيق والحضارة والفكر والثقافة والحاضر، آملاً أن يستعيد عافيته ويحفظ الله أمنه ووحدته واستقراره، مشدّداً على تاريخ العلاقة التي تربط لبنان والجزائر والتي تجدّدت على مرِّ السنوات.
وأمل أن «تشكّل زيارتكم الى الجزائر، دافعاً قوياً لتحقيق المزيد من التعاون والتبادل لتعزيز العلاقات وتطويرها. ونتطلّع في هذا الجامع الى إقامة جسور تعاون بينه وبين مؤسسات دينية وعلمية وفكرية، والى لقاءات يتحقق بها هذا التعاون والتبادل المنشود». كما أشاد بالسفير اللبناني لدى الجزائر محمد حسن، وبالجهود التي بذلها لتعزيز العلاقات بين البلدين وتطويرها.
وردَّ الرئيس عون شاكراً للإمام القاسمي كلامه وعاطفته، وحفاوة الاستقبال الذي لقيه، مشيراً الى انه يزور صرحاً يمثل ديناً يؤمن بالتسامح والتعاون، مشدّداً على أهمية العلاقات الجزائرية - اللبنانية، والرغبة المشتركة في الارتقاء بها الى أفضل المستويات، مجدّداً شكر لبنان للجزائر على وقوفها الدائم الى جانبه في المحافل الإقليمية والدولية، ومساعدتها له في الأوقات الصعبة.
كما أعرب الرئيس عون عن ترحيبه بالتعاون والتبادل الديني مع مؤسسات لبنانية، وبتطوير العلاقات مع دار الفتوى اللبنانية في هذا السياق.
وفي نهاية اللقاء، قدّم الإمام القاسمي الى الرئيس عون مجسّماً لشعار الجامع.
ثم جال الرئيس عون في أرجائه، وتوجه بعدها الى المئذنة التي يبلغ ارتفاعها 265 متراً وتطلّ على محيطه والعاصمة الجزائرية، وتؤمّن رؤية شاملة من كل الجوانب بزاوية 360 درجة. ولفت الرئيس عون في جولته وجود أبواب وثريات لبنانية الصنع في قاعة الصلاة.
ودوّن الرئيس عون كلمة في سجل المسجد.
وكان الرئيس عون استقبل السفير اللبناني في الجزائر محمد حسن وعرض معه نتائج المحادثات مع الجانب الجزائري. وبمناسبة انتهاء مهمته في الجزائر، نوّه الرئيس عون بالدور الذي لعبه السفير حسن خلال عمله في الجزائر والجهود التي بذلها في تعزيز العلاقات بين البلدين وفي تحضير الزيارة الرئاسية، متمنيا له التوفيق بعد انتهاء عمله الديبلوماسي.
بعدها، توجّه رئيس الجمهورية الى المطار حيث أقيم له وداع رسمي تقدمه رئيس مجلس الأمة عازور الناصري، ووزراء الخارجية والاتصال والداخلية، وعدد من المسؤولين الجزائريين. وبعد استراحة قصيرة في قاعة الشرف في المطار، أقيمت له مراسم وداع رسمية، وعزف النشيد الوطني اللبناني، وحيّا العلم الجزائري.
نتائج المحادثات الرسمية
وكان القصر الرئاسي الجزائري شهد مساء أمس الأول تقليد الرئيس عبد المجيد تبون ضيفه الرئيس عون وساماً من مصف الاستحقاق الوطني بدرجة «اثير»، وهو أعلى وسام تمنحه الجزائر لرؤساء الدول، وذلك «اثباتا لعلاقات الأخوة والتفاهم ولما بين الجزائر ولبنان الشقيقين من مواقف محفوظة في التاريخ»، كما جاء في براءة الوسام.
كما عقدت أمس الأول قمة جزائرية - لبنانية ومحادثات ثنائية بين أعضاء الوفدين اللبناني والجزائري، وأخرى موسّعة، أسفرت عن العديد من القرارات المهمة لتفعيل سبل التعاون وتعزيز العلاقات بين البلدين في مختلف المجالات. وأعلن الرئيس الجزائري عن توجيهات أعطاها لعودة الطيران الجزائري الى لبنان خلال الأسبوعين المقبلين (وفي وقت لاحق، أعلنت الخطوط الجوية الجزائرية تسيير رحلات الى بيروت ابتداء من 14 آب المقبل). كما أسفرت عن قرار تفعيل آلية التشاور السياسي بين البلدين التي عقدت مرة واحدة منذ عام 2002، والإعلان عن المساعدة في مجال الطاقات المتجددة وبناء محطات على الطاقة الشمسية وغيرها.
كما أشار الرئيس تبون الى اتفاقيات سيتم توقيعها في القريب العاجل تشمل تعاوناً مالياً واقتصادياً وثقافياً، وكشف عن هدية هي عبارة عن مساعدة مبدئية من الجزائريين الى أشقائهم اللبنانيين، معلناً ان المياه ستعود الى مجاريها بين البلدين.
وخلال المحادثات، تم التوقيع على مذكرة تفاهم إعلامي بين وزير الإعلام اللبناني بول مرقص ووزير الاتصال الجزائري محمد مزيان لتعزيز التعاون والمساعدة في هذا المجال للمؤسسات الإعلامية الرسمية.
وتم التركيز أيضاً خلال المحادثات على مسألة إعادة الإعمار بعد الأضرار الكبيرة التي خلّفتها الاعتداءات الإسرائيلية على لبنان، حيث قدّم الوفد اللبناني مذكرة مفصّلة عن هذا الملف، فيما قدّم السفير اللبناني لدى الجزائر محمد حسن مداخلات حول عدد من الملفات والمواضيع التي بحثها الوفدان والعلاقات القائمة حالياً بين البلدين.
كما عقد الرئيسان تبون وعون مؤتمراً مشتركاً، أكد فيه الرئيس الجزائري «الإسراع بعقد الدورة الأولى للجنة المشتركة الجزائرية - اللبنانية، لتكون منطلقاً جديداً، وإطاراً دافعاً لتعاون مثمر ومستدام، يندمج فيه رجال الأعمال والمتعاملون الاقتصاديون من خلال تفعيل مجلس رجال الأعمال المشترك».
وجدّد التزام الجزائر الثابت والدائم بالتضامن مع الشعب اللبناني الشقيق، وحرصها على أمن لبنان واستقراره، ومساعيها على مستوى مجلس الأمن، لوقف انتهاكات الاحتلال الإسرائيلي للسيادة اللبنانية، ودعم قرار الأمم المتحدة لتجديد عهدة قوات حفظ السلام في جنوب لبنان (اليونيفيل UNIFIL). ولفت الى انه « من أجل ضمان ديمومة التشاور والتنسيق السياسي بين البلدين، إزاء كل هذه الملفات الحسّاسة، وجّهنا إلى تفعيل آلية التشاور السياسي، التي لم تُعقد منذ تأسيسها عام 2002، إلّا مرة واحدة».
أما الرئيس عون، فاعتبر ان «التضامن العربي هو ضرورة لقوة لبنان، وهو يصلّب وحدته، ويحصّن سيادته واستقلاله».
وشدّد على «اننا نطمح إلى الدخول إلى كل بلد عربي شقيق، وإلى كل بيت عربي، بالمحبة والأخوّة. فلا نتدخّل في شأن أي من أخوتنا. ولا هم يتدخّلون في شؤوننا، إلّا بالمؤازرة على خير كل منا، وخير كل بلداننا، ضمن مناخات الاحترام الكامل والتعاون المطلق».