لايف ستايل
موقع كل يوم -فوشيا
نشر بتاريخ: ٤ أب ٢٠٢٥
اعتمدت الفنانة ريتا حايك، منذ بدايتها في عالم الفن، مسارا مميزا وفريدا من نوعه؛ إذ تميّزت بشغفها وعشقها للتحدي من خلال اختيارها للعديد من الأدوار الجريئة والمختلفة.
في حوار هذا الأسبوع، تفتح ريتا حايك قلبها لـ 'فوشيا'، كاشفةً بصدق وعفوية عن تحوّلاتها الشخصية والمهنية، وعن الأمومة التي منحتها القوة، والفن الذي بقي مساحة حقيقية للتعبير، إضافةً إلى التحديات التي واجهتها منذ انطلاقة مشوارها الفني وحتى اليوم.
ريتا حايك لـ 'فوشيا': هذا الدور كان نقطة التحول في مسيرتي
كيف تغيّرت شخصية ريتا حايك خلال السنوات العشر الماضية؟
شهدت حياتي تحوّلات جوهرية على مرّ السنوات. قبل عقد من الزمن، لم أكن زوجة ولا أمّا، أما اليوم فقد نضجت كامرأة، واكتسبت فهما أعمق لذاتي، وللمجتمع، ولجوهر الحياة. حتى الروح الثائرة التي تسكنني تطوّرت، وأصبحت أكثر وعيا ونضجا. أومن بأن تجربة الأمومة منحتني قوة داخلية لم أكن أمتلكها من قبل، وفتحت لي آفاقا لم أعهدها سابقا.
من هي ريتا التي لم ترها الكاميرا؟ وماذا بقي منها رغم كل الأضواء؟
لا تزال ملامح شخصيتي الثائرة، الجريئة، والمتصالحة مع ذاتها، حاضرة بقوة، لا سيّما حين يتعلّق الأمر بالحق ومواجهة الظلم. تجلّت هذه الصفات بوضوح على خشبة المسرح، وظهرت جزئيا على الشاشة الصغيرة، لكنها لم تأخذ حقّها الكامل في السينما بعد. لم تؤثر فيّ الأضواء ؛ فأنا منذ أكثر من عشرين عاما في هذا المجال، وما زلت متمسّكة بالقيم والمبادئ التي بدأت بها.
متى كانت أول مرة شعرتِ فيها أن الفن هو حلمك؟
منذ طفولتي، كنت شغوفة بعالم الخيال، والابتكار، والكتابة. كنت أبتكر مسرحيات، وأرسم صورا تعبّر عن أفكاري، أجمعها في دفاتر وأرفقها بالتعليقات المناسبة. كما اعتدت أن أستعين بإخوتي وأقاربي لإقامة عروض مسرحية في بيت العائلة الجبلي.
من هو الشخص الملهم والداعم الأول لكِ خلال هذه الرحلة؟
والدَاي كانا أول من آمن بموهبتي، وعملا على تغذية شغفي وتشجيعي. وقفا إلى جانبي، ومنحاني الحب والدعم اللازمين لأتمكّن من خوض هذا الطريق. واليوم، يواصل زوجي هذا الدور، ويشكّل بدوره ركيزة أساسية في دعمي واستمراري.
هل تشعرين بالرضا الكامل عن إنجازاتكِ؟
لم أشعر يوما برضا تام عن إنجازاتي. كانت هناك دائما أحلام أعمل على تحقيقها، وحين أعود لأراجع بعض الأعمال التي قدّمتها، أقول لنفسي: كان يمكنني أن أقدّمها بشكل أفضل.” ومع ذلك، هناك محطات أفخر بها، لأنها مثّلت تحديا حقيقيا لنفسي، سواء في المسرح أو في السينما. لكن الكمال لم يكن حاضرا أبدا. ومع مرور الوقت، يزداد نضج الإنسان وتتغيّر رؤيته وتطلعاته.
ما الدور الذي تعتبرينه نقطة تحوّل حقيقية في مشواركِ الفني؟
هناك دوران شكّلا منعطفين حاسمين في مسيرتي الفنية. الأول في مسرحية فينوس، وهو عمل شاهدته قبل عشر سنوات، ثم اقترحت فكرته لاحقا على المخرج جاك مارون قبل أن يطرأ الخلاف بيننا. أما في السينما، فكان دوري في فيلم 'قضية رقم 23' إلى جانب عادل كرم، من إخراج زياد دويري، وقد رُشّح لجائزة الأوسكار؛ ما شكّل محطة مفصلية في حياتي المهنية.
ما جديد قضية مسرحية “Venus” التي أثارت الجدل؟
أشعر أنني نلت حقي المعنوي من الجمهور، من خلال تعليقاتهم ومواقفهم الداعمة. لا شيء يُشترى أو يُباع يُعادل محبة الناس. شكري الكبير من القلب لكل من وقف إلى جانبي، حضر العرض، وعبّر عن دعمه حتى قبل معرفة التفاصيل. الفنان يعيش ويموت من أجل مثل هذه اللحظات.
هل من استراتيجية محددة تعتمدينها عند اختيار أدوارك؟
لا أتّبع استراتيجية معيّنة في اختياراتي. إذا قرأت نصا وشعرت أن الدور يتحدّاني ويستفزّني كممثلة، ويُشعل في داخلي الرغبة في تجسيده، أُقدِم عليه من دون تردّد.
هل الأدوار الجريئة تخدم الممثل، أم قد تُفهم أحيانا بطريقة خاطئة؟
منذ بداياتي، يعتبر البعض أنني أتخذ خيارات جريئة في مسيرتي الفنية. لكن مفهوم الجرأة واسع ومتعدد الأوجه. على سبيل المثال، دوري كلاجئة سورية مبتورة القدم في فيلم فرنسي هو دور جريء، تماما كما كان دوري في مسرحية فينوس. لا يمكن للممثل أن يقدّم شخصية وهو منشغل برأي الجمهور؛ الإبداع يتطلّب حرية داخلية كاملة.
إلى أي مدى تؤمنين بقدرة الفن على إحداث تغيير في الواقع الاجتماعي؟
الفن يملك قدرة حقيقية على إحداث تغيير عميق في الواقع الاجتماعي. إنه وسيلة للمقاومة، وللتوعية، ولتحطيم المحظورات. دوره كبير ومؤثّر، بل ومخيف أحيانا. لا حياة من دون فن.
هل تشعرين أن طيبة قلبكِ وثقتكِ بالآخرين كلفتكِ خسائر؟
الحياة تعلّمنا دروسا قاسية أحيانا. وإن لم نتعلّم مبكرا، تصبح التجارب أكثر صعوبة لاحقا. رسالتي لكل فنان وفنانة أن يحرصوا على كتابة كل ما يتعلق بأعمالهم بشكل قانوني، حتى عند التعامل مع أشخاص مقربين. في العمل، لا مكان للعلاقات العاطفية أو الصداقات على حساب الحقوق.
ريتا حايك لـ 'فوشيا': لم أندم على الانسحاب من مسلسل “آسر”
هل شعرتِ أن الزواج والأمومة كانا سببا في ابتعادك عن الشاشة؟
لا، لم أشعر بأنهما كانا سببا لابتعادي. لكن في فترة معينة، قررت أن أُعطي الأولوية لأسرتي، فاعتذرت عن بعض الأعمال من أجل التفرغ لعائلتي. أصبحت أكثر انتقائية في اختياراتي، وهذا ما ساعدني على خلق توازن يُرضيني بين حياتي الشخصية والمهنية.
كيف يساندك زوجكِ لتحقيق التوازن بين العائلة والعمل؟
لولا دعم عبدالله، لما كنت قادرة على الاستمرار بهذا الشكل، وسط كل الضغوط. وجوده كأب حنون وحاضر يسهّل عليّ الكثير. هو جزء لا يتجزأ من حياة ابننا جورج، ودعمه الدائم هو ما يمنحني القدرة على التقدّم بثبات.
هل تحرصين على أن يشاهد ابنك أعمالك؟ وكيف يتفاعل معها؟
ابني ما زال صغيرا، لكنه يدرك ما أفعله، ويحرص أحيانا على التواجد في كواليس العروض المسرحية. أحب أن أُدخله إلى عالمي، كما يدخل إلى عالم والده. لكن لا يزال من المبكر مشاهدة أعمالي، لأنها مخصصة لفئة عمرية أكبر من سنّه.
ابنك ينتمي إلى عائلة تجمع بين الفن والطب، فهل توجّهينه نحو مجال معين؟
زوجي عبدالله، إلى جانب مهنته كطبيب، يعزف على آلة الغيتار ويرسم لوحات رائعة. لا أفرض على ابني أي خيار، بل أفضّل أن يرى شغفنا نحن بعملنا، ويختار هو ما يريده حين يكبر.
تشهد الدراما اللبنانية محاولات للنهوض والانتشار عربيا، فهل نجحت في ذلك؟
الدراما اللبنانية تمتلك مقوّمات قوية للانتشار عربيا، لكنّها بحاجة إلى دعم حقيقي وقرار واضح من الجهات المنتجة والراعية. كما يجب تخصيص ميزانية ضخمة للدراما اللبنانية الأصيلة، من دون أن نُلغي أهمية الأعمال المعرّبة.
ما المعايير التي تضعينها لقبول المشاركة في عمل معرّب؟
يجب أن أقتنع بالنص أولا، وأن تستفزّني الشخصيات وتُشعل في داخلي رغبة حقيقية لتجسيدها.
هل تعتقدين أن الأعمال المعربة بديل دائم أم مجرّد موضة؟
بصراحة، لا أملك رؤية واضحة حول مستقبل الأعمال المعربة، لكن طالما أن الجمهور يتفاعل معها، فسيستمر إنتاجها. وعندما يتغيّر الذوق العام، ستنتقل الصناعة إلى نمط جديد.
هل تابعتِ مسلسل “آسر”؟ ومن هم النجوم الذين لفتك أداؤهم؟
لم أتابع المسلسل كاملا، لكنني شاهدت بعض المقتطفات عبر مواقع التواصل الاجتماعي ، وأُعجبت بأداء الجميع.
هل شعرتِ بالندم بعد انسحابك من هذا العمل؟
أبدًا، لم أندم على الانسحاب من مسلسل “آسر”. كان قرارا مدروسا ومبنيا على قناعة شخصية، وأنا سعيدة من كل قلبي بنجاح باميلا الكيك.
هل ستعتمدين استراتيجية جديدة تعيدك بقوة إلى الساحة الفنية؟
ليس لدي استراتيجية جديدة، بل أتبع إحساسي ورغبتي في ما أريد تقديمه. لدي عدد من المشاريع الفنية قيد الدراسة، وسأشارك قريبا ضمن لجنة تحكيم في مهرجان عنابة السينمائي في الجزائر.