اخبار لبنان
موقع كل يوم -أي أم ليبانون
نشر بتاريخ: ٢١ تشرين الثاني ٢٠٢٥
كتب طوني عطية في 'نداء الوطن':
تقع القرى الجنوبية الحدودية أو ما تبقى منها، ومعها الجيش اللبناني، بين فكّي عناد: الأول، 'حزب اللّه' المصرّ على عدم التسليم بالهزيمة، والرافض الإقرار بانتهاء دوره القتالي ونزع سلاحه رغم الكلفة البشرية والميدانية. والثاني، إسرائيل التي لم يعد عقلها الأمني، بعد السابع والثامن من تشرين الأول 2023، يحتمل أي مهادنة أو تسوية قد تعيد إنتاج التهديد، في المستقبل القريب والبعيد.
صحيح أن 'الحزب' لا يزال يستند إلى بيئة واسعة تحتضنه وتناصره في رحلة الموت، إمّا بدافع القناعة الأيديولوجية أو بفعل المصلحة الوجودية. إلّا أن شرائح أخرى من الطائفة الشيعية، بدأت تراجع حساباتها، مقتنعةً بأن فاتورة الدم والدمار والتهجير باتت باهظة، وأن خيار 'الإسناد' لم يكن إلّا مسارًا انتحاريًا.
كما أن التركيبة السياسية والحزبية في بعض البلدات باتت تُشكّل عامل ضغط متزايد على 'حزب اللّه'. من بين هذه القرى بيت ليف، المحسوبة تاريخيًا على حركة 'أمل' وأبرز أبنائها هو عضو كتلة 'التنمية والتحرير' النائب أيّوب حميّد. تقع بيت ليف على بُعد نحو 3 كلم من الحدود، تجاورها القوزح، دبل، رشاف، صربين وياطر.
خلال حرب تموز 2006، لم يصبها الدمار بالشكل الذي أصاب، البلدات الأخرى المحسوبة على 'الحزب'. أما في الحرب الحالية، فقد تبدّل المشهد: دُمّر نحو 120 منزلًا بشكل كامل، وتضرّر نحو 400 جزئيًا، من أصل 1100 وحدة سكنية في البلدة. في هذا السياق، تشير مصادر 'محلية' إلى أنه مع اندلاع الأزمة السورية، تمكن 'الحزب' من استقطاب الشباب أو الجيل الجديد وتجنيدهم للقتال في سوريا، مقابل رواتب مقبولة، حيث اعتبرها بعضهم فرصة عمل (مع منافعها المعنوية وغيرها). أمّا اليوم، فتحوّل هذا الانخراط إلى عبء على بعض البلدات، التي 'جاهدت' وتمنت ألّا يورّطها بعض أبنائها المنتمين إلى 'حزب اللّه' في 'حرب الإسناد'.
اللافت في ما جرى ببيت ليف، أمران: أولًا، أنه فور إعلان الجيش الإسرائيلي عن رصد منشآت عسكرية تابعة لـ 'حزب اللّه' داخل البلدة، واتهامه 'الحزب' بإعادة ترميم تلك المنشآت، وجّه أبناء البلدة نداءً عاجلًا إلى قيادة الجيش اللبناني والرؤساء جوزاف عون، نبيه بري ونواف سلام، دعوهم فيه إلى 'التحرّك الفوري والاضطلاع بمسؤولياتهم الوطنية عبر الانتشار داخل البلدة وتأمين الحماية للمدنيين العزل'. وكما في بلدات أخرى، تعكس هذه المطالبة المتكررة حضور الجيش، تحوّلًا لافتًا في المزاج الأهلي، وشبه تسليم واقعي ومعنوي، بأن 'حزب اللّه' لم يعد، في نظر بعض القوى المحلية، هو الضامن لأمنهم. وأن معزوفة 'المقاومة' و 'الردع' لم تعُد 'تقرّش' لدى الأهالي.
ثانيًا، خلال الأسابيع الأخيرة، كثفت إسرائيل ضغوطها على الجيش اللبناني لتفتيش المنازل والممتلكات الخاصة في الجنوب بحثًا عن أسلحة تابعة لـ 'حزب اللّه'، وهو ما رفضته المؤسسة العسكرية، معتبرةً أن هذا النوع من التدخل قد يفجّر صراعًا داخليًا ويقوّض استراتيجيتها القائمة على نزع السلاح تدريجيًا، والتي تصفها بـ 'الحذرة لكن الفعّالة'. وفي مواجهة هذا الرفض، لجأت إسرائيل إلى تنفيذ خطتها، من خلال نشر مواقع محدّدة ووحدات سكنية تقول إنها تُستخدم لتخزين أسلحة 'الحزب'. هذا الواقع سيدفع الأهالي كما حصل في بيت ليف، إلى مناشدة الجيش اللبناني للتدخل وحمايتهم وبسط سلطته في بلدتهم، ودعوته لتفتيش المنازل، بما يوفر غطاءً أهليًّا لتحرّكه داخل القرى، باعتبار أن البديل، أي تكفل إسرائيل بالمهمّة، لن يجلب سوى الدمار والتهجير. لذا، بين كمّاشتي 'حزب اللّه' وإسرائيل، يبقى خيار الدولة اللبنانية عبر مؤسّساتها الشرعية الملاذ الأكثر أمنًا واستقرارًا لأبناء الجنوب.











































































