اخبار لبنان
موقع كل يوم -الهديل
نشر بتاريخ: ٧ تموز ٢٠٢٥
في الجنوب والضاحية الناس تجهز حقائب الخوف… وتتابع حياتها
ملأ 'أبو حسين' خزان سيارته القديمة بمادة البنزين، فيما وضَبت قريبته مريم البسة ضرورية داخل حقائبها المعتمدة، وأجرى أحمد إتصالاً باشخاص كان سكن في منزلهم في جبل لبنان أثناء الحرب الأخيرة. كل ذلك أعقب سلسلة الغارات الإسرائيلية الليلية العنيفة على بعض مناطق الجنوب والبقاع التي لم تزد عن الغارات السابقة. لكن هذه الغارات والتحليق المتواصل لطائرات الإستطلاع على علو منخفض قد تزامن مع إنتظار الرد اللبناني الرسمي على الورقة الأميركية والمواقف التي ترافقها من الأطراف داخلياً وخارجياً
إنعكست التطورات السياسية والميدانية، ومن بينها توغلات في عيتا الشعب وكفركلا، على مجمل الحياة العامة في الجنوب وضاحية بيروت الجنوبية. فسيطر الترقب والحذر والقلق الشديد على الكثير من أبناء هذه المناطق . وقد انعكس ذلك على النشاط التجاري في المدن الرئيسية، ومنها صور والنبطية، اللتان انهمكتا خلال الأيام العشرة الماضية في إحياء مراسم عاشوراء بمشاركة عشرات الآلاف من المواطنين.
لم يقتصر الخوف والترقب على المقيمين في الجنوب، بل شمل ايضاً بعض المغتربين القادمين حديثاً لتمضية عطلة الصيف بين عائلاتهم وفي ربوع الجنوب وبحره. في المقابل، كان يتلقى عدد كبير من الأهالي إتصالات من أبنائهم المغتربين في أفريقيا وأوروبا تحديداً يُبلغونهم فيها بحجز مواعيد قدومهم إلى لبنان، شرط ألا تتدهور الأوضاع أو ترتفع وتيرة الاعتداءات الإسرائيلية.
ويقول علي عيسى إنه من حق الناس أن تخاف على أرواحها وممتلكاتها، بعدما ذاقت الأمرين من الجرائم التي إرتكبتها إسرائيل بحق المدنيين وتدمير بيوتهم ومصادرأرزاقهم وإبعادهم عن أرضهم قسراً. وأكد عيسى ل' المدن'، أن زوجته عملت ليل أمس على إعادة توضيب الحقائب الجاهزة أصلاً تخوفاً من تدهور الأوضاع وقيام إسرائيل بعدوان واسع على الجنوب. مضيفاً خياراتنا أصبحت مرة مع تكرار التهجير، لا سيما وأن عشرات آلاف الجنوبيين لم يعودوا إلى بلداتهم ولم يتمكنوا من إعادة بناء أو إصلاح منازلهم التي دمرتها وتواصل تدميرها إسرائيل.
بالنسبة لأبو حسين فأنه بعد زيارة الموفد الأميركي وتصريحاته 'الهادئة' قد أخذ روعه بعد ليلة صعبة مرت عليه وعلى أولاده الصغار الذين لم تغمض جفونهم من شدة ترويع الطائرات الإسرائيلية وقصفها بعنف محيط أرزي والزرارية على مقربة من نهر القاسمية، جنوب مدينة (صور). وقال لـ 'المدن'، لقد تلوعنا خلال الحرب وفقدنا من فقدنا من أحبّة وأقارب وتضررت منازلنا. ومن البديهي أن نستعد لأي طارئ ونكون جاهزين للهروب بأطفالنا إلى مناطق مفترضة بعيدة نسبياً عن الإعتداءات الإسرائيلية كما حصل إبان الحرب عندما لجأنا إلى البقاع.
حقائب الخوف
لم تمر الحرب الأخيرة مرور الكرام على إيمان خليل (35 عاماً). فقد تدهورت صحتها الجسدية والنفسية بشكل كبير وهي ما تزال إلى اليوم تعاني من التوتر والإرباك عند سماع دوي أي إنفجار أو تحليق لطائرات العدو.
وتؤكد خليل لـ 'المدن'، بأن العدوان الإسرائيلي وما شاهدته من مجازر وقتل بدم بارد، أحدث في داخلها تصدعات كبيرة تعيق حياتها اليومية. وانطلاقاً من ذلك قامت ليل أمس بتجهيز أغراضها الشخصية تحضيراً لمغاردة بلدتها في منطقة صور إلى بيروت التي سبق أن نزحت إليها مع عائلتها.
لاحظ غزوان حلواني، أمين سر جمعية تجار صور، حركة خفيفة في أسواق المدينة القديمة. رابطاً ذلك بالعدوان الإسرائيلي الليلي أمس على منطقة الزرارية – أرزي من جهة، والعطلة الرسمية من جهة أخرى لمناسبة العاشر من محرم .
ولفت حلواني، أنه في كل مرة يشهد فيه الجنوب موجة من العدوان الجوي الواسع الإسرائيلي ' تتسمم' الأجواء العامة برمتها وتعكس نفسها على الاسواق المرتبط نشاطها أصلاً بهبوط المواطنين من بلداتهم وقراهم إلى المدينة للتسوق وأرتياد البحر.
أضاف، في الوقت نفسه نشهد منذ أسابيع قليلة بدء قدوم المغتربين اللبنانين وأيضاً الفلسطينيين المقيمين في مخيمات منطقة صور. وهؤلاء جميعاً يرفدون النشاط التجاري والسياحي في المدينة وأماكن كثيرة في منطقة صور وغيرها من المناطق الجنوبية
الضاحية : خوف مستعاد
أما في ضاحية بيروت الجنوبية، التي لم تفارقها الإعتداءات الإسرائيلية والإنذارات، فالصورة لا تختلف كثيراً عن مثيلتها جنوباً. حقائب قرب الباب، اجراءات تناقشها العائلات كخطط طوارئ، وقلق مقيم من تطورات دراماتيكية وتصعيد إسرائيلي جديد.
وعمدت بعض العائلات إلى ترك منازلها مؤقتاً والإنتقال إلى منازل خارج أحياء الضاحية حيث الأمان المفترض. وعلى رغم الحياة التي تبدو طبيعية في شوارع الضاحية الاّ انه يمكن تلمس حال القلق والتوتر، خصوصاً لدى أرباب العائلات والأهل الذين لم ينسوا بعد كل المآسي والتحديات التي اختبروها في يوميات الحرب وتداعياتها