المغاور في لبنان ثروة طبيعية ومورد سياحي ما عدا واحدة

إن الكثير من الدراسات والأبحاث تشير إلى أن عدد المغاور في لبنان يزيد عن ٦٠٠ مغارة علماً أن ثلثي عدد المغاور موجودة في محافظة الشمال. أما أقدمها وأشهرها وأجملها مغارة جعيتا إذ اكتشفت الطبقة السفلية منها في ثلاثينيات القرن التاسع عشر، أما الطبقة العليا فقد اكتشفت في العام ١٩٥٨. أما في العام ٢٠٠٩ فوصلت مغارة جعيتا إلى التصفيات النهائية لقائمة عجائب الدنيا السبع الطبيعية.

يتميّز وادي قنوبين بكثرة المغاور والكهوف (٥٠ تقريباً) والتي لجأ إليها الكثير من النسّاك في الفترات السابقة.

إنطلاقًا من المسمّيات المشهورة في المغاور (Stalagtites) و(Stalagmites) والمعروفة في اللغة العربية (المتدليات) و(المتصاعدات) وتسمّى أيضاً (النوازل) و(الصواعد) كما تسمّى (الهوابط) و(الصواعد).

وهنا على سبيل الطرفة ومن أيام المدرسة وبهدف أن نحفظ أيها النازلة وأيها الصاعدة باللغة الفرنسية إذ اكتشفنا أن الكلمتين متطابقتان إلّا في حرف T وحرف M فرمزنا إلى حرف T فعل Tomber وإلى حرف M فعل Monter وهكذا حلّت المسألة.

وسأذكر بإيجاز أسماء بعض المغاور المشهورة وغير المشهورة في لبنان:

مغارة الرويس: في قرية العاقورة أعالي مدينة جبيل. | مغارة مبعاج: (١٩٣٨) في نطاق مدينة جبيل في خراج بلدة علمات قضاء جبيل. | مغارة الريحان (١٩٣٣) في جنوب لبنان. | مغارة أفقا: ١١٠٠ متر عن سطح البحر تبعد ٨٠ كلم عن بيروت تضم شلالات كبيرة (نهر إبراهيم أو أدونيس). | مغارة الزحلان في الشمال. | مغارة قاديشا قريبة من غابة الأرز عند بلدة بشري. | مغارة كفرحيم (١٩٧٤) في الشوف. | مغارة البحيرة | كهف انطلياس | مغارة جوف تنورين وكهف بالوع بلعة | مغارة عين وزين | مغارة قانا في الجنوب. وغيرها كثير.

إن السياحة التراثية الطبيعية بزيارة المغاور إلى جانب الكهوف والهوات والمحميات هي مصادر دخل قومي مهم وتوظيف حضاري وبيئي جاذب للسياح بشكل أساسي مما يجعل هذه السياحة وسيلة فاعلة في تنمية المناطق بشكل رائع.

من هنا ألفت النظر إلى ضرورة فتح المجال في الجامعات للتخصص في مجال المغاور: اكتشافها دراستها تأهيليها وتشغيلها والطرق الصحيحة للإستغوار.

أشدّ يدي على وزارة السياحة وبلديات المناطق والمجلس الوطني للأبحاث العلمية ونوادي الإستغوار (ابتدأوا في ١٨٣٦) كما ألفت النظر إلى دراسة تمّت لمغارة جعيتا في العام ١٩٤٠ من قبل مهندسي الكلية السورية الإنجيلية AUB. وأشير إلى الأندية والمجموعات المهتمة بهذه المسألة الوطنية ومنها: ١٩٥١ النادي اللبناني للتنقيب في المغاور | ١٩٦٦ نادي وادي العرائش للإستغوار في زحلة | ١٩٨٨ مجموعة الدراسات والأبحاث الجوفية اللبنانية | ١٩٩٤ الجمعية اللبنانية لدراسات المغاور وغيرها.

والملفت أيضاً هو وجود «هوة قطين عازار» في عينطورة المتن عمقها (٥٠٧ أمتار) وهي أطول امتداد جوفي في لبنان وثاني أعمق هوة بعد «هوة فوار دارة». ونلفت أيضاً إلى «مغارة بلدة برقايل» (حيث تأوي ما يزيد عن ٥٠٠٠ من الخفافيش الوطاويط).

إن سياحة الإستغوار سوف تستقطب الجيولوجيين والمستغورين والمثقفين وعشاق الطبيعة والسياحة البيئية.

أما المغارة المستثناة في هذا المقال فهي المغارة المتحركة المتنقلة التي تظهر بيننا بين الحين والآخر هنا وهناك وهنالك على إثر فضيحة ما وهي «مغارة علي بابا» أجارنا الله منها وأبعدنا عنها.

ونقرأ في سورة البقرة قوله تعالى: {ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا ويشهد الله على ما في قلبه وهو ألد الخصام (402) وإذا تولى سعى في الأرض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل والله لا يحب الفساد (502) وإذا قيل له اتق الله أخذته العزة بالإثم فحسبه جهنم ولبئس المهاد (602)}.

ختاماً أدعوكم جميعاً إلى القيام بزيارات ميدانية لجميع المغاور والكهوف فهي تستحق منكم الإهتمام والدعم. ولتلمسوا بأمّ العين آية من آيات الخلق فسبحان الخلّاق العظيم.

عزام حوري