اخبار لبنان
موقع كل يوم -جريدة الأنباء
نشر بتاريخ: ٢١ تشرين الثاني ٢٠٢٥
بيروت ـ داود رمال
قال مصدر دبلوماسي في بيروت لـ «الأنباء» إن «إحاطة المنسقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان جينين ـ هينيس بلاسخارت أمام مجلس الأمن شكّلت لحظة سياسية مفصلية أعادت وضع لبنان في قلب الاهتمام الدولي، وكشفت بوضوح أن العالم بات ينظر إلى المرحلة اللبنانية الراهنة باعتبارها مفصلية وخطيرة في آن. فالمجتمع الدولي لم يعد مقتنعا بأن لبنان قادر على احتمال المزيد من إضاعة الوقت، ولا يبدو مستعدا لتركه يغرق أكثر في دوامة المراوحة أو الاحتماء بالحسابات الداخلية الضيقة لتبرير غياب القرارات الكبرى المطلوبة».
وأشار المصدر إلى أن «بلاسخارت تعمدت إبراز أن مرحلة التساهل مع تباطؤ القوى الداخلية في التعاطي مع مسار الحوار ومع تطبيق القرار 1701 قد انتهت، وأن لبنان مُطالب الآن بالخروج من الحلقة المفرغة التي عطّلت قدرته على بناء استقرار مستدام. فالإحاطة حملت رسائل واضحة بأن التقدم المحقق منذ تثبيت تفاهم وقف الأعمال العدائية قبل نحو عام غير كاف، وأن البنود العالقة باتت تشكل عبئا فعليا على الأمن الإقليمي وليس فقط على الداخل اللبناني، مما يجعل تحريك هذه الملفات شرطا ضروريا لمنع الانزلاق إلى مراحل أكثر تعقيدا».
وأضاف المصدر: «تشديد بلاسخارت على دور الجيش اللبناني في معالجة السلاح خارج سلطة الدولة، خصوصا جنوب الليطاني، يحمل دلالتين؛ الأولى تأكيد دولي على الثقة بالمؤسسة العسكرية كركيزة وحيدة للاستقرار، والثانية رسالة مباشرة للسلطة السياسية بأن الجيش مهما بلغت قدراته لا يمكنه وحده تنفيذ القرار 1701 من دون مظلة حكومية كاملة وتماسك سياسي يسهّل بسط سيادة الدولة بشكل فعلي لا نظري. وهذا الطرح يضع القوى السياسية أمام اختبار جديد، إما أن تتحمل مسؤولياتها وتوفر شروط الدعم الكامل للدولة، أو أن تبقى أسيرة التوازنات التي أثبتت عجزها عن إنتاج حلول».
وذكر أن «الإحاطة لم تقتصر على الجانب الأمني، بل حملت أيضا تحذيرا ماليا واقتصاديا شديد الوضوح. فالإصلاحات، كما عرضتها بلاسخارت، لم تعد شرطا تقنيا لتسهيل التمويل، بل أصبحت جزءا من معادلة الاستقرار الوطني، لأن غيابها يمنع إطلاق أي مسار تعافٍ حقيقي، ويُبقي البلاد في حلقة الانهيار. والرسالة الأممية في هذا الجانب بدت أشبه بإعادة تذكير بأن المجتمع الدولي لم يتخلّ عن لبنان، لكنه أيضا لن يمول التعطيل ولن يدعم دولة عاجزة عن اتخاذ قرارات إصلاحية أساسية».
ووفق المصدر الدبلوماسي، فإن «اللافت في الإحاطة كان ربط بلاسخارت بين تغير المشهد الإقليمي وضرورة اغتنام لبنان الفرصة المتاحة للخروج من المراوحة. فالمعادلات الإقليمية، بحسب ما فهمه من رسائل الإحاطة، ليست ثابتة، لكنها تحمل حاليا فرصة استثنائية لتثبيت استقرار طويل الأمد إذا أحسن الطرفان، لبنان وإسرائيل، التعامل معها بواقعية. إلّا أن هذه الفرصة تبقى ضعيفة ما دامت إسرائيل مستمرة في انتهاكاتها شمال الخط الأزرق وفي نشاطاتها العسكرية داخل الأراضي اللبنانية، وهذا تأكيد أممي جديد على أن الخلل لا يقع على عاتق لبنان وحده، وأن تحميله مسؤولية التعطيل لا يعكس حقيقة الصورة الكاملة».
وختم المصدر بالقول «بدت الإحاطة أقرب إلى دعوة مفتوحة للعودة إلى طاولة التفاوض قبل أن تفرض التطورات الميدانية واقعا أكثر خطورة، كما بدت بمنزلة ورقة إنذار بأن البديل عن الحوار لن يكون تثبيت الاستقرار، بل انزلاق تدريجي نحو انفجار أكبر. والرسالة الأكبر التي حملتها بلاسخارت إلى الداخل هي أن لبنان أصبح في توقيت لا يسمح بمزيد من الأخطاء، وأن الوقت المتاح لإعادة بناء الدولة لا يزال موجودا، لكنه لم يعد طويلا، وعلى القوى السياسية أن تحسن استثماره قبل فوات الأوان».











































































