اخبار لبنان
موقع كل يوم -أي أم ليبانون
نشر بتاريخ: ٢ تموز ٢٠٢٥
كتبت لارا يزبك في 'نداء الوطن':
يصرّ البعض في لبنان على تكريس 'حزب اللّه' في موقع 'حزب فوق العادة'. بعد أن فرض الأخير نفسه على الدولة اللبنانية وكلّ اللبنانيين، فريقًا وحيدًا يحمل سلاحًا ويتحكّم بقراري الحرب والسلم ويتدخّل عسكريًّا في هذه الدولة وأمنيًّا أو 'كبتاغونيًّا' في تلك، من دون أن يقول له أحد 'مرحبًا'، ها هي الدولة تقرّر اليوم منحَه امتيازًا إضافيًّا حيث تستشيره وتطلب رضاه على قراراتها الكبرى قبل أن تتّخذها! هذا تحديدًا ما هو حاصل الآن في المحادثات الجارية في الكواليس، لبلورة الردّ اللبناني الرسمي على ورقة الموفد الأميركي توم برّاك.
شريك رابع
في المبدأ، بحسب ما تقول مصادر نيابية سيادية لـ 'نداء الوطن'، صياغة الموقف اللبناني يتولّاها ممثلون عن رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون ورئيسي مجلسي النواب نبيه بري والوزراء نواف سلام. لكن في الواقع، ثمّة طرف رابع شريك في هذه الاتصالات هو 'حزب اللّه'. ربّ قائل إن الأمر طبيعي لأنّ الورقة تتطرّق إلى سلاحه، لكنّ المنطق يقول إنّ 'الحزب' فريق سياسي، وعليه أن يطبّق ما تطلبه منه الدولة، لا أكثر ولا أقلّ.
كان يمكن فهم هذا الاحتضان الرئاسي لـ 'الحزب' لو كان الأخير يبدي مرونة في التعاطي مع ملف تسليم السلاح ولو كان تجاوَب جديًّا في الأشهر الماضية، مع دعوة رئيس الجمهورية له للحوار، غير أنّ 'الحزب' مستمرّ حتى اللحظة، وعلى لسان أرفع قياداته، في تأكيد تمسّكه بالسلاح. فكيف يفسَر إجلاسُه اليوم، ولو بصورة غير معلنة، إلى طاولة إعداد الردّ الرسميّ على ورقة برّاك؟ وبأيّ حق هو يعلّق على الورقة ويعدّل في بنودها ويطلب ضمانات ويؤثّر على أولويّاتها أو يُمليها، بحيث يصرّ على أن تُعطى للانسحاب الإسرائيلي ولإعادة الإعمار لا لمسألة السلاح… فيما تُحرم كلُّ القوى السياسية الأخرى من مجرّد الاطّلاع على مسار ملف السلاح؟!
مفارقة مضحكة مبكية
والحال، تتابع المصادر، أن مجلس النواب مغيّب عن هذه المفاوضات، ما دفع بالكتل النيابية السيادية، إلى المطالبة، خلال جلسة مجلس النواب الإثنين، بوضعها في صورة المحادثات المفصلية الجارية اليوم بعيدًا من الأضواء، حول السلاح. فهذه الأطراف، المُطالِبة بتطبيق الدستور والتزامات لبنان الدولية، كلّها، مهمّشة، بينما 'حزبُ اللّه'، الفريقُ السياسي الوحيد الذي يعارض، في ممارساته كلّها، خطابَ القسم والبيانَ الوزاري، موجودٌ في صلب الاتصالات الرسمية، 'معزّزًا مكرّمًا'، في مفارقة مضحكة مبكية. فهل يقبل منطق وعقلٌ بشَريٌّ سليم، أن يُكافأ 'الحزب' على تغوّله على الشرعية والدستور، بمنحه منصبًا فخريًّا كشريكٍ للدولة في اتّخاذ قراراتها؟
الخوف من 'الوحش'
ومع تسجيلها تحفّظها على معاملة قوى سياسية بـ 'سمنة' وأخرى بـ 'زيت'، تأمل المصادر ألّا تؤدي سياسة مسايرة 'الحزب' والوقوف عند خاطره، تحت ستار الخوف من أن ينقضّ 'الوحش' الذي في داخله على اللبنانيين والسلم الأهلي، إلى تضييع الفرصة غير المفتوحة زمنيًّا التي منحها الأميركيون للبنان اليوم، لمساعدته في تحرير أراضيه وفي إعادة الإعمار والنهوض الاقتصادي، وقد تسبّبت حتى اليوم في تأخير هذا المسار 7 أشهر، منذ انتخاب العماد عون رئيسًا للجمهورية في كانون الثاني الماضي.