اخبار لبنان
موقع كل يوم -ام تي في
نشر بتاريخ: ٢٥ تشرين الثاني ٢٠٢٥
منذ التسعينيات، ترسّخ نموذج هشّ يقوم على معامل متهالكة، وهدر يناهز 40% من الإنتاج، ودعم حكومي بمليارات الدولارات من دون إصلاح. فكانت النتيجة شبكة وطنية مشلولة، ومؤسسة رسمية مفلسة، ومواطن يدفع فاتورة مرتفعة مقابل خدمة غائبة.في بلد يعيش على وقع الانهيارات والأزمات، من السياسة إلى الاقتصاد إلى الخدمات، تتجلى مفارقة صارخة: لبنان يدفع أغلى فاتورة كهرباء في المنطقة، فيما يعيش معظم سكّانه في ظلام شبه دائم، لا يعكّره سوى ضجيج المولدات الخاصة ورائحة الديزل في الأحياء والشوارع. وبحسب دراسة صادرة عن World Population Review، يتصدّر لبنان دول الشرق الأوسط من حيث كلفة الكهرباء ويحلّ في المرتبة 74 عالمياً، في مفارقة تختزل معادلة الهدر والفشل المزمن: بلد ينفق مليارات الدولارات على قطاع لا يوفر النور. فمنذ التسعينيات، ترسّخ نموذج هشّ يقوم على معامل متهالكة، وهدر يناهز 40% من الإنتاج، ودعم حكومي بمليارات الدولارات من دون إصلاح. فكانت النتيجة شبكة وطنية مشلولة، ومؤسسة رسمية مفلسة، ومواطن يدفع فاتورة مرتفعة مقابل خدمة غائبة. منذ التسعينيات، ترسّخ نموذج كهربائي هشّ يقوم على معامل متهالكة وهدر يتجاوز 40% من الإنتاج، فيما ابتلعت مؤسسة كهرباء لبنان بين 1.5 و2 مليار دولار سنوياً من الموازنة قبل الانهيار، أي ما يقارب 40% من العجز العام. ومع استمرار الاعتماد على معامل حرارية قديمة يعمل معظمها بالفيول والديزل بكفاية لا تتخطى 25–30%، وشبكة نقل وتوزيع تعاني خسائر تقنية وغير تقنية ضخمة، بات القطاع عنواناً لأزمة وطنية شاملة. وفي السياق، يبرز موقف وزير المال ياسين جابر في مؤتمر بيروت-1 بقوله إن لبنان كان من أوائل الدول التي طبّقت مفهوم الشراكة بين القطاعين العام والخاص (PPP)، وقطاع الكهرباء هو الدليل الأبرز على ذلك، مشيراً إلى نموذج كهرباء زحلة كإحدى أنجح التجارب، مؤكداً أن تبنّي هذا النوع من الشراكات سيكون الحلّ الأساس في إعادة هيكلة قطاع الكهرباء مستقبلاً.
زحلة جزيرة كهربائية في بحر العتمةوسط الصورة القاتمة، شكلت زحلة استثناءً أثبت أن الحلول ممكنة عند توافر الإدارة السليمة. فقد أنشأت المدينة نموذجها الخاص المتمثل بـشركة كهرباء زحلة، بإدارة شفافة وجباية منتظمة وفّرت كهرباء دائمة، عبر عقد تشغيلي نتجت عنه شراكة ناجحة بين القطاعين العام والخاص، حوّلت المدينة وجوارها إلى جزيرة كهربائية مستقلة عملياً في حال انهيار الشبكة الوطنية.فعلى الرغم من الانهيار المالي وندرة الوقود، لم تنطفئ المدينة بفضل خطط طوارئ فعالة وفريق تقني متأهب، ما انعكس استقرار الكهرباء في المدينة على مختلف مجالات الحياة الاقتصادية والاستشفائية والتعليمية.
أما نجاح التجربة، فمبنيّ على علاقة شفافة بين الشركة والمواطنين: فواتير عادلة، خدمة سريعة، وعدالة في الجباية مقابل التزام بالدفع وحماية الشبكة من التعديات، لتتحوّل العلاقة إلى شراكة قائمة على الثقة المتبادلة. ولم تكتف كهرباء زحلة بتأمين الاستقرار الكهربائي، بل أطلقت أول مشروع متكامل للطاقة الشمسية في لبنان وربطته بالشبكة العامة، وفعّلت نظام رد الطاقة الشمسية (Net Metering) الذي يسمح للمشتركين بضخ فائض إنتاجهم إلى الشبكة، لتصبح زحلة مختبراً وطنياً للطاقة النظيفة واللامركزية. كذلك تم تركيب أكثر من عشرة آلاف عدّاد ذكي (Smart Meter) يتيح للمواطن مراقبة استهلاكه ويوفر للإدارة دقة عالية في التوزيع والمراقبة. عطيّة: لتعميم تجربة زحلة في المناطقيرى الخبراء أن تجربة زحلة ليست معجزة، بل خريطة طريق لإصلاح قطاع الكهرباء، ويدعون إلى تعميم النموذج ضمن أطر قانونية تسمح بشراكات مماثلة في مناطق أخرى، لتحويل الضوء من سلعة نادرة إلى حق متاح. وبما أن أزمة الكهرباء في لبنان لم تعد ظرفية، بل تحولت إلى أزمة مزمنة تمس حياة الناس وقطاعات الإنتاج كافة، فإن الحل الجذري يكمن في تعميم نموذج كهرباء زحلة في كل المدن اللبنانية، وفق ما قال رئيس لجنة الطاقة النيابية سجيع عطيّة الذي وصفها بـالتجربة الناجحة للتعاون بين القطاعين العام والخاص، موضحاً أن زحلة تمكنت من تأمين التيار بشكل متواصل بفضل الإدارة الفعالة ودمج الطاقة التقليدية بالطاقة الشمسية.وقال: كل مدينة يمكنها أن تنتج طاقتها الخاصة عبر مشاريع مماثلة، بما يحقق الاكتفاء الذاتي في التغذية الكهربائية، ويخفف العبء عن الدولة والمواطنين. وختم بالقول: التحول نحو الطاقة المتجددة واللامركزية الكهربائية ضرورة وطنية لا تحتمل التأجيل، وحان الوقت لاعتماد نموذج زحلة في كل لبنان.











































































