اخبار لبنان
موقع كل يوم -المرده
نشر بتاريخ: ٢٦ حزيران ٢٠٢٥
كتب صلاح سلام في 'اللواء'
تضع الورقة الأميركية التي نقلها الوسيط الأميركي توم باراك، والتي تتناول معالجة ملف سلاح حزب الله والانسحاب الإسرائيلي من مزارع شبعا على قاعدة «الخطوة مقابل خطوة»، لبنان أمام لحظة دقيقة واختبار مزدوج: الحفاظ على سيادته الكاملة من جهة، واعتماد الواقعية السياسية والدبلوماسية من جهة أخرى.
فالطرح الأميركي، وإن بدا لأول وهلة فرصة لكسر الجمود، إلا أنه لا يخلو من محاذير. إذ يخشى أن يتحول إلى فخ تدريجي، يُطلب فيه من الدولة اللبنانية اتخاذ خطوات أحادية أو غير متكافئة في ملف دقيق، مقابل وعود غير مضمونة التنفيذ من الجانب الإسرائيلي، طالما أن الاحتلال لا يزال يماطل في الاعتراف بلبنانية مزارع شبعا وتلال كفرشوبا، ويتمسك بأوراق الضغط الأمنية في الجنوب، ويستمر في إعتداءاته اليومية ومنع عودة الحياة إلى القرى الأمامية.
في المقابل، لا يمكن للبنان الرسمي أن يرفض الورقة بالمطلق، خاصة وأنها تأتي في ظل تصاعد التوتر الإقليمي على إيقاع الحرب الإسرائيلية ضد إيران، وتزايد الضغط الدولي لتجنيب لبنان الانزلاق في حرب جديدة. ومن هنا، يجب أن يكون الرد اللبناني مزيجاً من التمسك بالمبادئ، والانفتاح على التفاوض المشروط.
الرد الأنسب هو قبول مبدئي بمناقشة الورقة، ضمن ثوابت واضحة: بحث مستقبل سلاح حزب الله في إطار استراتيجية ومتطلبات الأمن القومي، تُقرّ بالحوار وتحت سقف الدولة، ومقابل تحقيق كل خطوة في هذا المسار يتم تنفيذ خطوة من الجانب الإسرائيلي، بدءًا من وقف الخروقات اليومية في إنتهاك الأجواء اللبنانية، وصولاً إلى الإنسحاب الذي يجب أن يكون كاملاً وشاملاً لكل الأراضي اللبنانية المحتلة، وأن يتم تثبيت ذلك بضمانات دولية.
كما يجب التأكيد أن لبنان ليس ساحة مقايضات إقليمية، وأن استقراره لا يُبنى على حساب وحدته الداخلية. وبالتالي، فإن الورقة الأميركية تصلح كبداية لمسار تفاوضي قد يكون طويلاً ومعقداً، ولكن يجب أن يكون القرار الوطني اللبناني موحداً ومتوازناً بين متطلّبات السيادة، ومقتضيات الواقع الجيوسياسي المستجد في لبنان والمنطقة.
لطالما إقترحنا في مقالات سابقة أهمية إعتماد سياسة «الخطوة خطوة»، للخروج من حالة المراوحة الحالية التي تعطل البحث في الإنسحابات الاسرائيلية من جهة، وفي ملف سلاح الحزب من جهة ثانية، وتضع الدولة في دوامة التردد والإنتظار.
المطلوب أن يدير لبنان هذا الملف برؤية استراتيجية لا انفعالية، وأن يحرص على ألا يتحول إلى الحلقة الأضعف في معادلة دولية، لا ترحم المترددين ولا تُنصف المفرّطين!