اخبار لبنان
موقع كل يوم -الهديل
نشر بتاريخ: ٢٥ حزيران ٢٠٢٥
خاص الهديل…
مصطفى قهرمان
اندلعت الحرب الإسرائيلية الإيرانية، وكأنّ أحدهم ضغط فجأة على زرّ الانفجار في منطقة تعيش منذ سنوات على حافة الهاوية.. هي شرارة واحدة، كانت كفيلة بإشعال الحريق، وتماماً كما بدأت بلا مقدمات، توقّفت بسرعة مفاجئة، بعد أن شعرت الأطراف أن النيران تقترب من المحظور.
اثنا عشر يوماً فقط كانت كافية لتُسقط الأقنعة وتُظهر وجوه الحقيقة: لم تعد موازين القوى كما كانت، ولا قواعد الاشتباك كما اعتدناها؛ فإسرائيل فتحت الجولة الأولى عبر ضربة جوية مركّزة استهدفت منشآت نووية إيرانية؛ ضربة لم تكن مجرد رسالة، بل إعلان رسمي بأن الحرب خرجت من الظل إلى العلن.
إيران بدورها، كما لو أنها كانت تنتظر لحظتها، ردّت بلا تردد؛ مئات المسيّرات والصواريخ انطلقت من عمق أراضيها، نحو أهداف دقيقة، قبل أن تتدخّل واشنطن مباشرة، مستهدفة مواقع حساسة في أصفهان بضربات 'محسوبة'.. لكن المفاجأة لم تكن في القصف المتبادل فحسب، بل في كسر إيران للخطوط التقليدية، باستهداف قاعدة العديد الأميركية في قطر؛ فهذه لم تكن مجرد ضربة، بل إعادة ترسيم للحدود الحمراء.
في خلفية المشهد، كانت قطر تدير دبلوماسيتها المألوفة من خلف الستار، تدير خيوط التواصل وتفتح نوافذ للتهدئة. وبشكل درامي، أعلن دونالد ترامب عبر منصة 'تروث سوشيال' نهاية الحرب، مانحاً نفسه وسام إنجاز شخصي، في مشهد جمع بين السياسة والاستعراض.
لكن خلف الصور والتصريحات، كانت هناك أرقام قاسية: أكثر من ألف قتيل، دمار واسع، شلل في الداخل الإسرائيلي، وضغط متصاعد على إيران؛ ومع ذلك، لم تكن الخسائر هي الرسالة الأهم، بل ما حملته من دلائل: أن التفوق الإسرائيلي ليس مضموناً، وأن إيران باتت تملك القدرة على فرض معادلات جديدة.
الهدوء الذي تلا المعركة لم يكن سلاماً؛ بقيت الجبهات مفتوحة، والسماء مترقبة، لأن ما حدث لم يكن سوى جولة عابرة في حرب طويلة لم تنتهِ، تحوّلت المنطقة على اثرها إلى رقعة شطرنج جديدة، فيها الحلفاء مبهَمون، والخطوط الحمراء باهتة، واللاعبون لا يشبهون أولئك الذين كنا نعرفهم قبل اثني عشر يوماً.
الشرق الأوسط تغيّر.. لكن إلى أين؟