اخبار لبنان
موقع كل يوم -ام تي في
نشر بتاريخ: ٢٥ حزيران ٢٠٢٥
إيران بلا نووي... حسمها الرئيس الأميركي دونالد ترامب بضرب فوردو ونطنز وأصفهان مستكملًا ما بدأته إسرائيل باغتيال علماء نوويين إيرانيين وشنّ غارات على مفاعل نووية. جرّ إيران للجلوس إلى طاولة المفاوضات بلا أوراقها الرابحة، وأعلن أنّ قدراتها النووية انتهت.
منذ بدء طوفان الاقصى، وإيران تُحاول شراء الوقت لتفرض كلمتها في مفاوضات الملف النووي، إلّا أنّها تدريجًا خسرت أذرعها في المنطقة، خسرت علماءها ومفاعلها ليبقى لديها اليورانيوم المخصّب والمعدّات. ليست إيران وحدها من انتقلت من مرحلة النووي إلى مسار آخر. قبلها أوكرانيا، كازاخستان، بيلاروسيا، جنوب أفريقيا، ليبيا، العراق، البرازيل والأرجنتين... كلّها دول تخلّت عن أسلحتها النووية إمّا بشكل طوعي وإمّا بضغط دولي. فماذا عن إيران بعد النووي؟لا تريد إيران إظهار نفسها بصورة الخاسر، وبين لا للاستسلام ولا للانتحار، لعبت طهران لعبتها ما قبل الأخيرة بتنسيق ضربتها على قاعدة العُديد في قطر مع الولايات المتحدة والدوحة. حافظت على ماء وجهها بالردّ على الضربة الإيرانية وحافظت على رضى ترامب لبدء المفاوضات. أمّا اللعبة الأخيرة فستكون في خيارها الاستراتيجي للمرحلة المقبلة.
الخيار الأوّل: تُعلّق طهران التعاون الكامل مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وتستتبعه بقرار خروجها من معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية (NPT)، وخروجها يعني اتخاذها مسار كوريا الشمالية التي أصبحت دولة نووية بكل ما يحمله هذا الخيار من عزلة دولية ومزيد من التدهور الاقتصادي والاجتماعي الذي قد يولّد ردّة فعل في الداخل الإيراني. ولا تزال هناك أصوات في الجمهورية الإسلاميّة تقول: إذا تهدد وجودنا، سنغير استراتيجيتنا العسكرية ونفكر في السلاح النووي.
إنّما البراغماتية التي تتعامل بها إيران والأخذ في الاعتبار مصالحها كدولة تدفعها باتجاه استبعاد الخيار الأوّل، واعتماد خيار ثانٍّ ألا وهو العمل بديبلوماسيّة الوجهين: وجه منفتح يلاقي العالم الغربي ويحافظ على علاقته التاريخية مع إسرائيل، ووجه في الخفاء يُعيد بناء وتخزين اليورانيوم بسريّة تامة.
ليبقى خيار ثالث وهو ما تسعى إليه الولايات المتحدة كحلّ وسطي بين إيران وإسرائيل؛ تُغيّر طهران عقيدتها النووية وتستخدم النووي بطريقة سلمية تحت رقابة دولية مشدّدة واستمرار النظام الحالي في إدارة الحكم عوضًا عن سحب كلّ المواد النووية من طهران وتغيير النظام وعدم امتلاكها أسلحة تهدّد أمن إسرائيل كما تطلب الأخيرة.
كل هذه الخيارات مطروحة وتُدرس بعناية في كواليس الجمهورية الإسلامية، وصحيح أنّ تطمينات أميركية وصلت الى رأس الهرم، المرشد الأعلى علي خامنئي ببقاء النظام على ما هو عليه، إنّما استنادا إلى أي توجّه ستعيد الجمهورية الإسلاميّة بناء عقيدتها؟ حكمًا لن تكون بعيدة عن المفهوم العالمي الذي يحاول ترامب تكريسه تحت اسم السلام العالمي.