اخبار لبنان
موقع كل يوم -جريدة الأنباء
نشر بتاريخ: ١٢ حزيران ٢٠٢٥
بيروت ـ بولين فاضل
لا تنتظر مدينة البترون المواسم لتستقطب وتزدحم وتزدهر طالما عناصر الجذب والتفرد فيها حاضرة وكافية لتكون على الدوام المقصد والملاذ بلا ارتواء.
ولأن البترون هي الأزرق والسوق والسور والمدرج والقلعة وعبق التاريخ في الزمن الفينيقي، بدت الحاجة ضرورية لنشر أدلاء سياحيين وإخضاعهم لدورات تدريب تزيد من جهوزيتهم لمواكبة أي سائح أو زائر راغب بإضاءات وروايات تجول بين الأمس والحاضر.
وإذا كانت البترون نجحت في الأعوام الأخيرة في تتويج نفسها الوجهة السياحية الأولى في لبنان، فإنها تأبى أن تنام على أمجاد هذا الامتياز، وهي تسعى إلى تحصينه على طريقة سورها الفينيقي المنيع.
وفي هذا الإطار، كان الحديث عن آخر التحسينات في مدينة البترون مع أمين سر جمعية تجار البترون وقضائها ريمي فغالي الذي قال لـ«الأنباء»: «ثمة عمل يجري في الكواليس لجعل تجربة كل زائر للبترون على أكمل وجه، لذا تنظم جمعية التجار بالتعاون مع غرفة الصناعة والتجارة في طرابلس دورات تدريب دائمة لتجار البترون لتحسين أدائهم وتطوير احترافيتهم، خصوصا لناحية التعامل مع الزبائن والتسويق الإلكتروني وسلامة الغذاء».
وأكد أن «ما يميز البترون عن عداها من المدن السياحية في لبنان. هي شمولية تجربة زوارها وتعددية خصائصها واكتشاف أكثر من وجه سياحي فيها، بدءا من البحر ورياضاته والمطاعم في محيطه، مرورا بالمدينة القديمة وسوقها، فسوقها الجديدة والمتاجر على أنواعها، ومنها متاجر تعود إلى حرفيين وغيرهم، وصولا إلى فنادق وبيوت ضيافة فيها ملاذ لطالبي الراحة والرفاهية والاستجمام وأيضا لمحبي اليوغا». ولفت فغالي إلى أن «التجربة البترونية يمكن أن تمتد من الساحل وصولا إلى الجرد، لإكمال الاستكشاف وزيارة أماكن ومعالم أثرية قيمة مثل قلعة المسيلحة وسمار جبيل وبلدة دوما». وقال إن «السياح ولاسيما من الإخوة العرب هم على موعد مع أجمل تجربة هي أقرب إلى سفرة خارج الزمن». والزائر الدائم لمدينة البترون لابد أن يلاحظ ثباتا واستمرارية لبعض المؤسسات التجارية مقابل مؤسسات من النوع الذي يتغير باستمرار. وعن هذا الأمر تحدث أمين سر جمعية تجار البترون، فقال: «هناك مؤسسات عملت على الاستدامة وقد أثبتت نفسها ورسخت حضورها على امتداد أشهر السنة، وهي تعكس كثيرا الصورة الإيجابية والمشرقة للمدينة، فيما ثمة أشخاص يسمعون كثيرا عن البترون كوجهة سياحية فيجربون حظهم ويفتحون مؤسسات فيها ثم ينسحبون ويغلقون أبوابها ويأتي مستثمرون آخرون».
وعن الأسعار والرقابة عليها، قال:«نحن في سوق حرة يصعب التدخل فيها كثيرا، وبالتالي هي تغربل نفسها بنفسها، وهذا سبب من أسباب إقفال محال سعرت من دون دراية ودراسة، ولكن في العموم الأسعار في المدينة مدروسة وجيدة جدا قياسا بالجودة المقدمة».
ولم يفت فغالي التوقف عند واقع جذب البترون لصناع الأفلام والمسلسلات والوثائقيات لتصوير أعمالهم فيها، كما حصل أخيرا مع مسلسل «بالدم» الذي يأتي متابعوه اليوم إلى المدينة ويسألون عن مواقع تصويره وبيوت أبطاله.
في اختصار للمشهد السياحي في البترون، يمكن القول إن المدينة بدأت «تغلي» بالزوار والسياح، وحر أيام الصيف «يعالجه» كوب من مشروب الليموناضة المنعشة التي تشتهر بها المدينة. وفي كل ركن من أركان البيوت اللبنانية النموذجية في الأزقة، تماس بين المارة أو الزوار وأهل المدينة الذين يتصفون بلطف الملقى والترحاب بالغريب قبل القريب. وربما يرتشف الزائر فنجان قهوة ويستريح على شرفة أحد البيوت ملبيا دعوة أصحابها المذيلة بعبارة: «تفضل ع فنجان قهوة.. أهلا وسهلا..البيت بيتك».